دروس تقوية مجانا بدور الأيتام.. والمقابل: "طاقة إيجابية وحماس وبركة"
شاكر عبدالفتاح مدرس ثانوى مع طلابه
فى الوقت الذى يوصف فيه بعض المدرسين بالجشع لتقاضيهم رسوماً مرتفعة فى الدروس الخصوصية، قدم آخرون نموذجاً إيجابياً للمعلم القدوة، وتبرعوا بأوقاتهم وخبراتهم لصالح طلاب دور الرعاية، ومن يعانون من ظروف مادية صعبة، رافعين شعار «دروس بالمجان لوجه الله».
على مدار 19 عاماً عمل شاكر عبدالفتاح فى تدريس مادة الرياضيات لطلاب المرحلتين الإعدادية والثانوية، ومنذ أن كان طالباً فى الجامعة فكر فى مساعدة أصحاب الظروف الصعبة بعلمه: «وأنا فى رابعة كلية، عرفت إن من بين جيرانى طالب يتيم، فقررت على الفور مراجعة الدروس معه، وفى المسجد المجاور لبيتى كنت ألتقى بالطلاب الأيتام وأساعدهم على فهم دروسهم بالمجان».
ظل «شاكر» يقدم العمل التطوعى خلال سنوات عمله، لكن دون أن يدرى أحد به، إلى أن فكر فى الإعلان عن ذلك على مواقع التواصل الاجتماعى لتعميم الفائدة: «الغريب أن البعض افتكر إنى مدرس ضعيف وأروج لنفسى على غير الحقيقة»، يشترط «شاكر» أولاً أن يثق فى الطالب ويتحقق من ظروفه: «البعض يدّعى بؤس الحال والفقر، أو يمارس شغباً فى الحصة، ويكون مستهتراً لأنه لن يدفع فى الحصة، هنا لا أقبل به، باستثناء ذلك، أذهب إلى دور الأيتام، أو أقبل انضمام أيتام لمجموعاتى مجاناً».
مدرس الرياضيات، بعد 5 سنوات من تخرجه، كان يساعد 4 أيتام فى المرحلة الثانوية على فهم منهج الرياضيات فى المسجد، ثم قرر الذهاب لمكان إقامتهم، وفوجئ بضعف الإمكانيات، لدرجة أنه كان يراجع لهم الدروس على طبلية، والمفاجأة كانت التحاق 3 منهم بكلية الهندسة: «تفوقهم منحنى تقديراً معنوياً عظيماً لا يقل أبداً عن أى عائد مادى أتقاضاه عن حصة أخرى لطالب ميسور الحال».
المدرس الذى يتبرع بحصة مجانية حتماً سيرزق بأخرى بسعر مضاعف، مبدأ يؤمن به «شاكر» منذ أن بدأ مشواره فى التدريس.
عاطف فضل، مدرس لغة إنجليزية حديث التخرج، فكر فى عمل يعود عليه بالثواب، ويخدم به مجتمعه، فاستقر على تخصيص يوم لتقديم دروس للأيتام: «كان نفسى أعمل حاجة لربنا من وأنا صغير، الدروس الخصوصية مكلفة فى مصر، وطلاب كتير يتعذرون فى تدبير تمن الحصة، فقررت أساعدهم بدرس خصوصى أو مجموعة تقوية مجاناً». شرط وحيد لا يتنازل عنه «عاطف» لقبول الطالب وهو الالتزام: «لازم يلتزم معايا فى الواجب والتكليفات، لدى أسلوب خاص فى التعامل مع الطالب، سواء كان يتيماً أو غيره، من يصدر عنه أعمال شغب يحرم من الحصة ويكون ملزماً بالحضور فى المرة التالية وسؤاله فى الدرس السابق مثل باقى زملائه».
«عاطف»، ابن محافظة المنيا، يتنقل بين القاهرة ومدينة «مغاغة»، وفى كلا الموقعين يحاول تقديم خدمات للأيتام: «طول الأسبوع أقيم فى القاهرة، بينما أقضى الجمعة والسبت فى مدينة مغاغة، أى يتيم أو طالب يعانى من ظروف مادية صعبة، يتواصل معى، ومنعاً لأى حرج بمجرد ما يقول للسكرتارية أنا تبع مستر عاطف، يسمح له بحضور الدرس». يلمس «عاطف» من بعض الطلاب الأيتام حماساً، لكنهم دائماً يحتاجون من يأخذ بأيديهم: «لا أؤمن أن هناك طالباً مصرياً غبياً، ولمست تفوقاً كبيراً لطلبة أيتام فى مرحلة ثانوى».
فى السيدة زينب، يقدم جمال أحمد، مدرس اللغة العربية، مجموعات تقوية لطلاب من متوسطى الحال، بينهم أيتام، مرتين أسبوعياً، كما يذهب لإحدى دور الرعاية بمنطقة مدينة نصر، التجربة التى رأى أنها أضافت له الكثير: «الناس فاكرة إن المدرس هو اللى بيضحى بوقته بالمجان، على عكس الحقيقة، طاقة إيجابية وحماس وبركة فى الوقت والصحة يشعر بها لما يساعد غيره.