صحة حديث "يوم عرفة ترفع الأعمال ما عدا المتخاصمين".. تعرَّف على حقيقته
يتساءل البعض عن صحة حديث "يوم عرفة ترفع الأعمال ما عدا المتخاصمين"
من بين الأمور والأحاديث الموضوعة أو التي يرددها البعض ما يتعلق برفع الأعمال يوم عرفة ما عدا المتخاصمين، ويتناول التقرير التالي تحت عنوان «تعرّف على صحة حديث يوم عرفة ترفع الأعمال ما عدا المتخاصمين» حقيقة الحديث، بمناسبة حلول يوم عرفة وصيام بعض المسلمين له فضلا عن أداء ركن الحج الأعظم بوقوف الحجيج على عرفات قبل حلول يوم النحر غدا وهو يوم عيد الأضحى المبارك 2021.
صحة حديث "يوم عرفة تُرفع الأعمال"
وفيما يتعلق بموضوع صحة حديث يوم عرفة ترفع الأعمال أو صحة حديث المتخاصمين التي ورد نصه كالتالي: «ترفع الأعمال يوم عرفة إلا المتخاصمين»، أو «يوم عرفة تُرفع جميع الأعمال إلى الله ما عدَا المتخاصمين» فإن تصنيفه أنه ليس بحديث نبوي، ولا وجود له في كتب السُّنة المعتمدة وفق علم الحديث وعلماء أهل السنة، والتي تعتمد عليها المؤسسات الدينية الرسمية في مصر وعلى رأسها الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية.
صحة حديث المتخاصمين في يوم عرفة
وبالإضافة إلى الإجابة عن سؤال صحة حديث يوم عرفة ترفع الأعمال أو صحة حديث المتخاصمين فقد ذكرت دار الإفتاء أنَّ صوم يوم عرفة وهو اليوم التاسع من ذي الحجة لغير الحاج سنَّة مؤكّدة، حيث صامه النبي «صل الله عليه وآله وسلم» وحثَّ عليه، وقد اتفق الفقهاء على استحباب صوم يوم عرفة لغير الحاج، ورَوَى أَبُو قَتَادَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ «صَلَّ اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ» قَالَ: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» أخرجه مسلم.
وبخصوص حكم صيام يوم عرفة لغير الحاج قالت دار الإفتاء إنَّه هو من أفضل الأيام؛ لحديث مسلم: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ».
دعاء يوم عرفة
وقد روي عن النبي «صل الله عليه وسلم» قوله: «خَيرُ الدُّعاءِ دُعاءُ عَرَفةَ، وخَيرُ ما قُلتُ أنا والنَّبيُّونَ مِن قَبلي: لا إلهَ إلَّا اللهُ وَحدَه لا شَريكَ له، له المُلكُ وله الحَمدُ وهو على كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ».
كما ورد حديث في صحيح البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه أبو هريرة يقول: يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ باللَّيْلِ ومَلَائِكَةٌ بالنَّهَارِ، ويَجْتَمِعُونَ في صَلَاةِ الفَجْرِ وصَلَاةِ العَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ وهو أعْلَمُ بهِمْ: كيفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فيَقولونَ: تَرَكْنَاهُمْ وهُمْ يُصَلُّونَ، وأَتَيْنَاهُمْ وهُمْ يُصَلُّونَ.
وفي شرح الحديث: كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَحرِصُ ويَحُضُّ أصحابَه على كُلِّ عَمَلٍ يَكونُ فيه خَيرٌ ونَفعٌ لهم؛ لِمَا في تلك الأعمالِ مِن مَزيدِ فَضلٍ وأجْرٍ.وفي هذا الحَديثِ يُبيِّنُ لنا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ المَلائِكةَ تَتَناوَبُ على حِراسةِ البَشرِ، فطائِفةٌ تَحرُسُهم لَيلًا، وطائِفةٌ أُخرى تَحرُسُهم نَهارًا، ثم تَجتَمِعُ مَلائِكةُ النَّهارِ بمَلائِكةِ اللَّيلِ في وَقتَيْنِ:
الأوَّلُ: في صَلاةِ الفَجرِ، حيثُ يَنزِلُ مَلائِكةُ النَّهارِ عِندَ أوَّلِ الصَّلاةِ، وما زالَ مَلائِكةُ اللَّيلِ مَوجودينَ فيَلتَقونَ بهم، ويَجتَمِعُ مَلائِكةُ اللَّيلِ بمَلائِكةِ النَّهارِ في صَلاةِ العَصرِ، وهو الوَقتُ الثاني، ثمَّ تَصعَدُ مَلائِكةُ اللَّيلِ بَعدَ صَلاةِ الفَجرِ، فيَسألُهمُ الرَّبُّ عَزَّ وجَلَّ -وهو أعلَمُ بهم-: كَيفَ تَرَكتُم عِبادي؟ وهو في غِنًى عَن سُؤالِهم هذا؛ لِأنَّه عَليمٌ بِهم، وإنَّما يَسألُهم عن ذلك في المَلأِ الأعلى؛ تَنويهًا بشَأنِ بَني آدَمَ، وبَيانًا لِفَضلِهم، ولِيُباهيَ بهمُ المَلائِكةَ، فيَقولونَ: تَرَكناهم وهُم يُصَلُّونَ صَلاةَ الصُّبحِ، وأتَيْناهم وهُم يُصَلُّونَ صَلاةَ العَصرِ، فهم في صَلاةٍ دائِمةٍ. وكذلك يَسْألُ عَزَّ وجَلَّ مَلائِكةَ النَّهارِ، فيُجيبونَ بمِثلِ ما أجابَ به مَلائِكةُ اللَّيلِ.
وفي الحَديثِ: أنَّ الصَّلاةَ أعلى العِباداتِ؛ لِأنَّها عليها وَقَعَ السُّؤالُ والجَوابُ.وفيه: التَّنبيهُ على أنَّ الفَجرَ والعَصرَ مِن أعظَمِ الصَّلَواتِ. وفيه: الدَّلالةُ على أنَّ اللهَ تعالَى يَتكَلَّمُ مع مَلائِكَتِه كما يَشاءُ، دُونَ تَشبيهٍ، أو تَعطيلٍ، أو تَأويلٍ.