خبير بالوكالة الأمريكية يكشف استراتيجية مصر لمواجهة أزمة المياه
رضوان: لا يوجد شح مائي عالمى شامل.. ولدينا ابتكارات تكنولوجية
الدكتور فيصل رضوان أستاذ التكنولوجيا الحيوية
بعد ظهورالفقر المائي في غالبية البلدان، لم تغفل مصرذلك، فبدأت مشروعات قومية متميزة ، وركزت على تبطين الترع والإستثمار في المياه، وتطويع التكنولوجيا لتوفيرها.
وتتجه مصر لهذه الآليات بشكل متميز بحسب ما أكده الدكتورفيصل رضوان، أستاذ التكنولوجيا الحيوية والسموم البحرية بالوكالة الأمريكية للمحيطات والأجواء، في حواره لـ«الوطن».
وأضاف «رضوان» أن "التحرك المصري الحالي نحوتحديث مرافق الري ورفع كفاءة إدارة الثروة المائية هو رد عملي استراتيجي هام للتغلب على أزمة شح المياه في الوقت الحاضروالمستقبل".
مؤكداً على ضرورة تحسين البنية التحتية للحفاظ على المياه ، وأن زيادة الإستثمار في تكنولوجيا تحلية المياه المالحة بالطاقة الشمسية، والتوسع في أنظمة الري الزراعي الذكية، يضمن كفاءة عالية في استخدام المياه والتحكم فيها.
وعن كيفية الاستثمار في المياه وآليات ذلك؟ قال د فيصل رضوان " تخلق الحاجة المتزايدة للمياه دوافع كبيرة وفرص اقتصادية تدعم رؤيتنا نحو حتمية دعم كامل للإستثمارات المستقبلية في التكنولوجيا الحديثة لإدارة وتوفيرمصادرمياه عذبة وآمنة، وأدى النمو السكاني إلى تفاقم الإجهاد المائي العالمي، ولا سيما في البلدان التي تكون فيها الموارد الهيدرولوجية شحيحة، لذلك ظهرت الحاجة الملحة لأهمية تطوير وسائل الحفاظ على الثروة المائية العذبة وتحلية المياه، وكلها تتطلب استثمارات كبيرة، وفق مجموعة من الآليات المتمثلة في ضرورة التوسع الحضري والتصنيع المتزايد، وتطوير بنية تحتية مائية جديدة كبيرة مع انتقال المزيد من السكان إلى المدن.
وفيما يعني الاستثمار التكنولوجي في المياه، شرح د. رضوان قائلاً: "هو تطوير واستخدام تقنيات تحلية المياه لتحقيق جدوى اقتصادية لتوفير موارد مياه إضافية، وهناك ابتكارات تكنولوجية جديدة تسهم في الحد من التكلفة الباهظة للتحلية، كما هناك حاجة ماسة لدعم البحوث بالجامعات لإنتاج زراعات ذات قدرة على تحمل الملوحة العالية من الري بمياه البحر، أو مزيج من المياه العذبة ومياه البحر، ما يؤدى إلى خفض تدريجى لتكلفة تحلية المياه للقدر المقبول اقتصاديًا.
وعن حقيقة فقر المياه العالمي، يؤكد د فيصل رضوان أن "الفقر المائي هو حالة من نقص الموارد المائية العذبة المتاحة بشكل كافي لتلبية الطلب داخل منطقة جغرافية أو دولة، وفي الواقع فإن هناك كمية كافية من المياه العذبة على نطاق عالمي، لكن التوزيع غير المتكافيء أدى إلى وجود مواقع جغرافية شديدة الرطوبة ومواقع أخرى شديدة الجفاف، ونستطيع القول إنه لا يوجد شح مائي عالمى شامل، بل هناك عدد من المناطق التي تعاني من نقص مزمن في المياه، لأن استخدامها للمياه قد زاد بأكثر من ضعف سرعة الزيادة السكانية على مدى القرن الماضي.
وعن أسباب ظهور ما يسمى بالفقر المائي، أكد د. فيصل رضوان أن "السبب هوعدم التوافق الجغرافي والزمني بين الطلب على المياه العذبة وتوافرها، كما أن تزايد عدد سكان العالم وتغير أنماط الاستهلاك، والتوسع في الري الزراعي، كلها عوامل أدت إلى إشتعال الطلب العالمي على المياه، كما ساعد التغير المناخي، مثل تغير أنماط الطقس، وإزالة الغابات، وزيادة التلوث، وغازات الاحتباس الحراري، والإهدار في المياه إلى عدم كفاية الإمداد المائي.
وماذا عن التنوع البيولوجي، يجيب د. رضوان قائلاً: " تسبب ندرة المياه آثارًا سلبية مختلفة على الأنهار والبحيرات وموارد المياه العذبة الأخرى، ومنها ما يضر بالبيئة بعدة طرق، مثل زيادة الملوحة، والتلوث بالميكروبات الضارة، وفقدان كبير للأراضي الرطبة، مما يعرض النُظم البيئية والتنوع البيولوجي (ومنها أسماك المياه العذبة المهمة اقتصاديًا) للخطر بسبب انخفاض موارد المياه.
أما عن كيفية تفادي الفقر المائي، فيقول د فيصل رضوان: "أولاً يتم ذلك من خلال الإدارة المستدامة لموارد المياه، فيجب أن تعطى الأولوية لتحسين البنية التحتية لنقل المياه، فالحفاظ على الثروة المائية يعتمد تماماً على كفاءة هذه المرافق وتقليل الفاقد وتسرب المياه، وبذلت مصر بقيادة الرئيس السيسي جهودا متميزة في حصر شامل للبنية التحتية للمياه، لتبطين وتغطية جميع الترع والمصارف، المتفرعة من نهر النيل، والتي قد تصل لأكثر من 12000 كيلومتر، وتتنوع عملية تبطين الجدار لمنع تسرب المياه، ما بين استخدام الدبش المغطى بطبقة خرسانة عادية أو التبطين بالخرسانة المسلحة، وذلك بعد دراسة حالة كل مجرى مائي على حدة، ومشروع التبطين القومي له أثر كبير في سرعة تدفق المياه، وعدالة توزيعها، وله فوائد صحية وبيئية رائعة، بالإضافة إلى توفير مياه يتم هدرها سنوياً والتي قد تصل إلى 25% على أقل تقدير، والتحرك المصري الحالي نحو تحديث مرافق الري ورفع كفاءة إدارة الثروة المائية هو رد عملي واستراتيجي هام للتغلب على أزمة شح المياه في الحاضر والمستقبل.
ثانيًا: المياه المعالجة حيث يسهم تجميع مياه الأمطار والسيول، وكذلك تجميع مياه الصرف الصحي المعاد تدويرها في تقليل الشح المائي وتخفيف الضغط على المياه الجوفية وغيرها من المسطحات المائية الطبيعية.
وختم د. فيصل رضوانه حديثه للوطن داعيًا إلى نشر التوعية بترشيد استهلاك المياه، لأنه أمر بالغ الأهمية لحل أزمة الشح المائي.
وأكد أنه أصبح من الضروري إجراء إصلاح جذري لجميع أشكال استهلاك المياه في الزراعة، أو حتى الاستخدام الشخصي.
ووفقًا لتقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، فإن 785 مليون شخص في العالم يفتقرون إلى الوصول إلى مياه نظيفة (حوالي عشر سكان العالم لديهم أزمة مياه).
وتصنف أزمة المياه بأنها الخطر العالمي في الترتيب الرابع من حيث التأثير على المجتمع.