«رصاصة فيتو» تفجر قرارات الحسم ضد «دولة الأمناء»
أهالى الدرب الأحمر يشيعون جثمان محمد عادل «صورة أرشيفية»
تسببت الأزمات الخمس التى افتعلها أمناء الشرطة، والتى بدأت بمشاجرة مع أطباء مستشفى المطرية، ومرت بالتحرش وانتهت برصاصة فى صدر السائق محمد عادل، وشهرته «دربكة»، شهيد لقمة العيش فى الدرب الأحمر، على يد أمين الشرطة مصطفى محمود، وشهرته «فيتو»، بسبب الخلاف على قيمة الأجرة، التى شغلت الرأى العام أخيراً، فى اتخاذ النيابة العامة قرارات عاجلة ضد تجاوزات دولة الأمناء، تتواكب مع موجة الغضب العارمة الناتجة عن الحوادث.
النيابة العامة قررت بعد 4 أيام فقط من الحادث إحالة قاتل «دربكة» إلى المحاكمة العاجلة أمام محكمة الجنايات بتهمة القتل العمد، كما اتخذت النيابة قرارات بحبس 9 أمناء شرطة فى 3 جرائم عقب مقتل «دربكة»، بعد أن أخلت سبيل أمناء شرطة فى قضايا كثيرة آخرها قضيتا «التحرش والأطباء».
وقالت مصادر قضائية بمحكمة استئناف القاهرة، إن المحكمة ستحدد جلسة عاجلة لمحاكمة القاتل خلال الأيام القليلة المقبلة بعد أن تسلمت الاستئناف، أمس، ملف القضية من نيابة جنوب القاهرة الكلية.
5 أزمات افتعلها أمناء الشرطة بدأت بمشاجرة مع «أطباء المطرية» ومرت بالتحرش.. وانتهت برصاصة فى قلب «شهيد لقمة العيش»
قرار إحالة القضية جاء استناداً على أدلة قاطعة تثبت تعمد القاتل تنفيذ جريمته، منها اعتراف أمين الشرطة فى تحقيقات النيابة التى أشرف عليها المستشار هشام حمدى المحامى العام الأول لنيابات جنوب القاهرة قائلاً إنه «أطلق الرصاص على دربكة من سلاحه الميرى بسبب الخلاف على قيمة الأجرة، وإن السائق امتنع عن استكمال التوصيلة التى اتفق معه عليها بحجة أن المبلغ أقل من الجهد المبذول».
كما شرح القاتل تفاصيل الواقعة أمام المستشار شريف أشرف، مدير نيابة الحوادث، بقوله: «أنا مسكت الطبنجة الميرى بتاعتى وضربته بالنار عشان نرفزنى وما رضيش ياخد 30 جنيه عشان يوصل النقلة للمحل بتاعى فى العتبة، وقال لى أنا عاوز 50 جنيه، عشان أنا وقفت أكتر من ساعة كاملة مستنى لما ترجع، وأنا قلت له إحنا اتفقنا على الأجرة خلاص ولازم توصل النقلة ده العربية فاضية مش محملة تقيل هما شوية سماعات».
الأدلة القوية التى استندت إليها النيابة فى القضية أجمعت على رواية واحدة للشهود وهى تعمُّد ارتكاب القاتل لجريمته، وأقروا أن أمين الشرطة اشترى بضائع من محلات الأدوات الكهربائية ووضعها على سيارة سوزوكى خاصة بالسائق محمد عادل، ثم تركه وتوجه لشراء بضائع من محلات أخرى تبعد عن مكان السيارة 500 متر وتأخر ساعة ونصف الساعة، وعقب عودته اختلف مع السائق على قيمة الأجرة، وأن السائق عندما فوجئ بإصرار أمين الشرطة على عدم دفع الأجرة المستحقة قرر إنزال البضاعة من على سيارته، عندها أخرج أمين الشرطة سلاحه الميرى وأطلق عليه رصاصة استقرت فى صدره فسقط السائق على الأرض غارقاً فى دمائه ونزف دمه لمدة نصف ساعة حتى لقى مصرعه قبل وصوله مستشفى أحمد ماهر لإسعافه، وأن أمين الشرطة المتهم أطلق 3 أعيرة نارية فى الهواء عندما تجمع حوله الأهالى لضربه، فى محاولة منه لتفريقهم، لكنهم تمكنوا من الاستيلاء على سلاحه الميرى واستمروا فى ضربه بالأيدى حتى سقط على الأرض فاقداً الوعى، وأصيب بكسور وساءت حالته، فتدخل عدد من الأهالى وتمكنوا من تخليصه من أيدى المجموعة الأولى التى شاهدت الحادث منذ بدايته.
وفى سياق الأزمات الناتجة عن تجاوزات أمناء الشرطة لا تزال نيابة أمن الدولة العليا تباشر تحقيقاتها مع 7 أمناء شرطة، بعد أن قررت حبسهم أمس الأول لمدة 15 يوماً على ذمة التحقيقات بعد أن نسبت لهم النيابة اتهامات تتعلق بالتحريض على الإضرار بجهة عملهم والانضمام لتنظيم غير قانونى يهدف لتعطيل عمل جهاز الشرطة، والدعوة للإضراب وتعطيل إحدى جهات الدولة عن مباشرة عملها، وقالت مصادر قضائية لـ«الوطن» إن اتهام أمناء الشرطة الـ7 الذين تقرر حبسهم بتهمة الانضمام لتنظيم غير قانونى يهدف لتعطيل عمل إحدى مؤسسات الدولة عن عملها جاء وفقاً للمادة 86 مكرر من قانون العقوبات التى تجرم الانضمام لأى تنظيم أو جماعة تدعو أو تستهدف تعطيل مؤسسات الدولة عن أداء عملها، أو تعمل على تعطيل العمل بالقانون والدستور.
محاكمة عاجلة لـ«فيتو» بعد اعترافه بإنهاء حياة «سائق الدرب الأحمر».. وحبس 9 أمناء بتهمتَى التحريض والإهمال
وتنص المادة 86 مكرر بقانون العقوبات على أنه يعاقب بالسجن كل مَن أنشأ أو أسس أو نظم أو أدار، على خلاف أحكام القانون، جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أو عصابة، يكون الغرض منها الدعوة بأية وسيلة إلى تعطيل أحكام الدستور أو القوانين أو منع إحدى مؤسسات الدولة أو إحدى السلطات العامة من ممارسة أعمالها، أو الاعتداء على الحرية الشخصية للمواطن أو غيرها من الحريات والحقوق العامة التى كفلها الدستور والقانون، أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعى، ويعاقب بالسجن المشدد كل من تولى زعامة، أو قيادة ما فيها، أو أمدها بمعونات مادية أو مالية مع علمه بالغرض الذى تدعو إليه. ويعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات كل من انضم إلى إحدى الجمعيات أو الهيئات أو المنظمات أو الجماعات، أو العصابات المنصوص عليها فى الفقرة السابقة، أو شارك فيها بأية صورة، مع علمه بأغراضها. ويعاقب بالعقوبة المنصوص عليها بالفقرة السابقة كل من روج بالقول أو الكتابة أو بأية طريقة أخرى للأغراض المذكورة فى الفقرة الأولى، وكذلك كل من حاز بالذات أو بالواسطة أو أحرز محررات أو مطبوعات أو تسجيلات، أياً كان نوعها، تتضمن ترويجاً أو تحبيذاً لشىء مما تقدم، إذا كانت معدة للتوزيع أو لإطلاع الغير عليها، وكل مَن حاز أو أحرز أية وسيلة من وسائل الطبع أو التسجيل أو العلانية، استعملت أو أعدت للاستعمال ولو بصفة وقتية لطبع أو تسجيل أو إذاعة شىء مما ذكر.
وبعد يومين فقط من تلك الواقعة تعاملت النيابة أيضاً بحزم مع اثنين من أمناء الشرطة تابعين لقسمَى شرطة «النزهة ومصر الجديدة»، بعدما أسندت لهما المسئولية الكاملة عن هروب مسجل خطر عقب انتهاء التحقيقات معه فى قضية سرقة بطاريات سيارات، ونجح المتهم فى الهروب من حجز محكمة مصر الجديدة، وعندما أسندت النيابة تهمة الإهمال لأمينَى الشرطة تبادل كل منهما الاتهامات وحاول كل منهما التنصل من المسئولية وإلقائها على زميله، ولكن قرار نيابة النزهة، برئاسة المستشار محمد سلامة، انتهى إلى حبس المتهمين لمدة 4 أيام على ذمة التحقيقات. فى ذات اليوم الذى تفجرت فيه أزمة الدرب الأحمر أصدرت نيابة شرق القاهرة الكلية قرارها بإخلاء سبيل أمين الشرطة مدحت هراس، من قوة قسم شرطة المرج، بضمان وظيفته، بعد التحقيقات معه بتهمة التحرش بسيدة كانت بصحبة نجلها، وقالت فى التحقيقات، إن أمين الشرطة تحرش بها أثناء وجودها أمام محطة مترو المرج، وهددها بسلاحه لاصطحابها للمنزل معه، وبعد انتهاء التحقيقات قررت النيابة إخلاء سبيله بضمان وظيفته بعد أن برأت تحريات المباحث المتهم من تلك الجريمة، وجاء فيها عدم التوصل إلى صحة الواقعة، كما أنكر المتهم معرفته بالضحية وادعى أنها تدعى زوراً عليه وأنه لم يرَها من قبل.
قرار النيابة أصاب الضحية بصدمة كبيرة بعد أن قدمت أدلة على صحة روايتها، منها أقوال طفلها البالغ من العمر 8 سنوات كما سلمت 3 أرقام هواتف محمولة تلقت من خلالها هى وزوجها تهديدات بالقتل فى حالة عدم تنازلها عن المحضر، وأثبتت ذلك فى تحقيقات النيابة التى لا تزال تفحص ملف القضية وتحريات المباحث، تمهيداً لاتخاذ قرار بشأن المتهم.