مصر فى إعلانات رمضان: نص «كومباوندات».. ونص «تبرعات»
صورة أرشيفية
بلدان: الأول فقير إلى درجة «اللضى»، والثانى ثرى إلى درجة «الفحش». وشعبان: الأول يبسط يده ليتلقى «حسنة»، والثانى يبسطها ليُنفق يميناً ويساراً بغير حساب.
تشريح للمجتمع المصرى: منتجعات مغلقة تبالغ فى توفير الرفاهية لسكانها.. ومستشفيات تلح فى طلب المساعدات
طبقية صارخة صورتها إعلانات شهر رمضان الكريم الذى صام فيه المصريون عن أمرين: «الطعام والشراب»، وأسرفوا فى أمرين: «الشحاتة والمنظرة»، لتنقسم مصر إلى مصرين، واحدة تعيش على التبرّعات تحت خط الفقر الذى لا مثيل له، والأخرى تعيش فى المنتجعات والكومباوندات السياحية فوق خط الرفاهية التى لا مثيل لها. الناس درجات، لكنهم فى ماسورة الفواصل الإعلانية التى طفحت على شاشات التلفاز بغزارة منذ أن ظهر الهلال حتى انقضى خلال 30 يوماً، بدوا يقفون عند درجتين فقط، الأولى حيث «بير السلم» المخنوق، والأخيرة حيث «الروف» الواسع الجميل المزيّن بالورود، لا واصل بين الفريقين، ولا «طبقة وسطى» تضبط الميزان. هكذا ظهر المشهد الذى تابعه المواطنون من غرف معيشتهم باستياء وتذمُّر وغضب.. فمصر التى يعيشونها فى المنازل والأسواق والطرق، ليست مصر التى يرونها على الشاشات. لا تشبهها فى شىء، لا فى فقرها، ولا فى غناها.
«انتو بتكلموا مين؟».. لسان حال الغالبية من المصريين وهم يتابعون إعلاناً يدعوهم إلى التبرع ولو بجنيه، يتلوه آخر يُعدّد لهم مزايا العيش فى فيلا بثلاث حدائق، وهم يشاهدون أطفالاً فى العراء يحتاجون إلى كسوة ووجبة طعام، يعقبهم أطفال يهرعون فى فرحة نحو شاطئ البحر الذى جاءهم حتى باب منزلهم، الغالبية الممتعضة ليسوا من هؤلاء ولا أولئك، لكنهم وقعوا مضطرين تحت هذا الابتزاز المزدوج.