"الأوقاف" تدفع بـ1000 إمام للتوعية بالصحة الإنجابية.. والأزهر يُفند رؤى المتشددين
أحد الأئمة يوعى السيدات بشأن القضية السكانية
تواجه المؤسسات الدينية أزمة الزيادة السكانية من خلال حملات طرق الأبواب والوجود الاجتماعى بين المواطنين من قبل الأئمة والواعظات، وكذلك إصدار فتاوى للرد على رؤى الجماعات المتطرفة.
الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، نشر تصريحات عبر موقع الوزارة يؤكد فيها أن تنظيم الأسرة ضرورة فى حالتنا الراهنة، فالأمر تجاوز الفتوى بالحل إلى القول بالضرورة، فهناك زيادة 2.5 مليون نسمة سنوياً يعنى تطلب بناء دولة جديدة سنوياً، فهناك حاجة إلى 2500 مدرسة وثلاث جامعات، ومليون ومائتين وخمسين ألف وحدة سكنية، ناهيك عن خدمات الصحة والبنية التحتية وفرص العمل.
وأوضح «جمعة» أن الوزارة تستهدف تأهيل 1000 إمام و500 واعظة ورائدة ريفية للتوعية بالقضية، كما تم وضع أزمة مخاطر الزيادة السكانية كموضوع لخطبة الجمعة أكثر من مرة، فإن هناك ضرورة للتنظيم.
وحول حديث النبى «تكاثروا فإنى مباهٍ بكم الأمم»، قال وزير الأوقاف إنه يجب تصحيح المفاهيم الخاطئة فيما يتصل بالقضايا السكانية لأنه يدخل فى صميم تجديد وتصويب الخطاب الدينى وتصحيح مساره، فالكثرة إما أن تكون كثرة قوية منتجة متقدمة يمكن أن نباهى بها الأمم فى الدنيا، وأن يباهى نبينا بها الأمم يوم القيامة، فتكون كثرة نافعة مطلوبة، وإما أن تكون كثرة كغثاء السيل، عالة على غيرها، جاهلة، متخلفة، فى ذيل الأمم، فهى والعدم سواء.
"جمعة": تنظيم الأسرة تجاوز الفتوى بالحل إلى القول بالضرورة
وأوضح الوزير أنه يجب مراعاة حقوق الطفل، فالفقهاء اعتبروا أن الحمل الذى يحدث فى وقت الإرضاع إنما هو جور على حق الطفل الرضيع، بل جور على حق كل من الرضيع والجنين، فسموا لبن الأم آنذاك لبن الغيلة، وكأن كلاً من الطفلين قد اغتال أو اقتطع جزءاً من حق أخيه، مما قد يعرض الطفلين الرضيع والجنين لمشاكل فى النمو، قد تصاحبهما أو تصاحب أحدهما طوال حياته أو جزءاً منها، إضافة إلى المشكلات الأسرية التى قد تنتج عن تلاحق عمليتى الحمل والإرضاع، فالحمل والإرضاع المتتابعان لهما أثر سلبى كبير فى تدهور العلاقة داخل الأسرة بين الزوجين، وانعكاس سلبى على حياة الأطفال وعدم القدرة على الوفاء بحقوقهم.
وقال الشيخ محمد البسطويسى، المشرف على ملف الزيادة السكانية لـ«الوطن»، إن الوزارة تحرص على وقوف الدعاة على آخر المستجدات العصرية التى تطرأ على المجتمع ومواجهتها بالفكر السليم الصحيح، فتم عقد 28 ندوة تدريبية للأئمة والواعظات، شرحنا خلالها للأئمة كيفية التصدى لفكر جماعات التطرف حول الزيادة السكانية وخطرها، وتحريم بعض المتطرفين لتنظيم النسل الذى أباحه الأزهر والأوقاف والإفتاء، كذلك التأكيد أننا نواجه مشكلة سكانية، تتطلب تنظيم الأسرة، فالذرية الطيبة خير من الكثرة الضعيفة الهزيلة، والتنظيم له مردود على المجتمع كله، كذلك نؤكد ضرورة تباعد الحمل وفقاً للمنظور الإسلامى، الذى حدد 30 شهراً كحد أدنى للفصل بين الأطفال، كذلك نؤكد حماية الطفل فى الإسلام وكيف نخالف الشرع فيما يتعلق بزيادة الأولاد والبنات ولا يتم الصرف عليهم.
وأوضح «البسطويسى» أن الجماعات المتطرفة دائماً ما تقول «العيل بييجى برزقه»، صحيح أن الله دبر كل شىء، فقال تعالى: «وما من دابة فى الأرض إلا على الله رزقها»، إلا أنه تعالى قال: «وخذوا حذركم»، وقال النبى الكريم: «كفى بالمرء إثماً أن يضيِّع من يعول»، فالمسلم لا يكون عبئاً على المجتمع، فالزيادة السكانية سبب انتشار ظاهرة أطفال الشوارع، ونحن نؤكد فى القرى والنجوع ضرورة أن يعقلها المسلم ويتوكل.
وعلى مستوى مؤسسة الأزهر، فأطلق مجمع البحوث الإسلامية عدداً من القوافل والدروس والندوات لمواجهة الرؤى المتطرفة التى تهدد كيان الأسرة، وعلى رأسها الزيادة السكانية.
وقال الدكتور نظير عياد، الأمين العام للمجمع لـ«الوطن»، إن بعض المتشددين الرافضين لشرعية تنظيم الأسرة يرفضون من خلال تمسكهم بظاهر بعض النصوص الشرعية دون فهم لها أو استنباط لأحكامها مع وضوحها وضوح دلالتها، فتنظيم الأسرة حلال، وهذا صرح به شيخ الأزهر من قبل، والأزهر الشريف يتعاون مع جميع الجهات والوزارات المعنية فى هذه المسألة.
"أمين": الإسلام حدد فترة المباعدة "وحمله وفصاله ثلاثون شهراً"
وقال الدكتور علوى أمين، عميد كلية الشريعة الأسبق، إن الشريعة الإسلامية نظمت الأسرة بطريقة علمية وجعلت إطالة الوقت بين عملية الإنجاب والأخرى يسهم فى الحد من هذه الظاهرة، فمرحلة الحمل تسعة أشهر ومرحلة الرضاعة التامة عامان كاملان، قال تعالى «والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة»، وقال «وحمله وفصاله ثلاثون شهراً» أى ما يقرب من ثلاث سنوات بين كل طفل وطفل، فثقافة تنظيم الأسرة فى حد ذاتها هى ثقافة وقتية كما حددتها الشريعة التى جعلت بين الطفل والآخر ثلاث سنوات أو يزيد حسب ظروف ومتطلبات الأسرة.
وأكدت دار الإفتاء المصرية فى عدد من فتاواها أنه لم يرد نص يحرم منع الحمل أو الإقلال من النسل، وإنما ورد فى سنة الرسول ما يفيد ظاهرة المنع، ويظهر ذلك جلياً من مطالعة أقوال فقهاء المذاهب وكتب السنة الشريفة فى شأن جواز العزل، فالصحابة كانوا يعزلون عن نسائهم فى عهد رسول الله، وأن ذلك بلغه ولم ينه عنه.
"الإفتاء": "التنظيم" مُباح طلباً لـ"حياة كريمة".. ولا نص يحرم "منع الحمل"
وقالت الدار فى فتوى أخرى: يجوز للزوجين أن يتفقا على التماس وسيلة من الوسائل المشروعة لتنظيم عملية الإنجاب بصورة مؤقتة إلى أن تتهيأ لك ولأسرتك الظروف المناسبة لاستقبال مولود جديد يتربى فى ظروف ملائمة لإخراج الذرية الطيبة التى تقر بها أعين الأبوين، ويتقدم بها المجتمع، وتفخر بها أمة الإسلام.
وقال الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، فى فتوى له إن عدم الإنجاب هو حق للزوجين معاً، ويجوز لهما الاتفاق عليه إذا كان فى ذلك مصلحة تخصهما، ولا يجوز لأحدهما دون موافقة الآخر، وهذا الجواز على المستوى الفردى، أما على مستوى الأمة فلا يجوز المنع المطلق من الإنجاب؛ لما فيه من الإخلال بنسبة التوازن التى أقام الله الخلق عليها، ولا يدخل فيها ما تقوم به الدول من إجراءات للعمل على تحديد النسل طلباً للحياة الكريمة لشعوبها وفق الدراسات المفصحة عن إمكانيات هذه الدول؛ فتصرف ولى الأمر منوط بالمصلحة.