وراء كل لافتة شهيد حكاية بطل| معسكر ومدرسة يخلدان ذكرى "أسد سيناء"
الشهيد احمد حجازى ابن كفر الشيخ
كان محبا لعمله كضابط في الشرطة المصرية، مخلصا له مستعداً للتضحية من أجل القضاء على الإرهابين وأن تبقى مصر عزيزة غالية، مؤمناً أنه جاء للحياة ليؤدي رسالة، خُلق لأجلها، متمنياً أن يموت شهيداً فإاستجاب الله له وأكرمه بالشهادة، وقبل استشهاده كتب وصيته لذويه يوصيهم بالتبرع بثلث تركته لصالح أطفال "السرطان"، حيث عشقهم وشعر بألامهم، وأوصى التبرع بأى عضو من جسده لمريض أو محتاج، وتوزيع ملابسه وأدواته على المحتاجين.. كما أوصى أهل بيته بالصبر والرضا، كان دائماً يشعر بأن الله سيستجيب له ويلحقه بزملاءه الشهداء الذين سبقوه، أوصى بتلقينه كلمة التوحيد «لا إله إلا الله» برفق وهدوء، حتى تكون آخر كلمة يلقى بها ربه، متمنيا ألا يُغسل إن مات فى معركة، وأن يلفوه فى ثيابه ويدفنوه بدمه، ويتركوه على حالته، وأن يُدفن في البلد الذي مات فيه بدون تكلف أو مشقة».
كانت هذه جزءاً من وصية الرائد الشهيد أحمد محمد حجازى، ابن قرية منشاة عباس التابعة لمركز سيدى سالم بمحافظة كفر الشيخ، الذي استشهد فى تفجير مدرعة بمنطقة رفح فى سيناء، في الثانى من سبتمبر عام 2014، أبكى الشهيد آلاف المصريين، فكان معروفاً بين أهله وأصدقاءه بحب الخير والتواضح والتسامح، ولُقب بـ"أسد سيناء"، كرمته وزارة الداخلية بإطلاق اسمه على أكبر مركزاً للأمن المركزى بكفر الشيخ والواقع على الطريق الدولى الساحلى بين مدينتى بلطيم ودمياط، كما كرمته وزارة التربية والتعليم باطلاق اسمه على مدرسة التعليم الساسى بقريته، وأطلق اسمه على جناح داخل مستشفى "سرطان الأطفال 57357" بمدينة طنطا محافظة الغربية تنفيذاً لوصيته.
كتب الشهيد فى وصيته كاملة: "بسم الله الرحمن الرحيم (وَاتّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إلى اللّهِ ثُمّ تُوَفّىَ كُلّ نَفْسٍ مّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ).. أهل بيتى الأعزاء.. أوصيكم بالتوحيد الخالص لله.. والحذر من الوقوع فى الشرك.. أوصيكم بالصبر والرضا عند الصدمة الأولى.. وتقولون: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرنا فى مصيبتنا وأخلف لنا خيرًا منها".
"كما أوصى أولادى بألا يزيد الحداد على 3 أيام، وعلى زوجتى أن تحد 4 أشهر وعشرًا، لا تلبس فيها الحرير، ولا الملون ولا تكتحل ولا تتعطر ولا تتزين، كما أوصى أولادى وأهلى بزيارة قبرى والدعاء والاستغفار لى، والاعتبار والاتعاظ بالموت، كما أوصى أولادى وأهلى وأحبابى فى الله أن يذكرونى بالخير، والدعاء والاستغفار لى فى أوقات صلتهم بالله، بأن يجيرنى الله من عذاب القبر وعذاب النار، ويدخلنى برحمته الجنة".
وأضاف: "يا أهل بيتى الأعزاء.. اصبروا فإنى أحب لقاء الله وأحسن الظن به ولقنونى كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) برفق وهدوء، حتى تكون آخر كلمة ألقى بها ربى، إن كنت فى معركة لا يغسلنى أحد، بل لفونى فى ثيابى وادفنونى بدمى، واتركونى على حالتى، وادفنونى فى البلد الذى مت فيه بدون تكلف أو مشقة، كما أوصى بتوزيع الميراث حسب شرع الله، وبما يرضى الله، وكونوا يا أحبابى متحابين لبعضكم البعض، وسوف يدرككم الموت مثلى.. اعملوا لهذا اليوم تسعدوا.. وتلقوا الله عز وجل آمنين مطمئنين.. فيوم القيامة ينادى الحق تبارك وتعالى (أين المتحابون بجلالى، اليوم أظلهم فى ظلى يوم لا ظل إلا ظلي)، وإنى أبرأ من كل فعل أو قول يخالف شرع الله وسنه نبيه.. وأستودعكم الله الذى لا تضيع ودائعه".
و"أوصى بثلث تركتى لمستشفى "سرطان الأطفال 57357"، وأوصى بالتبرع بأى عضو من أعضاء جسدى لأى مريض أو محتاج، وأوصى بتوزيع ملابسى وأدواتى على المحتاجين، وأوصى بتخصيص جزء من مالى لعمل سبيل كصدقة جارية على روحى، وأوصى كل من يعرفنى أن يدعو لى بالرحمة".
الشهيد «حجازى»، ربما لا يعرفه مئات الأطفال المرضى بالـ"السرطان"، فى المستشفى، لكنهم تعلقوا به تعلقاً كبيراً بعدما ذهبت والدته إليهم وقصت حكايته عليهم مرارا وتكرارا، حتى كتب طفلاً مريضا تدوينة للشهيد على صفحات المستشفى الرسمية، قائلاً: "اسمى عبدالله، بتعالج فى مستشفى سرطان الأطفال 57357 في طنطا، أنا بحب ألبس بدلة الضابط، صحيح البدلة كبيرة عليا شوية، لكن استنونى بكرة أخف وأكبر واطلع ظابط شرطة زى البطل الشهيد أحمد حجازي، اللى حتى وهو مش معانا بيساعدني، لما عملي أوضة اللعب اللي بلعب فيها وأتسلى، وانا باخد الجرعة بتاعتى، ادعولى أخف وأحقق حلمي، وابقى ظابط وادعو لكل الشهداء»، هذه التدوينة أبكت والدة الشهيد حجازى عندما ذهبت للمستشفى فشعرت أن نجلها حيٌ يرزق.