أهالي "مصابي المنيا" يطالبون بمحاسبة المسؤولين عن الحادث
طبيبة تفقد جنينها في الحادث وتستأصل رحمها
أهالي مصابين حادث اطباء المنيا
في معهد ناصر، يصطف أهالي مصابي حادث أطباء المنيا على الطريق الصحراوي، بعضهم يجلس على الأرض بعدما قطعوا أكثر من 300 كيلومترٍ قادمين من مراكزهم في المنيا؛ للاطمئنان على ذويهم وأبنائهم، بجلابيب وملابس "فلاحي" تعكس ريفيتهم وبسطاتهم يجلسون في انتظار أخبار تُطمئنهم على المصابين وموعد زياراتهم، وأعينهم يصبغها اللون الأحمر من الحزن وقلة النوم، وكلمات يرددونها غالبيتها الدعاء على مسؤولي وزارة الصحة والوزيرة، تطغى على كلماتهم "حسبي الله ونعم الوكيل".
بعيون تملؤها الدموع ووجهٍ غاضب يتحدث نبيل حمدان والد نوارة، إحدى المصابات في الحادث، قائلا: "نربي ونكبر نور عنينا وفي الآخر يضيعوهم ويهملوا فيهم؟ حسبي الله ونعم الوكيل، عايزين يضيعوا ولادنا بإهمالهم"، مشيرًا إلى أن هناك عددًا من الأطباء خرجوا من منازلهم ليلة السفر في الثالثة فجرًا، دون التمييز بين الطبيب والطبيبة.
وتابع: "إحنا هنا في قرى، خطر على البنات الخروج الفجر عشان يلحقوا يوصلوا للموقف، فيه منهم من قرية الفاروقية دكتورة سلمى حسونة، ودكتورة راعوث من قرية الطيبة دي أرياف، صعب إن راجل يخرج في الوقت ده"، وأنهى حديثه، بقوله: "المكالمات كانت تهدئة بإنها جروح، لكن لما جينا لقينا إن الحالات صعبة، وبنطالب بمحاسبة المسؤولين عن الحادث".
مؤمن الليثي، خال الدكتورة نوارة نبيل حمدان، 26 عاما، مصابة في حادث المنيا، يقول إن السفر جاء إجباريًا وكان تهديدًا للأطباء وليس تحذيرًا: "الوزارة كانت بتهدد اللي يمتنع عن السفر، وما كانش فيه مجال للاعتذار، وغير كل ده عرفوا الأطباء بميعاد السفر قبله بساعات قليلة".
وأضاف الليثي أن تهديد الوزارة للأطباء كان عبارة عن تهديد بالنقل والخصم وعدة عقوبات مختلفة، مشيرا إلى أن الميكروباص الذي استقله الأطباء لا يليق بالنقل داخل القرى، لكنهم اعتمدوا عليه لضيق الوقت: "الميكروباص خدوه من موقف المنيا الساعة 4 ونص الفجر وكان على حسابهم، والحادثة حصلت قبل بوابة حلوان بنص كيلو".
واستكمل حديثه بقوله: "الوزيرة جت امبارح بالليل في زيارة سرية شكلية لم تستغرق 10 دقائق، وجرى منع وحجز أهالي المصابين في الدور الأول ومنعهم من رؤية الوزيرة والخروج، وكان فيه حراسات مشددة عليها"، أما عن حالة ابنه أخته، فأكد أنها مصابة بكسور متفرقة بالجسم وموجودة في العناية المركزة.
محمد كمال عبد اللطيف مهندس محطة كهرباء بني سويف، وشقيق الدكتورة نورا كمال، مصابة في حادث المنيا، أكد أنه تفاجأ قبل يوم من الحادث بأن شقيقته تبلغه بأنها ستسافر إلى القاهرة لحضور مؤتمر كتدريب، وأنها أُبلغت قبل السفر بفترة قليلة.
وأضاف: "أختى كلمتني وقالتلي إنها هتسافر بس مش معاها تذاكر قطار ولا عربية من الوزارة، لإن التكليف جه قبل سفرها بساعات، وحاولت الاعتذار عن السفر وما عرفتش"، متابعا بأنه اتصل بأخته في الثامنة صباحا ليطمئن عليها، لكنه وجد هاتفها مغلقا، وبعد دقائق معدودة استقبل مكالمة من إحدى صاحبات أخته وأبلغته بالحادث: "ما صدقتش لما سمعت بالحادثة، لكن ده شيء متوقع لإهمال الوزارة فإنها تجبر الأطباء وبينهم طبيبات بالسفر دون عذر، وإزاي مفيش عربيات مجهزة من الوزارة تنقل الأطباء".
أما عن إصابة شقيقته، قال محمد إنها مصابة بنزيف في المخ، وكسر بالفخذ، وحالتها غير مستقرة: "أختى بين الحياة والموت، وحقها مش هيروح".
من جانبه، يقول محمد رمضان، 55 عامًا، خال الطبيبة نورا كمال، إنه يطالب بإقالة الوزيرة لعدم اهتمامها بحياة الأطباء، مضيفا: "الدكاترة اتشحنوا في ميكروباص كإنهم عمال، دون تفرقة بين طبيب وطبيبة، والسفر جه إجباري دون مراعاة ظروفهم، أو قبل السفر بوقت يسمح إنهم يجهزوا نفسهم فيه".
ووصف رمضان السفر بكونها حركة استفزازية من الوزارة؛ للضغط على الأطباء وإلزامهم بالسفر، على حد قوله: "اللى بيحصل ده ما يتسماش تدريب ولا تعليم، ده إهانة وذل للأطباء، وبين الطبيبات اللى سافروا واحدة حامل، وده ما شفعلهاش عندهم، وسافرت غصب عنها، خوفا من العقاب".
فاطمة: إصابتي كسر في القدم والسفر كان إجباريا وبالتهديد
فاطمة منصور إحدى المصابات في الحادث، تروي تفاصيل الواقعة بداية من تبليغها بالتدريب قبل السفر بوقت قليل حتى الاضطرار إلى السفر خوفًا من العقوبات التي هددت بها الوزارة، مشيرة إلى أن المرة الأولى التي تذهب فيها إلى تدريب في القاهرة: "اتهددنا إن اللى مش هيجي هيتحول للتحقيق وهيتنقل من الإدارة".
وأكدت فاطمة أن هناك طبيبة لم تأتِ معهم للسفر، وبعد الحادث اتصلت الوزارة بها وأبلغتها بأنها محولة للتحقيق: "الغريب إن مؤتمر التدريب مدته 35 دقيقة، إزاي يسفرونا عشانه في حين إن فيه أطباء من بني سويف، بيجوا يدربوا في المنيا، معنى كده إن فيه مدربين كويسين في المنيا".
وتابعت بأنها علمت بأن المؤتمر لم يلغى بعد الحادث: "المؤتمر اتعمل من غير وجودنا، يبقى ليه كنا ملزمين نحضره بالعافية"، موضحة: "جمعنا فلوس من بعض وروحنا الموقف واتحركنا الساعة 4 ونص، والحادثة حصلت الساعة 7 الصبح".
أصيبت "فاطمة" بكسر في القدم، وحالتها مستقرة، لكنها شاهدت حالة زميلتها راعوث التي فقدت جنينها نتيجة للحادثة: "كل اللي كانوا في الحادثة زمايلي لكن أصعبهم راعوث كانت حامل اضطرت تركب العربية الجنين مات نتيجة كسور والرحم انفجر واتشال".
وبجوارها الطبيبة فاطمة يقف زوجها أحمد، الذي عانى كثيرًا في مستشفى حلوان، حتى حصل على أشعة زوجته، إذ منعه مركز الأشعة بالمستشفى من رؤية الأشعة: "ما كنش فيه حد بيطمن الأهالي ورفضوا يدونا الأشعة، وبطالب بتصليح الوضع ومحاسبة المسؤولين وتحسين أوضاع مديريات الصحة لعدم تكرار الحادثة".
القس إيليا: راعوث استأصلت الرحم إضافة لكسور في الحوض والورك
يقول القس إيليا عم الطبيبة راعوث القس، إنهم منعوها من السفر لكونها حامل في الشهور الأولى، وهو ما يشكل خطورة على صحتها وصحة الجنين، لكنها حاولت الاعتذار ورفض.
وأضاف أنها أبلغت والدتها قبل السفر بساعات قليلة، ولم تتمكن من الاعتذار: "حاولت تعتذر لكنهم هددوها بنقلها من الإدارة التابعة ليها، وتحويلها للتحقيق"، مشيرًا إلى أن إحدى زميلاتها أخبرهم هاتفيا، وجاؤوا إلى معهد ناصر، لكن وجدوا حالاتها سيئة جدا: "راعوث جنينها مات بسبب كسور والرحم انفجر وعملت 3 عمليات وشالت الرحم، وكمان عندها كسر في الحوض ومفصل الورك".
وأنهى إيليا حديثه بقوله: "لا بد من محاسبة المسؤولين عشان نرجع حق ولادنا اللى بيروح بسبب الإهمال".