المستشار أحمد مكى: الأزمة بين البرلمان والقضاء «فتنة» والمستفيد منها السلطة التنفيذية
أكد المستشار أحمد مكى، نائب رئيس محكمة النقض وعضو مجلس القضاء الأعلى السابق، أن كلا من السلطتين التشريعية والقضائية تجاوزتا فى حق بعضهما البعض بما لا يليق بهما.
وأضاف أن المستفيد الوحيد من حالة الشقاق هو السلطة التنفيذية التى زورت الانتخابات عام 2010، وتسعى لأن يكون البرلمان جهازا تابعا لها، وتسيطر على القضاة للتستر على فسادها واستبدادها، مطالبا مجلس الشعب ونادى القضاة بتجاهل الأزمة -التى وصفها بأنها فتنة- والانصراف عنها، وأن يعمل مجلس الشعب على إصدار القوانين التى تعزز استقلال القضاء وعلى القضاة تنفيذها «غصبا عنهم».. وإلى الحوار
* كيف ترى الأزمة الحالية بين السلطة التشريعية «مجلس الشعب» والسلطة القضائية؟
- ما حدث هو محاولات للوقيعة بين القضاة ومجلس الشعب، وكلاهما تجاوز فى التعبير، على نحو لا يليق بهما باعتبارهما سلطتين متكاملتين، لا يجوز لإحداهما التغول على سلطات واختصاصات الأخرى.
* إلى أى حد ساهمت تصريحات المستشار أحمد الزند رئيس نادى القضاة فى تأجيج الصراع بين البرلمان والقضاة؟
- لن أعلق على حديث شخص بعينه، ولكن بعض نواب البرلمان تجاوزوا فى حق القضاء والقضاة، ورد الفعل من جانب نادى القضاة كان أيضاً مرفوضا.
* ما النقاط التى تعترض عليها فى حديث المستشار أحمد الزند؟
- تلويحه بمقاطعة القضاة للإشراف على الانتخابات، ورفضه تطبيق أى قانون سنه البرلمان، فهذا تجاوز لصلاحياته، ولا أعتقد أن القضاة سوف يستجيبون إليه.
* البعض يرى أن مجلس الشعب تطاول على السلطة القضائية..
- مقاطعا.. هذه فتنة لعن الله من أيقظها.. السلطة التشريعية والسلطة القضائية متكاملتان، الأولى عليها إصدار القوانين الصحيحة التى تحمى حقوق الإنسان وتحمى حرياته، والثانية دورها تحقيق العدالة من خلال تطبيق هذه القوانين تطبيقا صحيحا.
* من المستفيد من هذه الفتنة؟
- أنا أربأ بمجلس الشعب والقضاة عن أن يسيروا فى اتجاه الوقيعة بينهما، وما زالت السلطة التنفيذية تعمل حتى الآن، وبعد الثورة، على الوقيعة بين مجلس الشعب والقضاة.
* هناك بعض القضاة يرفضون تصريحات الزند ويرون أنها تشق صف القضاة.. ما تعليقك؟
- المستفيد الوحيد من حالة الشقاق هو حكم الفرد المستبد، أقصد السلطة التنفيذية التى زورت الانتخابات عام 2010، وتسعى لأن يكون البرلمان جهازا تابعا لها، وتسيطر على القضاة للتستر على فسادها واستبدادها.
* لكن الأزمة بدأت من جانب البرلمان الذى هاجم الأحكام الصادرة فى قضية قتل المتظاهرين المتهم فيها الرئيس السابق حسنى مبارك ووزير داخليته حبيب العادلى و6 من كبار مساعديه..
- ما دفع البرلمان للحديث عن المحاكمة أن الأحكام جاءت صادمة للناس، ومن حق الشعب التأكد من تحقيق قواعد العدالة فى المحاكمة، والشعب شعر بأنها لم تتحقق ببراءة المتهمين بقتل الثوار، على الرغم من أن تعليق البرلمان على الأحكام يُعتبر تداخلا بين السلطات، لأن الاعتراض عليها يكون أمام ساحات القضاء وليس داخل البرلمان أو فى الميادين العامة.
* هل ترى أن هذا الحكم ليس عادلا؟
- العدل شرط أساسى لقيام الدولة ولا بد من قانون لتوزيع السلطات والمحاسبة فيما بينها من خلال حاكم تكون مهمته تحقيق المساواة والعدل بين الناس، وإلا لن تكون هناك سوى دولة يسعى فيها كل فرد للحصول على حقه بنفسه نتيجة شعوره -بل وتأكده- أحيانا من عدم حصوله عليه إلا بهذه الطريقة لافتقاد العدل، والقانون لا يصبح قانونا إلا إذا طبقه قضاء مستقل، وهذه هى أهمية استقلال القضاء.. فنحن فى مصر ودول العالم الثالث لا يسمح الحاكم عندنا بوجود قانون يحمى الحقوق ولا بقاض مستقل.. لأن الحاكم يريد أن تكون إرادته مطلقة ويستعمل القانون والقضاء فى تصفية خصومه وحماية أتباعه من المفسدين فى تنفيذ الاستبداد، كما أنه لا يسمح حتى بالانتقاد والمحاسبة.. ولهذا فإن الاستبداد خصيم لاستقلال القضاء، وهذه المشكلة نعانى منها الآن نتيجة ميراث تركة من قوانين استبدادية تحكم سيطرتها على مؤسسات الدولة ومنها القضاء والتى تصب فى صالح السلطة التنفيذية.
* كيف ترى الخروج من هذه الأزمة المشتعلة بين القضاء والبرلمان؟
- الانصراف عنها وتجاهلها، وأن يعمل مجلس الشعب على إصدار التشريعات التى تكفل حماية الحقوق والحريات للأفراد وفى ذات الوقت تعزز استقلال السلطة القضائية، وسيلتزم القضاة بتطبيقها «غصبا عنهم» لأنهم هم المناط بهم تنفيذ القوانين، فالبرلمان مهمته التشريع والقضاة مهمتهم تطبيق القانون بما يؤدى لتحقيق العدالة.