الدقهلية.. 2.2 مليار متر مكعب من مياه الصرف «تلوث» النيل سنوياً
مصارف الدقهلية خطر يهدد حياة المواطنين لقربها من مآخذ محطات الشرب
يصب مصرف «عمر بك» مباشرة فى نهر النيل بالقرب من محطات مياه الشرب فى محافظة الدقهلية، بما يحمله من مخلفات صناعية وزراعية بشكل يفوق قدرة محطات التنقية فى التعامل معها، حيث لا يبعد مصب المصرف عن محطتى مياه الشرب «ميت خميس»، و«طلخا» بالإضافة إلى محطات تنقية مياه الشرب «النقالى»، سوى 15 كيلومتراً، الأمر الذى يهدد 7.5 مليون نسمة فى محافظتى الدقهلية ودمياط.
مسح شامل للبيئة يُثبت عدم مطابقة المياه للمواصفات وارتفاع نسبة الأمونيا و«الأوكسجين» وتوصيات بتحويل مصب المصرف حفاظاً على صحة المواطنين
شكاوى الأهالى وملاحظات المسئولين دفعت جهاز شئون البيئة إلى الاهتمام وإجراء مسح شامل وتحاليل لمياه النيل قبل مصب مصرف «عمر بك» وبعد المصب، وتبين تلوث مياه النيل وعدم مطابقتها للمواصفات، وأوصى الجهاز بضرورة تغيير مسار المصرف الذى يبلغ طوله 8.750 كيلو متر، ويبدأ من قرية «كفر قبالة» بمركز المحلة فى الغربية، ويصب مباشرة فى نهر النيل فرع دمياط سنوياً ما يعادل 2.2 مليار متر مكعب عند الكيلو 118، من خلال 4 وحدات رفع داخل محطة رفع «الناصرية»، بما تحتويه من الصرف الصحى غير المعالج للقرى التى يمر بها المصرف على طول مساره، بالإضافة إلى المصارف الفرعية التى تنتهى بمصرف عمر بك، وجرارات الكسح، ويعد المصرف مصباً رئيسياً لمعاطن الكتان بقرى «شبراملس وششتا» بمركز زفتى، و«ميت هاشم وكفر العزيزية» بمركز سمنود، بالإضافة إلى الصرف الزراعى لـ43 ألف فدان من الأراضى الزراعية بزمام مركزى زفتى وسمنود، والصرف الصحى المعالج فى مناطق «سمنود وميت بدر حلاوة وسنباط وشرشابة ونهطاى وزفتى والسنطة».
كشف تقرير صادر خلال شهر مايو 2016 عن جهاز شئون البيئة، حصلت «الوطن» على نسخة منه، أن إجمالى الصرف الصحى المعالج يبلغ 75.5 ألف متر مكعب يومياً، فى 7 محطات معالجة، وبمرور تفتيش جهاز وسط الدلتا على محطات المعالجة فى شهر أبريل الماضى تبين وجود مخالفات فى محطتى «ميت بدر حلاوة، ونهطاى» وتم تحرير محاضر مخالفة لهما، وأكد التقرير وجود الصرف الصحى العشوائى من قرى 7 وحدات محلية تابعة لمحافظة الغربية، التى تتبعها عشرات القرى، بواسطة جرارات الكسح على المصارف الفرعية، التى تصب مباشرة على مصرف عمر بك ومنه إلى نهر النيل مباشرة بسبب عدم وجود خدمات الصرف الصحى لتلك الوحدات المحلية، بالإضافة إلى 43 ألف فدان زراعى تصب صرفها فى مصارف «مصرف زفتى العمومى القبلى وشبرا بابل ومصرف المنزلاوى ومصرف عمر بك البحرى ومصرف عمر بك القبلى ومصرف كفر حجارى الشرقى والغربى».
مصرف «عمر بك» يحمل الصرف الصحى والصناعى ويصب بالقرب من مآخذ محطات الشرب بالمنصورة
وذكر التقرير أن معاطن الكتان من المصادر الرئيسية للصرف الصناعى وتعتبر صناعة موسمية خلال أشهر الصيف وتوجد حوالى 120 معطنة على مساحة 250 فداناً فى قرى «شبرا ملس وميت هاشم وكفر العزيزية»، وتستوعب المعطنة الواحدة 16 طن كتان ويستمر التعطين مدة لا تقل عن 8 أيام، ويتم التخلص من المياه الناتجة عن عملية التعطين بعد كل مرة تعطين بالصرف مباشرة على مصرف «زفتى القبلى العمومى» ومنه إلى مصرف «عمر بك» دون معالجة بمتوسط عام لكمية المياه المنصرفة 5625 متراً مكعباً/ يوم، وبعد شكاوى عديدة تم سحب عينات من المصدر النهائى لمعاطن الكتان وتحليلها بمعمل جهاز شئون البيئة وتبين زيادة كبيرة فى قيمة الأوكسجين الكيميائى المستهلك والمواد الصلبة الذائبة والكبريتيدات والمواد العالقة الكلية.
وبإجراء مسح شامل من جهاز شئون البيئة، قبل صرف معاطن الكتان وبعدها، تبين أن مصرف «عمر بك» والمصارف الفرعية مخالفة لحدود القانون 48 لسنة 1982 لوجود الصرف الصحى العشوائى للقرى المحرومة من الصرف الصحى، وعدم كفاءة محطات معالجة مياه الصرف الصحى والصرف الناتج من معاطن الكتان، وبعمل مسح لمجرى نهر النيل للوقوف على جودة ونوعية المياه على طول مسار فرع دمياط فى منطقة قبل الخلط بمياه مصرف «عمر بك»، وبعد الخلط بمياه المصرف، تبين ارتفاع قيمة تركيز الأمونيا ونسبة الأوكسجين الكيميائى المستهلك والأوكسجين الحيوى الممتص لمياه النيل عن الحدود المسموح بها قانوناً.
وأوصت وزارة البيئة بتحويل مصب مصرف عمر بك عن طريق توزيع زمام المصرف ليصب على مصرف الغربية الرئيسى ومصرف نمرة (1) الأسفل بتكلفة تقديرية 116 مليون جنيه، وذلك من خلال توقيع بروتوكول تعاون بين الوزارات ومحافظات «الدقهلية ودمياط والغربية» يتضمن تنفيذ المقترح خلال عامين وتحمل التكاليف لتقوم وزارة الرى والموارد المائية بأعمال التنفيذ.
وعلق أحد المسئولين بشركة مياه الشرب، رفض ذكر اسمه، مشيراً إلى أن المصرف يقطع فرع دمياط بمياهه الملوثة، وتم وضع خطط لتغيير مساره منذ أكثر من 10 سنوات، ومنها صرف زمام الأراضى بالكامل فى مصرف الغربية مروراً بمصرف زفتى وتحويله إلى صرف السجاعية، بتكلفة تصل إلى 170 مليون جنيه، ويوجد مقترح آخر بتحويله إلى مصرف نمرة (1) ونمرة (2) بتكلفة 160 مليون جنيه، ولفت المصدر إلى أن جميع الاقتراحات تصب فى مصلحة 7.5 مليون مواطن فى محافظتى الدقهلية ودمياط، ولا يكفى أن نهايات النيل تكون محملة بالملوثات بل تتم إضافة ملوثات محافظة الغربية إلى مجرى النهر وهذه كارثة، لو تمت فى أى دولة أخرى كانت عواقبها تقديم جميع المسئولين للمحاكمة.