«عمر» ينام فى الشارع.. «معنديش صحة أطلع الدور الثالث.. ومفيش أسانسير»
عمر عبدالحفيظ يجلس على كرسيه المتحرك
ثلاثة أدوار تفصل بينه وبين منزله فى شارع الأسيوطى بالوراق، يجلس «عمر عبدالحفيظ عمر» على كرسيه المتحرك أسفل بيته بمنطقة الوراق بعد يوم طويل، يرفع رأسه عالياً ليلقى نظرة على غرفته، لكنها تبيّن حجم معاناته، ضآلته، فهو غير قادر على الصعود لينام فى فرشته بسبب عجزه، يضطر متألماً أن ينام أمام باب العمارة. مع طلوع الشمس، اعتاد كل صباح سؤال المارة له: «مابتنامش فى بيتك ليه يا عم عمر؟!»، فيجيب: «ماعرفش أطلع البيت وإن عرفت أطلع مش هعرف أنزل».
يفتح مصحفه، يقرأ فيه قليلاً كما اعتاد، ثم يضع يديه على بدّال عجلته لينطلق فى الشوارع إلى حيث لا يعلم، أثناء سيره أحياناً يتعرض لمعاكسات المارة وأحياناً للسرقة، وطوال المشوار يتألم من وحدته أكثر من تألمه من ساقيه: «من 20 سنة ضربتنى عربية، بعدها اتغيرت حياتى، بقيت عاجز ووحيد».
كان عمره 55 عاماً، يدفع عربته وهو بكامل قوته، يبيع فى الأسواق: «كنت بابيع كل حاجة بحسب الموسم، كنت باكسب كويس، لكن حصل اللى حصل». بتر فى ساقه اليسرى، وعملية فى اليمنى، بعدها تركته زوجته، وتوفى أشقاؤه الثلاثة: «ولادى بيشتغلوا لروحهم، وآدينى عايش لوحدى، بعد ما كنت بجرّ العربية بقيت أجرّ نفسى، ومغطى رجلى بقماشة بنطلون عشان إن سخنت تورم، وإن بردت تورم فبحاول أحميها».
أحلامه وهو فى عمر الـ75: «بحلم بعربية كهرباء بدل اللى تعبانى، كل شوية تبوظ وتغرّمنى، وبحلم بهدوم نضيفة بدل اللى عليا»، ينظر لفرشته فى الأرض التى ينام عليها وهو يردد: «الزمن حلو وكله خير، بس العيب فى الناس مش فى الزمن، الزمن ماله؟!».