بين فرنسا وألمانيا.. اهتمام دولي بمواجهة الإرهاب في القارة السمراء
تشارك ألمانيا بـ 1100 جندي في مالي.. وفرنسا لها 4500 عسكري
قوات فرنسية في إفريقيا - أرشيفية
تصاعد مؤخرا الاهتمام الدولي بمنطقة الساحل الأفريقي، وارتبط ذلك بزيادة نشاط عدد من التنظيمات الإرهابية التي تتخفى بعباءة الإسلام، ويعكس ذلك الاعتبارات المؤثّرة في اهتمام المجتمع الدولي، وعلى رأسه القوى الكبرى.
وترتبط هذه الاعتبارات بمصالح تلك القوى الاستراتيجية والاقتصادية الحيوية، وخلال الحرب الباردة كان هناك تنافس أمريكي سوفييتي على مناطق النفوذ، ولم تحاول تلك القوى معالجة القضايا الهيكلية والمشكلات الاجتماعية والاقتصادية المؤثّرة في تلك البلدان والتي تعد الأسباب لحالة عدم الاستقرار في العديد من البلدان الأفريقية، ومن هنا جاءت دعوة مصر لتشكيل جيش أفريقي، أو قوة لإريقية مشتركة، يساعد على حفظ السلام والاستقرار.
وبدأ التواجد الفرنسي العسكري في الساحل الأفريقي عندما أرسلت باريس 4000 جندي في إطار عملية "سيرفال"، إلى مالي مطلع 2013، للتصدي لمجموعات مسلحة تمكنت من السيطرة على نصف البلاد الشمالي، وقد حققت عملية "سيرفال" نجاحا سريعا كان محل مباركة دولية، وتوج بإنشاء قاعدة دائمة للقوات الفرنسية في منطقة "تساليت"، ثم حلت عملية "برخان" محل "سيرفال"، لكنها شملت بصفة رسمية كذلك موريتانيا والنيجر وبوركينافاسو وتشاد، وبصورة غير رسمية جنوبي ليبيا وشمالي نيجيريا.
وبذلك أصبحت منطقة الساحل ككل خاضعة لمراقبة وتدخل الجيش الفرنسي والجيوش المحلية، وتضم قوات عملية "برخان" في مالي حوالي 4500 عسكري تم نشرهم في 2014، لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل.
وذكر الباحث بمعهد البحث الاستراتيجي في المدرسة العسكرية بالعاصمة باريس مهدي تاج، أن الواقع الجغرافي لهذه المنطقة يمكن أن يسمح لبعض الدول إذا تموضعت بشكل جيد اقتصاديا وعسكريا أن تتحكم بشكل أفضل في ثروات دول المغرب العربي وغرب أفريقيا.
وذكر بعض المراقبين، أن فرنسا قامت باستخدام معداتها العسكرية الجديدة في تلك الدول، فقد مثلت عمليتا "سيرفال" و"برخان" فرصة لاختبار وتعزيز الطائرات المقاتلات التي تنتجها شركة "داسو" الفرنسية، وقام الجيش الفرنسي بتجربة تقنيات قتال جديدة مثل تلك التي تشارك فيها أنواع القوات وتكون فيها الهيمنة لسلاح الجو والقوات الخاصة البرية.
وحسب المسؤولين العسكريين والفرنسيين فإن الهدف من تشكيل قوة الساحل المشتركة هو "إعادة تنظيم ذكية تقلل عدد الجنود الفرنسيين في المنطقة مع توسيع وجود فرنسا".
كما ذكر الجنرال فرانسوا لوكوانتر رئيس أركان الجيش الفرنسى إن بلاده لن تحقق أبدا نصرا كاملا على المسلحين فى غرب أفريقيا، وأضاف أن دور الجيش الفرنسى فى منطقة الساحل جنوبى الصحراء "مفيد وجيد وضروري"، لكن من الصعب تحديد موعدا لتحقيق النصر فى الحرب، وتابع قائلا لإذاعة فرانس انتير "لن نحقق أبدا نصرا حاسما".
أما ألمانيا التي تتواجد قواتها في غرب أفريقيا، فقد أوضحت وزيرو دفاعها انيجريت كرامب كارنباور، منذ أيام، إن مهمة جيش بلادها في منطقة الساحل الأفريقي محدودة، وخلال جلسة للجمعية البرلمانية الألمانية الفرنسية في ستراسبورج، قالت إن هذه المهمة أقل بكثير من المهام القتالية، لكنها أضافت في الوقت نفسه، إن بلادها قادرة عسكريا على القيام بقتال مسلح في منطقة الساحل، "لدينا قوات التدخل السريع ولدينا القوات الخاصة، لكن لدينا تقليد مختلف".
وأوضحت كرامب كارنباور، أن الإسهام الألماني في المهام الخارجية يتمثل على نحو خاص في تقديم الدعم والتدريب للأطراف الفاعلة على الأرض، وقالت: "وحول ما إذا كان الأمر سيظل كافيا بالنسبة للمستقبل، فهذه مسألة يجب مناقشتها والبت فيها سياسيا".
وكان قد أُعْلِنَ قبل وقت قصير أن الحكومة الألمانية رفضت مرتين مناشدات لفرنسا بالمشاركة في مهمة لقوات خاصة أوروبية من أجل القتال ضد إسلاميين في مالي. وتشارك ألمانيا بما يصل إلى 1100 جندي في مهمة الجيش في مالي، وهؤلاء الجنود هم جزء من مهمة الأمم المتحدة "مينوسما" لحفظ الاستقرار هناك وهي المهمة التي لم يظهر أثرها حتى الآن على نطاق واسع، كما أن جزءا من الجنود الألمان يشاركون في مهمة الاتحاد الأوروبي للتدريب.