«التروسيكل» يعصف بسوق البهائم: راح فين زمن «الكارو»؟
«التروسيكل» يعصف بسوق البهائم: راح فين زمن «الكارو»؟
«سامية» وابنتها تبتسمان رغم قلة الرزق
البؤس المرسوم على وجوه «الحمير» لا يقل ضراوة عن المستقر على ملامح أصحابها، فكلاهما يعانى من التجاهل والإهمال، ويبقى الشقاء وحده حليفهما طوال رحلة الحياة.. من داخل سوق البهائم بمنطقة البراجيل، رصدنا حال عدد كبير من التجار المتخصصين فى بيع كل ما له علاقة بالحمير والخيل، بدءاً من «البهيمة» نفسها، وحتى مأكلها وإكسسواراتها وكافة متعلقاتها.
التجار يفترشون الأرض بإكسسوارات الحمير والخيل.. يطالبون بتأمينات ومعاشات.. ويرون أن ركود السياحة من أهم أسباب خسائرهم
السوق التى كانت تشهد إقبالاً كبيراً فى فترات مضت، صارت تعانى من قلة الزبائن، ما أرجعه التجار إلى الإجراءات التى تقوم بها الحكومة، فيما يتعلق بالتضييق على سير عربات الكارو وانتشارها فى الشارع، فى مقابل انتعاش سوق «التروسيكل»، الذى كبّدهم خسائر مادية كبيرة.
من بين عدد كبير من الباعة، جلست «سامية» ويدها على خدها بجوار فرشة تضم إكسسوارات الخيل والحمير، تلك المهنة التى ورثتها عن والدتها وجدّتها، فاعتادت أن تأتى إلى السوق مبكراً بصحبة ابنتها، على أمل أن تجنى رزقاً يعوضها مشقة الطريق، ومرارة انتظار زبون.
«شغل قليل وصعب، لأنى بتعامل مع عربجية مابيعرفوش يتعاملوا مع ست، وبيفضلوا يزعقوا معايا ويفاصلوا فى السعر»، تقولها «سامية»، التى تتحمل الصعاب من أجل توفير رزق لبناتها الأربع، مؤكدة أن ركود السياحة أثّر على الخيّالة، وبالتالى على عملها، حيث تبيع «أجراس، صبغة ملابس الخيل.. وخلافه».
يتفق «طارق سيد»، المتخصص فى صناعة «حدوة» الحصان وتركيبها، مع رأى «سامية»، فالإقبال على مستلزمات البهائم انخفض فى الفترة الأخيرة بشكل كبير، بسبب انتشار الـ«تروسيكل»، وضعف حركة السياحة، فضلاً عن ارتفاع الأسعار بصورة مبالغة فى الوقت الذى يعانى فيه المواطنون من ضعف الدخول، ما يدفعه للمطالبة بعودة عربات الـ«كارو»: «أوفر وأفضل للبيئة، فلا يعتمد على البنزين، ويصلح لحمل بضاعة أكبر».
«جيهان» تشغل ببضاعتها «إكسسوارات الخيل» مساحة أيضاً من السوق، لكنها تتمنى ترك تلك المهنة التى لا تعود عليها بأى نفع: «تعب طول اليوم وبهدلة، وفى النهاية لا فلوس ولا مستقبل ولا تأمين ولا معاش».
حاولت «جيهان»، فى العشرينات من عمرها، أن تتغلب على قلة الزبائن بالتنقل من سوق لأخرى، على أمل جنى المزيد من الرزق: «بقيت كل يوم بروح سوق مختلفة، البراجيل، سوق الأحد بالمنوات، سوق الأربع، الجمعة.. وغيرها»، ما يتطلب منها مجهوداً بدنياً كبيراً: «بشيل البضاعة وأتعب، وفى الآخر مفيش فلوس.. كان نفسى أقعد وأتعلم زى أى واحدة فى سنى، بدل الشغلانة اللى مش جايبة همها».