ثلاثة وعشرون حالة وفاة تم رصدها فى النرويج عقب تلقيهم لقاح فيروس «كوفيد ١٩» المستجد الذى أنتجته شركة فايزر.. الخبر تم نشره على موقع بلومبرج الإنجليزى منذ أيام قليلة.. وهو خبر لا يمكن إهماله بأى حال خاصة أنه لا حديث لوسائل الإعلام العالمية سوى عن اللقاح وخطط التطعيم..!
الخبر أتى على هوى البعض الذى يرفض اللقاح حتى هذه اللحظات دون مبرر مقنع.. بل ويفضل أن يبقى عرضة للإصابة بدلاً من أن يحظى بحماية ولو بنسبة من الإصابة.. بعضهم قد استجاب لبعض الآراء على مواقع التواصل توحى بأن كاتبها لا يثق فى اللقاحات المتاحة.. والبعض الآخر قرأ أن هناك من يفضل نوعاً معيناً عن غيره.. لذا فهو يرفض الحصول على اللقاح الذى سيتاح له انتظاراً لغيره الذى ربما لن يتاح له قريباً.. بينما هناك من يرفض اللقاح بخوف غير مسبب على الإطلاق فقط لمجرد أن اسمه مقترن بالفيروس الذى حيَّر العالم!
الأمر أصبح أقرب إلى متلازمة مرضية من نوع جديد كالخوف من المرتفعات أو الأماكن المغلقة.. يبدو أن «كوفيد» قد أفرز لنا ما يمكن تسميته متلازمة الخوف من اللقاح!
المشكلة الرئيسية التى تواجه اللقاحات -كل اللقاحات وليس لقاح كوفيد وحده- أنه يعطى لأصحاء وليس لمرضى.. الأمر الذى يجعل فرصه فى إحداث أى درجة من الضرر للمتلقين ينبغى أن تصبح معدومة تقريباً.. وهو ما كان يعطل إنتاج اللقاحات لسنوات طويلة عبر التاريخ.
الأمر هذه المرة يختلف.. فالعالم كله يتسابق للحصول على حل لهذا الكابوس الذى جثم على أنفاس الجميع.. الكل يريد أن تنتهى هذه الأزمة فى أسرع وقت قبل أن نفقد السيطرة على العالم لأسباب اقتصادية بحتة.. فكان التصريح الطارئ باستخدام لقاح كوفيد دون أن يخضع لقواعد العلم الصارمة.. والبطيئة فى الوقت نفسه!
الفكرة أن تقييم وفيات اللقاح إحصائياً وبنفس المنظور العلمى الذى يتحجج به رافضو اللقاح لا تتم بهذا الشكل.. فعدد الوفيات ينبغى أن يصحبه عدد الذين تلقوا اللقاح بالفعل ومتوسط أعمارهم.. كما ينبغى أن تتم مقارنة تلك العينة الإحصائية بعينة مشابهة أخرى لم تحصل على اللقاح وتحديد عدد الوفيات بها.. هذه بديهيات يعرفها أى باحث علمى فى العالم.. ولكن البعض تجاهلها لمجرد أنه يبحث عما يؤكد وجهة نظره فى رفض اللقاح!
لقد تم تلقيح أكثر من خمسة وثلاثين مليون شخص حول العالم حتى لحظة كتابة هذه السطور.. معظمهم ممن تجاوز عمرهم الثمانين ومعظمهم مرضى بأمراض أخرى مزمنة.. أى إن معظم من تلقى اللقاح حتى الآن عرضة للوفاة لأسباب كثيرة بخلاف اللقاح نفسه..!
لم يثبت حتى الآن أن اللقاح -أى لقاح تمت إجازته حتى الآن- يمكن أن يتسبب فى الوفاة بشكل مباشر.. الأمر الذى يجعل فكرة رفضه لا محل لها من الإعراب..!
أسوأ ما قدمه لنا كوفيد خلال الشهور الماضية هو تلك الفوضى التى ضربت العالم بشأن الحقائق العلمية والفرضيات الإحصائية.. وذلك الجدل الذى أصبح يتم على مواقع التواصل الاجتماعى حول كل ما يتم الإعلان عنه من أخبار العلاج واللقاح!
لم يدرس أصحاب الرأى على مواقع التواصل الاجتماعى علوم الفيروسات بكل تأكيد.. ولن يتمكنوا من تكوين وجهة نظر فى لقاح طبى قام بإجازته كوكبة كبيرة من العلماء حول العالم..!
أعتقد أن وسائل الإعلام أصبح عليها عبء ثقيل خلال الشهور القادمة لمواجهة كل محاولات الرفض غير المبررة.. ومتلازمات الخوف التى ستظهر ضد اللقاحات.. وللعمل بشكل أكثر على بث الطمأنينة فى نفوس البشر الذين أدمنوا الرعب.. وكادوا أن يموتوا وهم يحلمون بالأمان الذى فقدوه!