تمنيت لو أننى أستطيع أن أكتب هذا الأسبوع عن أى شىء غير حوار «السيسى» مع الإعلاميين لميس الحديدى وإبراهيم عيسى، رحمة بالقارئ الذى لن يجد دون ذلك ما يقرؤه، ولكننى فشلت فى مقاومة الرغبة بالاشتراك فى الحديث الأكثر رواجاً، رغم أننى سوف أكتفى بتسليط الضوء على إحدى نقاط الحوار، الذى أراه ناجحاً فى مجمله، لأنه يُظهر بساطة الرجل وعفويته التى تُعجب بل تُبهر المواطن البسيط.
والنقطة التى أود تسليط الضوء عليها هى مسألة العفو الرئاسى الذى استغلته الجماعة الإرهابية أسوأ استغلال، فأصدر «مرسى» خلال فترة ولايته القصيرة 5 قرارات بالعفو عن 810 أشخاص معظمهم -إن لم يكن جميعهم- متهمون بالإرهاب والقتل! وقد أصدر اسم النبى حارسه القرار الأول بعد توليه بـ19 يوماً فقط، عرفاناً بالجميل للجماعات الإرهابية التى ساندته فى الوصول إلى سدة الحكم.
وعندما تطرق الحوار مع «السيسى» إلى ذلك الأمر علق بأنه كان من المعارضين المعترضين على مبدأ العفو عن الإرهابيين فى المطلق، مؤكداً أنه قال لمرسى: «انتم بتخرجوا ناس هاتقتلنا».
وأود هنا أن أُذكّر الجميع بأن موضة العفو عن (الناس إللى هاتقتلنا) بدأت قبل عهد الإخوان، وأن العفو الأول والأكثر إثارة للجدل لم يكن فى عهد «مرسى» ولكنه كان فى عهد المجلس العسكرى، الذى أصدر أثناء حكمه مرسوماً بقانون رقم 7 لسنة 2011 بالعفو عن المسجونين الذين تجاوزوا نصف المدة المحكوم بها عليهم والبالغ عددهم وقتذاك 60 شخصاً كان من ضمنهم «عبود الزمر» و«طارق الزمر»، اللذان كانا يقضيان عقوبة مشددة بالسجن، بلغت 65 عاماً لعبود، و47 عاماً لطارق، إثر إدانتهما بأحكام صادرة من المحكمة العسكرية العليا، ومن محكمة جنايات أمن الدولة العليا لاتهامهما بالمشاركة فى اغتيال الرئيس المصرى الراحل أنور السادات.
والأخطر من ذلك أنه لم يكن يخفى على المجلس العسكرى أن عبود الزمر لم يعض بنان الندم على فعلته، بل إنه لم يُعدل قناعاته إلا عام 1997 بانضمامه لمبادرة وقف العنف التى أطلقها كرم زهدى، لكنه لم ينقطع طوال فترة سجنه عن العمل التنظيمى، حتى إنه قاد بنفسه الجبهة التى ضمت كل المجموعات الجهادية فى السجون، على رأسها تنظيم «أيمن الظواهرى» و«سالم رحال» و«عبدالسلام فرج» والجماعة الإسلامية.
والسؤال الذى كنت أتمنى أن يمتلك إبراهيم عيسى -تحديداً- جرأة طرحه على «السيسى»، باعتبار «عيسى» ما زال محسوباً على معسكر الثوار:
«طب وكان إيه موقفك يافندم لما المجلس العسكرى أصدر قراره بالعفو عن عبود وطارق الزمر؟».
لكن «عيسى» -وبكل أسف- لم يجرؤ.