مصر تشن غارة دبلوماسية على إثيوبيا: «الأنهار الدولية» تدعو لوقف بناء «سد النهضة»
دعت هيئة الأنهار الدولية، التى تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، وتعارض بناء سد النهضة الإثيوبى، إلى وقف أعمال بناء السد الإثيوبى استناداً إلى تقرير سرى مسرب أعدته لجنة الخبراء الدوليين المختصة بمراجعة فوائد وأضرار السد على دول حوض النيل. وأشارت «الأنهار الدولية» إلى أن لجنة الخبراء الدوليين وضعت تقريراً من 800 صفحة سلمته إلى الحكومات المصرية والسودانية والإثيوبية فى مايو 2013، وهو التقرير الذى استندت إليه فى رفضها لبناء السد.[FirstQuote]
من جانبها، أصدرت وزارة الخارجية الإثيوبية بياناً أمس، للرد على ما ورد فى تقرير «الأنهار الدولية»، مؤكدة أن الهيئة تشن حملة بالوكالة ضد إثيوبيا، مشيرة إلى الرفض الشديد من لجنة الخبراء الإثيوبيين القوميين لما وصفته بـ«تقرير الهيئة المعادى لإثيوبيا والحشد ضدها». ووصف الخبراء الإثيوبيون تقرير «الأنهار الدولية» بأنه «ملىء بالأكاذيب والادعاءات، كما أنه غير عادل وغير موضوعى ويدعم مصر فى موقفها المعارض من إثيوبيا، بما يخالف ما تدعيه الهيئة فى رسالتها»، بحسب الخارجية الإثيوبية.
واتهم خبراء أديس أبابا هيئة الأنهار الدولية بشن حملة دعائية ضد إثيوبيا بالوكالة عن مصر، وقالوا: «نحن ندين تقرير هيئة الأنهار الدولية غير العادل وغير الموضوعى، والمنحاز إلى مصر، ونرفض بشكل قاطع نصيحة الهيئة لإثيوبيا بالموافقة على عرض وقف بناء السد بشكل مؤقت».
وأشار موقع «والتا» الإخبارى الإثيوبى إلى أنها ليست المرة الأولى التى تنتقد فيها هيئة الأنهار الدولية إثيوبيا، وسبق للهيئة أن دعت إلى وقف بناء سد جيبى الثالث الذى يولد ما يقرب من 1870 ميجاوات من الكهرباء، والمقرر افتتاحه فى سبتمبر المقبل. وأضاف: «فى سعيها إلى انتشال البلاد من الفقر، دخلت الحكومة الإثيوبية فى سلسلة من المشاريع المختلفة لتعزيز موارد الطاقة المتجددة مثل المائية والرياح والطاقة الشمسية، وأصبحت البلد الثانى أفريقياً فى مجال الطاقة الكهرومائية بعد الكونغو، وإن الحكومة تسعى إلى توفير كل احتياجات سكانها وجيرانها من الكهرباء».
فى سياق متصل، قال موقع «إثيوبيان أوبينيون» إن 8 دول، هى كينيا واليمن وتنزانيا وأوغندا وبوروندى ورواندا والسودان وجيبوتى، طلبت شراء الطاقة من إثيوبيا، مشيراً إلى أنه بعد الانتهاء من بناء سد جيبى الثالث ودخوله فعليا إلى حيز العمل إلى جانب مصادر الطاقة الأخرى فى إثيوبيا مثل الرياح، فإن أديس أبابا سيكون لديها 10 آلاف ميجاوات من الكهرباء.
ونقل الموقع الإثيوبى عن المسئول بوزارة الرى والطاقة الإثيوبية، فيق أحمد قوله: «على الرغم من حصول إثيوبيا على العملة الصعبة من بيع الكهرباء، فإن الحكومة لا تزال تركز على توفير احتياجاتها من الكهرباء، وإن البلاد ستبيع الطاقة فقط إذا زادت عن احتياجاتها، وستواصل الحكومة فى المستقبل بناء السدود التى تساعد على توفير الطاقة والعملة الصعبة من خلال بيعها». ولفت موقع «إثيوبيان أوبينيون» إلى أن أديس أبابا حصلت على 65 مليون دولار من بيع ما يقرب من 40 إلى 50 ميجاوات من الكهرباء إلى جيبوتى منذ مايو 2011، وحصلت على 21.5 مليون دولار من اتفاقية بيع الطاقة إلى السودان الموقّعة قبل أشهر.
فى المقابل، أكدت مصادر مطلعة على ملف مياه النيل فى وزارة الرى أن مصر بدأت استغلال ما تملكه من وثائق دولية ضد المزاعم الإثيوبية التى تشير إلى حصول دولتى المصب «مصر والسودان» على فوائد من بناء سد النهضة، وتزعم أن «السد» لن يكون له تأثير سلبى على إقليم حوض النيل. وقال مصدر مسئول إن تلك التحركات بدأت عن طريق تسريب تقرير اللجنة الثلاثية الدولية الصادر فى يونيو الماضى، ويقع فى 800 صفحة، إلى منظمات دولية مهتمة بالأنهار العابرة للحدود ومنظمات النزاع الدولية المهتمة بالبيئة والتنمية فى أفريقيا، لافتاً إلى أن التقرير يكشف فى ملاحظاته القصور المنهجى فى الدراسات الفنية والتصميمات المقدمة من الجانب الإثيوبى للجنة الدولية حول السد. وأوضح المصدر أن تحركات «الخارجية المصرية» هدفها تعطيل عملية البناء والتمويل، وحشد الدعم الدولى خلف مصر، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية ووصول رئيس جديد منتخب لسدة الحكم، واتجاه مصر إلى التحكيم الدولى مع بدء موسم الفيضان فى إثيوبيا وتعطل العمل فى سد النهضة نتيجة فيضان المياه على ضفتى النيل الأزرق. وأشار إلى أن اللجنة القانونية التى شكلها المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء، من خبراء القانون الدولى، تهدف لإعداد مذكرة قانونية بحقوق مصر الدولية فى مياه النيل، كخطوة نحو التحكيم الدولى من خلال الشكوى إلى مجلس الأمن الدولى الذى سيحيلها بدوره إلى محكمة العدل الدولية، مؤكداً تقديم مجموعة من خبراء المياه تقريراً لمؤسسة الرئاسة من 8 صفحات، يتضمن التوجه الاستراتيجى للأزمة فى الوقت الحالى، ويطالب باللجوء لخبيرين دوليين أحدهما أمريكى ومتخصص فى نزاعات المياه الدولية، وآخر إنجليزى متخصص فى القانون الدولى.
وحصلت «الوطن» على تقرير أعدته وزارة الخارجية وأرسلته للسفارات المصرية فى الخارج، ليستخدم عند الحديث عن الأزمة فى المحافل والمناسبات المختلفة، ونشره على أوسع نطاق. ويقع التقرير، المكتوب باللغة الإنجليزية، فى صفحتين، ويوضح مساعى الحكومات المصرية المتعاقبة على مدار السنوات الثلاث الماضية لاحتواء الأزمة مع إثيوبيا بالطرق الدبلوماسية بداية من تشكيل اللجنة الدولية للخبراء وجولات المفاوضات الثلاث، والزيارات التى أجراها المسئولون المصريون للسودان وإثيوبيا ودول حوض النيل، كما استعرض التقرير المشروعات المائية التى أنشأتها مصر لدول حوض النيل ومكافحة الفقر على مدار العقود الست الماضية، إضافة إلى المشروعات الاستثمارية التى نفذتها مصر فى تلك الدول. وأوضح المصدر أن التقرير يستعرض فى نهايته الموقف المائى المصرى الذى يعتمد بنسبة 95% من احتياجاته على نهر النيل، و65% منه على النيل الأزرق، وخطورة بناء سد النهضة الإثيوبى على الشعب المصرى، دون التطرق إلى المخاطر بشكل مفصل.
من جهة أخرى، اتهم جيش الحركة الشعبية لتحرير السودان، المنشق، مصر بتقديم دعم عسكرى لحكومة جنوب السودان فى مقابل إعادة مشروع قناة «جونجلى» التى ستزيد نصيب مصر من مياه نهر النيل. وأوضح المتمردون فى بيان نشرته صحيفة «سودان تريبيون» أن تدخل قوات أجنبية وخاصة مصر فى أزمة جنوب السودان قد يضفى على الصراع طابعاً إقليمياً، ويحول جنوب السودان إلى منطقة حرب، متهمين رئيس جنوب السودان سيلفا كير بالتخطيط سراً لإعادة إحياء مشروع «قناة جونجلى» الذى كان سبباً لاندلاع الصراع هناك عام.