شركات الحديد تعوض خسائر كورونا برفع أسعار الطن: يقترب من 14 ألف جنيه
توجهات صينية تهبط بأسعار الخام..والمصانع المحلية تترقبت
أسعار الحديد
قبل شهر ونصف تقريبا، أعلنت شركات الحديد عن زيادة أسعار الطن بقيمة 500 جنيه، كأول زيادة لها في الأسعار بعد نحو 10 أشهر من الاستقرار، قبل أن تلحقها زيادة بنفس القيمة بعد أسبوع واحد فقط.
وفي 23 ديسمبر الماضي؛ قررت الشركات زيادة السعر بواقع 1000 جنيه في الطن دفعة واحدة، ليقفز الطن من 9600 جنيه كمتوسط إلى 13650 في المتوسط، كسعر «تسليم المصنع»، وهو السعر الذي اعتبره البعض «غير مبرر»، بينما تقول المصانع إنه «حتمي».
ومنذ بداية أزمة كورونا، وقرارات إغلاق الاقتصاد التي بُدأ تطبيقها على مستوى العالم، وقيام مصر بحظر أغلب الأنشطة التي تُجنبها انتشار الفيروس، دخلت سوق مواد البناء، وفي المقدمة منها حديد التسليح، حالة ركود حاد، نتيجة تراجع الطلب من جانب المستهلكين.
وعلى الرغم من التوجيهات الحكومية بأهمية استمرار المشروعات القومية، وأعمال الإنشاءات التي تنفذها شركات المقاولات في البنية التحتية والمدن الجديدة، إلا أن حالة الركود أحكمت سيطرتها على السوق، نظرا لأن مشروعات التشييد والمشروعات القومية تستهلك نحو 50% من إنتاج الحديد، بينما يمثل المستهلكون الأفراد النصف الآخر من الاستهلاك المحلي.
وتنتج المصانع المحلية ما يقرب من 8 ملايين طن سنويا، بينما يدور الاستهلاك المحلي حول 7.3 مليون طن، بحسب مصادر في السوق تحدثت لـ«الوطن».
غير أن تداعيات أزمة «كورونا» تزامنت مع عوامل أخرى عززت من حالة الركود، وتراجع الطلب على الحديد، كان على رأسها قرار الحكومة قبل الأزمة بوقف منح تراخيص البناء نهائيا لمدة 6 أشهر، وهو القرار الذي انتهت مدة تنفيذه مطلع يونيو الماضي.
وخلال الأشهر التسعة الماضية ساهم تراجع نشاط الاقتصاد العالمي في تراجع الطلب على الخامات الأولية، وفي المقدمة منها خامي الحديد والخردة، اللذان يعتبران من المصادر الرئيسية لصناعة الحديد، وتستورد مصر نحو 90% من تلك الخامات، وفقا لطارق عبد العظيم أحد العاملين بقطاع الحديد.
ومع إعلان شركة «فايزر» عن الانتهاء من إنتاج أول لقاح مضاد لفيروس «كورونا» وموعد طرح في الأسواق، شهدت أسعار تلك الخامات تغيرا جوهريا، نتيجة حالة التفاؤل الحذر بشأن إمكانية عودة النشاط الاقتصاد، إذ بدأ كبار اللاعبين في سوق الحديد زيادة مشترياتهم من الخامات الأولية، وبدأت مصانع الصين - التي تعد أكبر منتجي الحديد - في العودة مجددا للإنتاج، وسحب كميات كبيرة من الخام، حيث تشتري المصانع الصينية أكثر من نصف إمدادات الخام القادمة من مناجم أستراليا والبرازيل.
وبحسب تقارير مؤسسات دولية تتابع نشاط الصلب في العالم، مثل «فاست ماركتس»، فإن سعر طن الخردة ارتفع بنحو 60 دولارا، ليصل السعر إلى 430 دولارا، منتصف ديسمبر الماضي، كما ارتفع بنحو 26 دولارا لخام الحديد، ليصل السعر إلى 160 دولارا، وهو ما يعني زيادة تكلفة إنتاج الطن ما بين 39 و80 دولارا، وفقا للمصانع المحلية.
وتعتبر المصانع المحلية أن ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج سببا رئيسيا لزيادة الأسعار، وأن الأمر لا يقتصر فقط على الخامات العالمية، إذ إن أسعار الغاز الطبيعي تعد من بين الأسباب التي تزيد من تكلفة الإنتاج في مصر، نظرا لأن المصانع - العاملة بنظام الدورة المتكاملة - تحصل عليه بنحو 4.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية، بينما يتاح لأغلب المصانع في دول العالم بنحو 2 - 3 دولارات، لكن اللافت أن بعض من هذه الأعباء تراجع نسبيا نتيجة استقرار سعر الصرف، وتراجعت تكلفة التمويل، بعد خفض البنك المركزي سعر الفائدة بنحو 4% منذ مارس الماضي وحتى نهاية 2020.
وأرجعت مصادر بالسوق الزيادة التي أقرتها مصانع الحديد المحلية، إلى الخسائر التي مُنيت بها طوال الأشهر الماضية، نتيجة التراجع في الطلب، وأشارت إلى أن المصانع تسعى للإبقاء على «أفرانها» دون إغلاق، والإنتاج، بما يسهم في الحفاظ على العمالة لديها.
غير أن السؤال يبقى؛ هل ستواصل أسعار الحديد المحلية قفزاتها خلال الفترة المقبلة؟ تقول مصادر بالسوق إن الأمر مرتبط بأداء الاقتصاد العالمي خلال الفترة القليلة المقبلة، وإن نجاح لقاح «كورونا» وفعاليته، قد يسهمان في تحريك النشاط الاقتصاد مجددا، وهو ما يعني عودة المصانع للعمل بطاقتها الإنتاجية، ومن ثم زيادة الطلب على الخامات، وزيادة أسعارها عالميا، وبالتالي محليا.
في المقابل تشير حالات الإغلاق التي دخلت فيها بعض الاقتصادات الأوروبية والأسيوية إلى أن حالة من الركود ستسيطر على الاقتصاد العالمي خلال شهري يناير وفبراير قد تؤدي إلى تراجع أسعار الخامات، كما تؤكد الأنباء القادمة من الصين أن الخامات العالمية في طريقها إلي التراجع الفترة المقبلة، إذ تعهد «المارد الأصفر» بالحد من إنتاج الصلب خلال العام المقبل.
ونقلت وكالة أنباء الصين «شينخوا»، عن «شياو ياشينغ» وزير الصناعة الصيني قوله، إن الصين سوف تراجع إنتاج الصلب الخام خلال العام المقبل، وأكد أن هناك قواعد جديدة بالنسبة لإحلال الطاقات الإنتاجية للصلب في الصين، مع الضغط على الشركات للحد من العوادم الغازية الناجمة عن الصناعة. وأعقبت تصريحات الوزير تراجعات في سعر خام الحديد، حيث تراجع سعر خام الحديد في تعاملات بورصة سنغافورة للسلع بنسبة 4.4% إلى 153.80 دولار للطن، وهى التطورات التي قد تنعكس إيجابا على أسعار الحديد المحلية، بشكل أو آخر.