بنها تكمل التشييع.. الموت يغيب أحلام البسطاء برحيل «أطباء الغلابة»
جنازة طبيب الغلابة في بنها
لقب صاحب عددا من الأطباء ممن اشتهروا بمساعدة الغير، وتقديم الخدمات والعلاج إلى المرضى بالمجان، دون التأخر على الأهالي من الطبقات البسيطة في الإجابة والاستشارة، نماذج عدة من محافظات مختلفة أطلق عليها «طبيب الغلابة»، واستحقت ذلك اللقب، إلا أن الكثير منهم فارق الحياة، تاركًا خلفه سيرة عطرة وطيبة، ودعاوى الأهالي والمرضى البسطاء الذين فقدوا أطباءهم وملاذاتهم في مواجهة الأمراض.
الآلاف يشيعون جثمان «طبيب الغلابة» في القليوبية
بالدموع وملامح الحزن على الوجوه، ودعت قرية ميت كنانة، التابعة إلى مركز طوخ بالقليوبية، اليوم، الدكتور أحمد شوقي زغلول، أستاذ الجراحة العامة، ووكيل كلية طب بنها السابق، والذي كان «طبيب الغلابة» لأهالي قريته والقرى المجاورة، حيث شيع جنازته الآلاف من أهالي طوخ، وعدد كبير من تلامذته وطلابه في كلية طب بنها.
وأكد الأهالي أنه لم يكن يتأخر على أي مريض أو طالب من تلاميذه في استشارة أو سؤال، وكان دائما لأعمال الخير في قريته والقرى المجاورة، وعياداته في بنها وبقريته ميت كنانة دائمًا مفتوحة للجميع، لتقديم العلاج والقيام بالجراحات بأسعار بسيطة رمزية، وتقديمها للفقراء بالمجان.
وفارق «طبيب الغلابة» في بنها الحياة متأثرًا بإصابته بفيروس كورونا المستجد «كوفيد 19»، بعد أن تم حجزه لمدة أسبوعين داخل مستشفى بنها الجامعي، لتقديم العلاج والرعاية الصحية له، إلى أن توفى اليوم.
توفى بعد دقائق من وصفه العلاج لمريض عبر الهاتف
وفي دمياط كرث «طبيب الغلابة» الدكتور أحمد السعيد البريشي، استشاري أمراض الباطنة والكبد والحميات ورئيس رابطة الباطنة والحميات بمحافظة دمياط، حياته لخدمة المرضى ومساعدة البسطاء، وتعليم الأطباء الشباب وتوجيههم، حتى فارق الحياة في ديسمبر الماضي، بعد وصفه العلاج المناسب لأحد المرضى عبر الهاتف بدقائق.
وتوفى «طبيب غلابة» دمياط بعد الاشتباه بإصابته بفيروس كورونا المستجد، حيث وقع خبر وفاته على زملائه وتلاميذه من الأطباء ومرضاه كالصاعقة، حيث ذكر نجله «إسلام»، أنه على الرغم من مرضه وظروفه الصحية التي ألزمته المنزل، لم يكن يتأخر بالإرشاد والنصح وتقديم العلاج للمرضى عبر الهاتف، حتى أنه كان يردد قبل موته «أفضل أموت وأنا بشتغل بدل ما أموت وأنا في البيت أنا عايش لخدمة الناس».
شبكة أكسجين ومشروعات خيرية لـ«طبيب غلابة» الفيوم
وفقد أهالي مركز إطسا بالفيوم «طبيب الغلابة» لديهم، في نوفمبر الماضي، حيث توفى الدكتور سليمان داوود، أستاذ الأمراض الصدرية، عن عمر ناهز 72 عامًا، ومسيرة طبية اشتهرت بالأعمال الخيرية، وتقديم العون والمساعدة لأهالي مركزه، وتقديم علمه مجانًا للمحتاجين والفقراء.
وسيطرت حالة من الحزن على أهالي «إطسا» بعد وفاة «طبيب الغلابة»، حيث كان سعر كشفه الطبي لا يتجاوز الجنيهان والنصف جنيه إلى أن فارق الحياة، بحسب أهالي القرية، كما أنه أنشأ عدد من المشروعات لتوفير فرص العمل لشباب المركز، فضلا عن تكفله بإنشاء شبكة أوكسجين كاملة لصالح مستشفى إطسا المركزي، وذلك مع بداية ظهور أزمة كورونا، رغبةً منه في إنقاذ حياة أهالي مركزه من المصابين بالفيروس المستجد.
الدكتور مشالي أول «طبيب غلابة».. كشفه 10 جنيهات وبالمجان للفقراء
وظهر لقب «طبيب الغلابة» لأول مرة مع الدكتور محمد مشالي، الذي توفى في يوليو الماضي، نتيجة هبوط مفاجيء في الدورة الدموية، وقبل انتقاله من المنزل إلى المستشفى، وودعه أهالي محافظة الغربية وبالتحديد في مسقط رأسه بـ«إيتاي البارود» بمنطقة ظهر التمساح.
اشتهرت قصة «طبيب الغلابة» الدكتور مشالي، وتصدر مواقع التواصل الاجتماعي بعد ظهوره في حلقة من برنامج «قلبي اطمأن» الذي يقدمه شاب إمراتي يدعى «غيث»، وذلك بعد رفضه مساعدة البرنامج في تقديم مكافأة مادية له، نظير خدماته المعهودة طوال عمره للمرضى، حتى أنه رفض تقديم عيادة جديدة له أو أي شكل من المساعدات المادية، قائلا: «أنا نشأت فقير، ووالدي أوصاني بالفقراء خيرًا، ومش عايز عربية 10 متر، أنا زاهد أي حاجة بتكفيني، سندويتش فول وطعمية بيكفيني».
وشغل الدكتور مشالي منصب مدير مستشفى الأمراض المتوطنة، وبعدها مديرًا لمركز طبي في طنطا، حتى خروج على المعاش في 2004، ويمتلك 3 عيادات في طنطا يقدم فيهم الخدمات العلاجية بأجر لا يتجاوز 10 جنيهات، وبالمجان لغير المقتدرين.