محمد عشماوى: ترتيب مصر فى التمويل الإسلامى تراجع فى عهد «المعزول»
أكد محمد عشماوى رئيس مجلس إدارة المصرف المتحد، المملوك للبنك المركزى بنسبة 100%، أن الاقتصاد المصرى بدأ يتحسن خلال النصف الثانى من 2013 وهو ما انعكس على أعمال مصرفه خلال الشهرين الأخيرين من العام الماضى، مؤكدا أن المستثمرين العرب أكدوا نيتهم الاستثمار فى مصر، وفيما كشف عشماوى فى حواره لـ«الوطن» عن تفاصيل خطة تخارج البنك المركزى من مصرفه بعد أن نجحت عملية إعادة هيكلته وتغطية الخسائر وتحقيق أرباح صافية لأول مرة، إلا أنه شدد على عدم وجود أى نية لبيع البنك لمستثمر استراتيجى، وأنه تجرى دراسة سقف الحصص التى سيتم بيعها بما يتراوح بين 5% و10%.
■ إذا أردنا تقييم تجربة «المصرف المتحد» المملوك للبنك المركزى المصرى واستحواذه على 3 بنوك كانت معرضة للإفلاس فى 2006، فمن أين تبدأ؟
- تقييم البنك هو تقييم لتجربة تدخل الدولة عبر البنك المركزى وتحمله إعادة الهيكلة ودفع 3 مليارات جنيه وديعة مساندة، ورفع رأسماله إلى مليار جنيه، لدمج البنوك التى خسرت رؤوس أموالها ونحو ثلثى الودائع، هكذا كان الوضع.
ونجاح إعادة هيكلة 3 بنوك خاسرة دون وجود بنك قوى دامج عنده فريق متكامل، فريد من نوعه على مستوى العالم، حيث تمت تجارب مماثلة فى كوريا وأستراليا إلا أنها فشلت جميعا، فيما كانت التجربة الوحيدة الناجحة فى مصر، وفى نهاية 2012 حصلنا على شهادة من الجهاز المركزى للمحاسبات ومكتب حازم حسن بكفاية المخصصات بقيمة 6.4 مليار جنيه.
أريد أن أشير إلى أن النتائج التى وصلنا إليها والانتهاء من عملية الهيكلة وصلنا إليها بمصريين ولم نستعن بأجانب أو هنود أو غيرهم واشتغلنا بالناس الموجودة فى البنوك المدمجة نفسها.
■ ما جهود إعادة الهيكلة على الصعيد الفنى؟
- البنك تمت إعادة بنائه من الأول، وتم عمل بنية تحتية كاملة لنظم المعلومات والحاسب الآلى تؤهله لتنفيذ استراتيجية متكاملة، بما يتواءم مع أحدث الأنظمة لنصل إلى مستوى نتمكن من خلاله من مخاطبة المشروعات الصغيرة والمتوسطة وفئات «بى» و«سى» من العملاء، ولم تكن استراتيجيتنا تستهدف المنافسة، لذا بدأنا بالعمل مع تلك الفئات من العملاء التى لا يتطلع إليها كثيرون، خاصة أنهم أكبر أصحاب الودائع فى البنوك، وهناك تجارب تؤكد ذلك فى إيطاليا والنمسا وهى تبنى مع الوقت، لأن ذلك القطاع يجنب من أرباحه مدخرات طويلة الأجل.
■ ما تطورات الأداء المالى للبنك؟
- ميزانية البنك ارتفعت من 6 مليارات جنيه فى 2006 إلى 19 مليار جنيه بنهاية 2013، وإجمالى الودائع ارتفع إلى 12.5 مليار جنيه من ودائع متآكلة، محفظة التمويل النظيفة حاليا تصل إلى 5 مليارات جنيه.
أغلقنا ميزانية 2013 بصافى أرباح لأول مرة فى تاريخ البنك، والعائد على الملكية لن يقل عن 25%، وذلك بعد أن تمت تغطية المخصصات فى نهاية 2012، الأهم هنا هو أننا التجربة الوحيدة التى نجحت حول العالم، خاصة أنه لا يوجد بنك دامج، وأن الرقيب هو من يتحمل المخاطرة، لكننا فى نفس الوقت استعنا بخبرات وتم تحديث الأنظمة.
البنك المركزى عندما تدخل فى البنوك الخاسرة تمت مهاجمته بشدة، كيف يكون رقيبا ومالكا من قبل المؤسسات العالمية؟ لكن بعد الأزمة المالية العالمية فى 2008 قامت بنوك مركزية بعمل نفس التجربة وبالتالى غيرنا نظرية البنوك المركزية التى كنا ندرسها فى الكتب، وتمت إضافة نشاط التدخل الوقائى فى ظل الأزمات، وهاجمنا البنك الدولى فى تقريره لعام 2007، وقال إن البنك المركزى بدأ يمتلك بنكا بدلا من خصخصته، وهو اتجاه لم يروه جيدا فى ذلك الوقت، بينما أكد تقريره لعام 2008 أنها سياسة جيدة وتحمل بعد نظر، وهو إجراء غير مسبوق.
البنوك المركزية التى امتلكت مصارف فى العالم، ومنها بنك إنجلترا المركزى، لم تستطع التخارج منها حتى الآن، لكننا فى المصرف المتحد اليوم بعد أن أغلقنا الخسائر وحققنا أرباحا يستطيع البنك المركزى بيع حصته فى أى وقت يراه مناسبا.
■ ما أصعب ما واجهته فى بناء كيان استحوذ على 3 مؤسسات خاسرة؟
- إحنا أول ما جينا البنك هنا وقلنا هنعمل فيه إيه محدش كان مصدقنا، وكان أصعب ما واجهناه هنا أنه توجد 3 ثقافات مختلفة داخل البنك، وهى ثقافة بنك النيل كمؤسسة عائلية ومعظم العاملين ينتمون إلى نفس الأسرة أو المحافظة وكانت مركزة فى تمويل عمليات التجارة وهى كانت فكرة جيدة، فيما كانت هناك تخوفات قوية من العاملين بالمصرف الإسلامى تعكس حالة من الذعر لأن تتخلى المؤسسة الجديدة التى استحوذت على مصرفهم عن التوجه الإسلامى، لذا إعلان التأسيس تضمن الاستمرار فى التمويل الإسلامى، ولم نغير تلك الاستراتيجية التى تم وضعها فى 2006 إلى الآن، ووصلت نسبة الإسلامى إلى 40% من التمويل و60% من الودائع، ويرجع انخفاض نسبة التمويل إلى عدم وجود مشروعات ضخمة تطلب تمويلا إسلاميا بالشكل الكافى لرفع تلك النسبة، بينما تمويلات الأفراد كلها تتوافق مع أحكام الشريعة، خاصة أن شروطها أفضل وأيسر على العملاء.
رسالتنا فى 2014 لن نتكلم عن اقتصاد إسلامى لكننا سنتحدث فى رسالتنا الجديدة عن إنسانية وأخلاقيات الاقتصاد، أنا مش عاوز أقول إن دا إسلامى ودا لا، سنتحدث عن حقوق العملاء المستقاة من الشريعة الإسلامية، وأريد أن أشير إلى أن المشرعين فى الاتحاد الأوروبى بدأوا يرون قواعد التمويل وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية، ويدخلونها ضمن مقررات بازل، حتى لا تحدث صدمات، والهدف هنا هو البحث عن منتجات مالية جيدة.[ThirdQuote]
■ كانت نسبة التمويل الإسلامى 5% قبل الثورة، وتراجعت فى ظل حكم الإخوان ورصدت التقارير العالمية تراجع ترتيب مصر بين الأسواق التى تقدم خدمات التمويل المتوافق مع أحكام الشريعة درجة واحدة، فما تعليقكم؟
- طبعاً.. والنظام السابق لم يأخذ أى خطوات فى ذلك الاتجاه حتى الآن، والدليل على ذلك لم يفلح إلى نهايته فى إصدار قانون الصكوك الإسلامية، رغم أنه مستقر فى السعودية والكويت والبحرين وماليزيا ودخلوا فى فتاوى وخناقات مع بعض وتوهوا الناس، والمواطن أصبح قلقا من وضعنا فى قالب معين، فنحن نعمل فى التمويل الإسلامى من زمان، لكن طريقتهم جعلت هناك حالة من عدم الارتياح.[SecondImage]
نظام الحكم الإسلامى لم يكن واضحا ولو اتخذ خطوات جدية، وأصدر صكوكاً وأدوات أخرى لكانت هناك حالة من الارتياح بين المواطنين تجاههم.
■ بما أن البنك يعمل فى التمويل الإسلامى هل حصل نوع من التواصل مع جماعة الإخوان عندما كانوا فى الحكم؟
- لم يكن لديهم عزم أساسا لنمو التمويل الإسلامى، فنحن البنك المصرى الوحيد الذى يعمل فى التمويل الإسلامى ومملوك للدولة من خلال البنك المركزى، وكل الناس فكرت إنهم هينسقوا معانا لزيادة التمويل الإسلامى.[SecondQuote]
■ ما خطتكم كبنك للفترة المقبلة؟
- أود أن أشير إلى أن مرتبات العاملين بالبنك كانت 84 مليون جنيه ارتفعت إلى 240 مليون جنيه، وتم تعيين 350 خريجا جديدا بتقديرات جيد، لأن متوسط أعمار الموظفين كان مرتفعا، وركزنا على البعد الاجتماعى حتى للأفراد غير المنتجين لهم ولأسرهم، وبالتالى فإن نجاح إعادة هيكلة البنك اعتمد بشكل أساسى على تطوير تلك العمالة وبناء كوادر وتصديرها إلى السوق.
■ ما خطتكم لعام 2014؟
- خطتنا للعام الجارى زيادة حصتنا السوقية وعدد الفروع، وسنركز بشكل قوى على المشروعات المتوسطة، ونستهدف نموا قدره 25% على مستوى الميزانية، لكل عام على مدار السنوات الثلاث المقبلة، وأريد أن أشير إلى أن استراتيجيتنا مرنة مع متغيرات السوق، ونعمل حاليا فروعا إلكترونية، ونستهدف التوسع فى ذلك المجال، خاصة بعد ارتفاع ثقافة المواطنين المصرفية والتكنولوجية بعد الثورة، وصرف المرتبات عبر ماكينات الصراف الآلى.
نتوسع فى المدفوعات الإلكترونية وقبل الفترة الماضية لم تكن البنوك مهتمة بتحويلات الأموال الواردة من الخارج، نظرا لأن العملة كانت متوافرة فى السوق، لكننا نظرنا للأمر بأهمية ونستحوذ على 5 إلى 7% من تحويلات الأفراد الواردة من الخارج.
■ كان من المخطط أن يتخارج البنك المركزى من المصرف المتحد بعد تحقيق أرباح فما التحركات فى ذلك الملف؟
- استراتيجية تخارج البنك المركزى ستتم على مراحل، وستتم عبر طريقتين، زيادات فى رأس المال، «المركزى» لا يدخل فيها، وبالتالى تنخفض حصته فى البنك، إضافة إلى بيع أسهمه فى البورصة المصرية، لكن كلها ستتم بعد إعلان أرباح البنك حتى يتم تسويق الأسهم بشكل جيد، كما أن توقيت الطرح ستحدده توجهات السوق ومدى استقرارها وتقبلها لطروحات جديدة، ومستبعد استبعادا تاما بيع البنك لمستثمر استراتيجى، والمستهدف أن يكون بنكا محليا، لأنه ثبت خلال الفترة الماضية أن اللى شال البلد هى البنوك المحلية.[FirstQuote]
والمخطط بعد اعتماد الميزانية نسعى لرفع رأس المال بما يتراوح بين 500 مليون جنيه إلى مليار جنيه، ندرس طرحها على مرة واحدة، ستدعم قدرتنا على المنافسة داخل السوق.
■ هل ستتم تلك الزيادة من خلال الطرح فى البورصة؟
- الزيادة فى رأس المال على مراحل، الأولى عبر اكتتابات خاصة لمؤسسات مالية محلية أو دولية من البلدان التى تمثل بعدا اقتصاديا لمصر خلال المرحلة المقبلة، وبدأنا مخاطبات فى هذا الشأن مع 4 جهات من الدول المهتمة بالتمويل الإسلامى، جهة منها أرسلت موافقة مبدئية للاستثمار فى رأسمال المصرف المتحد.
■ هل هناك سقف لمساهمة المستثمرين فى رأسمال البنك؟
- ندرس أن تتراوح مساهمة المؤسسات فى رأسمال البنك بين 5% و10%، على ألا تقل حصة البنك المركزى فى المرحلة الأولى عن 51% من أسهم البنك، وأعتقد أن تلك الخطة ستحقق قيمة أكبر للبنك وتدعم تنافسيته للسوق.
■ ما تكلفة إعادة هيكلة البنك؟ وما القيمة المضافة؟
- إذا أردنا وضعها فى أرقام يمكن رصد ذلك من خلال حوالى 6.4 مليار جنيه مخصصات، ونحو 300 مليون جنيه للهيكلة الفنية ونظم المعلومات ومضاعفة المرتبات أكثر من 3 مرات، والمصاريف الثابتة والإهلاكات، وأعتقد أنه يقدر بحوالى 7.5 مليار جنيه حتى نهاية 2012.
■ ما وضع المحفظة المتعثرة؟
- تمت تغطيتها بالكامل، والمهم هو أن التمويلات الجديدة جيدة، والمشاكل الموروثة تم فصلها عن محفظة التمويل القائمة، وهناك فرق عمل تعمل على تسوية وجدولة المديونيات وتعويم عملاء آخرين.
فى 30 يونيو 2006 كانت الديون المتعثرة 6.4 مليار جنيه حاليا انخفضت إلى أقل من 2 مليار جنيه، حيث قمنا خلال السنوات الماضية بتسوية نحو 4.4 مليار جنيه قروضا متعثرة.
■ بعض المؤسسات العالمية رصدت تحسنا فى حركة الاقتصاد المصرى وتحديدا فيما يتعلق بالقطاع الخاص هل انعكس ذلك على التعاملات المصرفية؟
- بالطبع البنوك تشعر بأى تحسن على أرض الواقع، ومن شهر أكتوبر 2013 أصبح هناك طلب على السوق العقارية، وبالفعل فإن آخر شهرين فى العام الماضى بعنا فيها أكبر كمية أصول، تعادل 200%، مقارنة بما تم بيعه طول العام.