في ذكرى ميلاد السندريلا.. سعاد حسني بين بهجة الشاشة ووجع الحياة
سعاد حسني بدأت طفلة في برنامج "بابا شارو" واكتشفها الخميسي سينمائيًا
سعاد حسني
"رايحة فين ياشقية.. رايحة اتهنالي شوية، أنا فاضية محاضرتين"، رددتها الطالبة زينب عبدالكريم الشهيرة بـ "زوزو"، في نهاية فيلم "خلي بالك من زوزو"، الذي حقق نجاحًا جماهيريًا وإيرادات غير مسبوقة في تاريخ السينما المصرية، والذي قدمّت من خلاله الفنانة سعاد حسني، دورًا به خليط من البهجة، والمرح، والألم في نفس الوقت.
هى "زوزو"، التي تغني بشقاوتها في فرقة والدتها "العالمة" نعيمة ألماظية، "حلاوة بقلاوة.. شِنجر بِنجر نو الهوئة..عروسة ننوسة وعريسها أكل الجو حدوئة"، وهي الطالبة في نفس الفيلم التي رفضت لقب ملكة جمال الكلية، واستجابت لأصدقائها فورًا بمنحها لقب آخر، "بتقولوا لقب الفتاة المثالية.. أهو ده مقدرش أقول فيه لاء..لكن أقول أشكركم آآاه أشكركم".
تفوقت السندريلا سعاد حسني، على نفسها في هذا الفيلم، في الوقت الذي غنت فيه "ياااه ياااه ياواد ياتقيل"، تحولت بعد ذلك بشكل تراجيدي في مشهد آخر تساند والدتها التي استدعتها إحدى أقارب حبيبها في حفلة ما لإحراجها أمام الجميع بأمها "العالمة"، لتقرر"زوزو" الرقص بدلًا من والدتها، وبمرارة شديدة يتمايل جسدها على صوت شفيق جلال، "لا تبكي ياعين على اللي راح".
كانت حياة سعاد حسني، أشبه بأحداث هذا الفيلم، الذي كتبه صلاح جاهين، وأخرجه حسن الإمام، مليئة بالتناقضات، جمعت بين السعادة والشقاء، ولكن مع الفارق بأن نهايتها لم تكن مُبهجة مثل الفيلم الذي استقرت فيه "زوزو" مع حبيبها، ولكن سقطت رمز الشقاوة من أعلى شرفتها في لندن في 21 يونيه عام 2001، وأصبحت "جثة هامدة" ورحلت عن هذا العالم حاملة معها أوجاعها و خزينة أسرارها.
في مثل هذا اليوم 26 يناير 1943، ولدت سعاد حسني، لعدد كبير من الأشقاء، تزوجت شقيقتها "سميرة"، من كاتب أغاني اسمه أحمد خيرت، والذي قدّم الصغيرة في برنامج "بابا شارو" الإذاعي، واشتهرت الطفلة بأغنية "أنا سعاد أخت القمر.. بين العباد حسني اشتهر".
تميز الأب بإتقانه فن الخطوط، واتجه عدد من أبنائه إلى عالم الفن الذين سبقوا سعاد، منهم عازف الكمان، والرسام، وكانت أشهرهم على الإطلاق الفنانة نجاة الصغيرة، التي كانت تكبر "سعاد" بسنوات قليلة.
كان عبدالرحمن الخميسي، صديقًا لأسرة "سعاد"، ورأى موهبتها اللامعة في عينيها، وقدمها إلى المخرج هنري بركات، الذي كان يبحث عن وجه جديد لفيلم من إنتاج محمد عبدالوهاب، وبالفعل ظهرت سعاد حسني، على شاشة السينما عام 1959، في فيلم "حسن ونعيمة" مع الشاب الجديد محرم فؤاد، وحقق الفيلم وقتها نجاحًا كبيرًا.
ومع بداية الستينيات، انطلقت الفنانة سعاد حسني، إلى عالم الشهرة والنجومية، وقدمت عددًا من الأفلام الناجحة، منها "إشاعة حب" مع عمر الشريف ويوسف وهبي، و"البنات والصيف" مع عبدالحليم حافظ، "السبع بنات" مع نادية لطفي وزيزي البدراوي، و"السفيرة عزيزة"، مع شكري سرحان وعبدالمنعم إبراهيم، و"الزواج على الطريقة الحديثة"، مع حسن يوسف، و"ليلة الزفاف" مع أحمد مظهر، و"الساحرة الصغيرة"، و"صغيرة على الحب" مع رشدي أباظة، وحقق الأخير نجاحًا مدويًا، وقدمت فيه السندريلا، أوبريت "الحلوة لسه صغيرة"، وأغنية "ما إنتش قد الحب ياقلبي ولا قد حكايته".
وقدمّت السندريلا، عددًا من الأفلام الهامة في تاريخ السينما المصرية، منها "القاهرة 30"، و"شروق وغروب"، و"أين عقلي"، و"نادية"، و"الحب الضائع"، و"أهل القمة"، و"الزوجة التانية"، و"الكرنك"، و"موعد على العشاء".
ولم تقدم سعاد حسني، سوى عمل تليفزيوني واحد عام 1985، من إخراج يحيى العلمي، وقصة سناء البيسي، وسيناريو وأشعار صلاح جاهين، عن حكايات "هو وهى"، عبارة عن حلقات منفصلة، مع الفنان أحمد زكي، ونجحت في تقديم عدد من الأغاني الشهيرة منها "لا تجيبلي الشكولاتة يابلاش ياولا"، و"ردي يابنت أخت البيه"، و"آآه ياهوى"، و"ياترى إنت فين ياحبيبي".
تمتعت السندريلا بـ "الحب والزواج والاستقراروالأمومة" على الشاشة، بعكس الواقع، حيث لم يعرف قلب الجميلة سعاد حسني "الراحة"، تزوجت أكثر من مرة ولم تنجب أيًا من الأبناء، ولم ينعم جسدها بـ"الحرية" حيث داهمتها آلام فقرات العمود الفقري والعصب السابع والاكتئاب.
تركت لنا "أخت القمر"، إرثًا فنيًا يجمع بين الكوميديا والاستعراض والدراما، وأصبح علامة لـ"الجودة" في تاريخ السينما المصرية.