مواطنون: محور صفط اللبن "ده كوبري الموت.. والحل لجان مرورية"
محرر «الوطن» يتحدث مع سائق توك توك
مع دقات الثانية ظهراً فى يوم ١١ سبتمبر من العام الحالى بدأت الأصوات تتعالى.. الرجال يهرولون والنساء يصرخن والأطفال يبكون.. لحظات مرعبة عاشها سكان منطقة بولاق الدكرور بعدما سقط ميكروباص من أعلى محور صفط اللبن بعد اصطدامه بالسور الحديدى للمحور، ما جعله يرتطم بالأرض ساقطاً من ارتفاع يزيد على ٢٠ متراً.
لم تكن تلك الحادثة المروعة هى الأولى من نوعها، كما أنها ربما لن تكون الأخيرة، فبعد أقل من أسبوع من حادثة السقوط اصطدم ميكروباص بالسور الحديدى للمحور، ما أدى إلى انقلاب السيارة وأصيب فيها ٧ أشخاص، بحسب محمد مصطفى، ٢٧ سنة، تاجر، وأحد سكان منطقة صفط اللبن، لذا فإن الحوادث تتكرر بشكل دورى، مشيراً إلى أن سرعة السائقين الجنونية هى العامل الأبرز المتسبب فى تلك الكوارث، على حد وصفه، مؤكداً أن السور الحديدى للمحور لا يمنع سقوط السيارات حال اصطدامها ببعضها، ما يؤدى إلى سقوطها من أعلى الكوبرى: «اتعودنا على الحوادث، كل يوم نشوف حادثة قدام عنينا، لدرجة إننا بنسميه كوبرى الموت، لحد دلوقتى بنمشى خايفين نلاقى حاجة واقعة فوقنا، سواء بقى عربية أو حتة حديد من الكوبرى».
يروى «محمد» ذكرياته مع حوادث السير بالمحور ممسكاً دموعه التى أوشكت أن تنهمر بعدما تذكر بعضاً من تلك اللحظات التى وصفها بأنها «مأساوية»: «شفت بعنيا أوتوبيس خبط فى السور ودخل على بلكونة قريبة من الكوبرى، لأن المحاور والمنحنيات بتاعة الكوبرى قريبة جداً من البيوت، يعنى ممكن لو عربية بتجرى بسرعة شوية عادى ممكن تنط جوه البيوت».
أصحاب الميكروباصات: "مش كل اللوم علينا لأن محاور الكوبرى بتاعته صعبة جداً.. والسور واطى جداً ما بيمنعش سقوط العربيات"
يستنكر «محمد» اقتراب المحور من المبانى بشكل قد يهدد حياة الأسر المقيمة بها: «إزاى اللى عمل التصميم مخدش باله من وجود كل البيوت دى، وحتى المنحنيات مفيهاش مطبات تجبر السواقين يهدوا السرعة»، ويضيف: «كنت شاهد على حادثة سقوط الميكروباص، ولو كان فيه سور خرسانى مكانش كل الناس دى ماتت، ليه مايكونش فيه وسائل أمان، ده حتى السور اللى اتعمل ارتفاعه مايزدش عن ٥٠ سم، ليه مايكونش فيه خرسانة بنفس ارتفاع الأسوار اللى قصاد المؤسسات المهمة، ارتفاع كبير، علشان لو حصل تصادم العربيات ماتقعش».
يشير «محمد» إلى أن حوادث التصادم لن تتوقف حتى يتم تثبيت لجان مرورية أعلى الكوبرى فى الاتجاهين مع تحريك إحدى اللجان على المحور: «السواق بيلاقى الطريق فاضى، خصوصاً الحارة الأولى، فبيجرى ولا بيشغل باله بالسرعة القصوى فى المنحنيات، وفجأة بيلاقى نفسه داخل فى السور اللى هو أصلاً شكل مش أكتر، يعنى من أقل خبطة بيتكسر ويقع، ودى مصيبة لوحدها».
ويقول أحمد عمر، صاحب مطعم بالقرب من المحور: «السواقين هنا السبب، لأنهم بيستعملوه غلط، أنا لما بطلع فوق الكوبرى بشوف العجب، ألاقى عربيات بتاخد غرز وبتتسابق، ده غير الموتوسيكلات اللى وجودها لوحده بيعمل كوارث، ورغم الأخطاء دى، لكن لازم يكون فيه وسائل أمان أكتر تحمى الناس من السقوط من الكوبرى وده هيقلل نسب الوفيات بسببه، يعنى الكوبرى ده زيه زى غيره، والسرعة موجودة على الطرق، ومحدش بيتعلم من أخطائه، لكن عيوب التصميم فى الكوبرى ده بتزود خطورته، ولازم يكون فيه حل جذرى».
يتذكر «عمر» صديقه المقرب عندما مات بعدما اصطدم الموتوسيكل الخاص به بالسور الحديدى للمحور وحاول التشبث به ولكنه لم يستطع إنقاذه: «مات قدام عنيا ومعرفتش أعمل له حاجة، والسبب إن السور ضعيف، مش بسبب صاحبى، لأنه داخ وهو على الكوبرى، ولما خبط فى السور وقع بيه على الأرض ومات فى وقتها».
وينكر السائقون تلك الاتهامات، مؤكدين أن السبب الرئيسى يرجع إلى أخطاء التصميم والتى تؤدى إلى زيادة معدلات التصادم بين السيارات، فيقول محمود عبدالعزيز، سائق، إن المنحنيات فى الكوبرى خطرة: «مش إحنا السبب فى الحوادث، والميكروباص اللى اتقلب من أسبوع السواق كان صاحبى، وجاتله نوبة سكر وهو سايق، فخبط فى السور واتقلب، لأن السور قصير».
ويطالب «عبدالعزيز» بضرورة تقوية السور وزيادة ارتفاعه حتى يمنع سقوط السيارات: «لازم يكون فيه توقع لأخطاء الغير، والسور الحديد ضعيف ولما بيقع بيلحموه تانى وخلاص، وحتى السور الخرسانى ارتفاعه قليل، يعنى لو عربية عالية شوية خبطت هتطير من فوقه»، مشيراً إلى أن «المطبات» والإرشادات غير كافية لتقليل سرعة السيارات، حيث إن الطابق الثانى من الكوبرى لا توجد به لوحات إرشادية.
سائق توك توك: "كل حادثة بتحصل فى البلد بيتقال إننا السبب فيها لكن الكوبرى ده تحديداً ما لناش علاقة بحوادثه لأننا ممنوعين نطلعه"
سائقو التكاتك بدورهم يؤكدون عدم تحملهم مسئولية هذه الحوادث، ويقول سعيد محمد، سائق توك توك، إنهم لا يمكنهم صعود المحور نظراً لحظر السير عليه: «كل حادثة بتحصل فى أى مكان بيتقال إننا السبب، لكن المرة دى ملناش علاقة، لأننا ممنوع إننا نطلع الكوبرى، وأى كلام بيتقال عننا غلط، والمنحنيات فعلاً صعبة، وتقلب أجدع سواق، والحل فى مطبات كتير، تجبر الناس تمشى بالراحة، لأن خلاص الوضع مش هيتغير، يعنى مش هندوس على زرار نغير المحور»، مطالباً بضرورة وجود رادار وغرامة فورية: «الحل فى رادار والدفع يكون فورى وماتكونش غرامة بسيطة، لأ لازم تكون غرامة توجع».
ويرى محمود عبدالعزيز، موظف، أن غياب لجان المرور هو العامل الأبرز المتسبب فى تلك الكوارث: «كان فيه لجنة بتقف عند طلعة الشوربجى، دلوقتى مابقتش تقف»، منتقداً الأسلوب المتبع فى الصيانة، حيث يشير إلى أن وضع السور الحديدى لا يناسب السرعات على المحور: «الحديد لازم يتغرس فى الكوبرى ويتعمل تحته خرسانة ٥٠ سم على الأقل بعدها الحديد يتحط فيها ويكون عالى علشان مفيش عربيات تقع تانى»، ويتابع: «المطبات اللى عملوها نصها بالظبط اتشال، لأن العربيات بتجرى بسرعة وفجأة تلاقى المطبات دى فالسواقين يمسكوا فرامل، وده بيشيل المطبات الصغيرة».
وشهد المحور بعض الإصلاحات بعد سقوط الميكروباص، حيث تم إصلاح السور الحديدى وتثبيت آخر خرسانى بارتفاع قليل، إلى جانب وضع بعض المطبات الهوائية والإرشادات المرورية، وصعدت «الوطن» أعلى الكوبرى ورصدت عدم وجود لافتات لتقليل السرعة فى الطابق الثانى للكوبرى المكون من طابقين، كما أن السور ذو ارتفاع قليل لا يمنع السيارات من السقوط، المشهد من أعلى يثير الرعب نظراً لارتفاع الكوبرى عن الأرض، مع عدم وجود حواجز تحجب رؤية الأرض، ما يثير قلق السائقين من السقوط، سرعة السيارات جنونية، نظراً لعدم وجود عدد كبير من المطبات التى تجبر السائقين على تقليل السرعة، كما أن الكوبرى يخلو تماماً من الوجود الشرطى، ما يؤدى إلى ارتكاب مخالفات عديدة أبرزها تجاوز السرعة المحددة، فى الطابق الأول من الكوبرى كانت هناك بعض الإصلاحات التى تبدو حديثة نوعاً ما، حيث تم بناء سور خرسانى بامتداد قد يصل إلى ٥٠ متراً فقط، على مسافات متقطعة، فى الناحية اليسرى عند الصعود من اتجاه جامعة القاهرة، لكنها ليست بالارتفاع الذى يمنع السقوط، إلى جانب بعض اللافتات التى تشير إلى أن السرعة القصوى هى ٦٠ كيلومتراً فى الساعة، وفى المنحنيات القصوى ٤٠ كيلومتراً فى الساعة، ولكن يبدو ألا أحد يلتزم بتلك الإرشادات، كما أن وقوف السيارات بجوار المحور يعد إحدى المخالفات العديدة التى يرتكبها السائقون، إلى جانب السرعات الجنونية لسائقى الموتوسيكلات.