ناجية فهمي: سرعة التفاوض مع شركات الدواء تنقذ مرضى ضمور العضلات
4 عقاقير لتعديل جين الديستروفين اعتمدت لعلاج «دوشين»
دكتورة ناجية
في حوارها مع «الوطن»، أكدت الدكتور ناجية علي فهمي، أستاذ المخ والأعصاب ومدير وحدة أمراض العضلات والأعصاب بكلية الطب جامعة عين شمس، أن ارتفاع نسبة الإصابة بمرض ضمور العضلات في مصر، وخصوصا «دوشين» و«الشوكي» عن النسبة العالمية، سببه زيادة نسبة زواج الأقارب، مشيرة إلى طرح أدوية لعلاج في الخارج، لكن المشكلة تكمن في ارتفاع ثمنها، وطالبت أستاذ المخ والأعصاب، بإنشاء مركز قومي لأمراض العضلات والأعصاب في مصر، ليكون مسؤولا عن التشخيص والعلاج والأبحاث، ودعت إلى سرعة التفاوض مع شركات إنتاج الأدوية في العالم لإنقاذ الأطفال من ضحايا هذا المرض في مصر، وإلى نص الحوار:
» بداية ما هي أمراض العضلات والأعصاب وأنواعها؟
هي أمراض تصيب عضلات الجسم والخلايا العصبية بالنخاع الشوكي وجذع المخ، وكذلك أمراض جذوع الأعصاب والأعصاب الطرفية ووهن العضلات، ويوجد منها أنواعا كثيرة، أخطرها النوع الأول والثاني، اللذان يصيبان حديثي الولادة والأطفال في أول عامين، وهما يؤديان إلى وفاة الأطفال بسبب فشل وظائف التنفس، حيث يتم تشخيص هذه الأمراض عن طريق التحليل الجيني، الموجود حاليا في مصر.
» وما أسباب الإصابة بهذه الأمراض؟
الأسباب كثيرة ومتنوعة، وتتراوح بين الإصابات الخلقية والجينية التي تسبب ضمور العضلات المختلفة، أو الالتهابات الحادة والمزمنة أو نقص الفيتامينات والمواد الغذائية بالجسم، كذلك اضطرابات الأيض والغدد النخامية، وقد تحدث كنتيجة ثانوية لبعض الأمراض الروماتزمية والأورام المختلفة والعلاجات الكيماوية والإشعاعية وبعض الأدوية واللقاحات والسموم.
» وماذا عن النسبة في مصر قياسا إلى المعدل العالمي؟
النسبة في مصر مرتفعة، بسبب ظاهرة زواج الأقارب، وقياسا إلى عدد المواليد سنويا في مصر وفق بيانات عام 2019 ، فهناك حوالي 330 طفل مرضى بـ«دوشن»، و230 طفل مصابين بضمور العضلات «الشوكي»، ويشكل ضمور العضلات الشوكي «Spinal Muscular Atrophy «SMA، مشكلة الآن في مصر، وهو يصيب الذكور والإناث وتبلغ النسبة العالمية للإصابة به طفل لكل 10 ألاف مولود ذكر أو أنثى سنويا، هذه النسبة تزيد في مصر مع انتشار زواج الأقارب، ونصفهم يموتون في عامهم الأول.
» وهل رصدت أمراض مصاحبة للإصابة بضمور العضلات؟
أمراض ضمور العضلات، تؤدي إلى تدهور مستمر في حركة الطفل مع ضمور بعضلات الجسم والقلب والتنفس، تجعل الطفل يفقد القدرة على المشي في عمر لا يتجاوز الثانية عشرة، وتحدث الوفاة نتيجة لفشل في وظائف القلب والتنفس قبل سن العشرين.
» هل هناك علاج ناجع لضمور العضلات؟
ضمور العضلات ظل لسنوات عديدة دون علاج، نظرا لأسبابه الوراثية، ولكن مع التقدم التكنولوجي في السنوات الماضية تم استخدام أجهزة التكنولوجيا الحديثة في تشخيص تلك الأمراض، واعتمدت أدوية حديثة لتلك الأمراض، بعدما وافقت منظمة الغذاء والدواء بالولايات المتحدة الأمريكية على علاجين لمرض ضمور العضلات «دوشن» وعلاج لمرض ضمور العضلات «الشوكي»، كما وافق الاتحاد الأوروبي على علاج حديث لضمور العضلات «دوشن»، وتعتمد هذه العلاجات الحديثة على التشخيص الوراثي الدقيق لتلك الأمراض، وهذه الأدوية تعدل الطفرات الوراثية لهؤلاء المرضى.
» وماذا عن نجاحات هذه الأدوية ونسب الشفاء التي حققتها؟
هناك ثلاثة أنواع من الأدوية تم اعتمادها عالميا وطرحت في الأسواق، إثنان منها تعتمد على التعديل الجيني للجين المصاب، ويجب أخذها بصفة مستمرة، والنوع الثالث هو نقل الجين السليم، ويعطى مرة واحدة فقط للطفل قبل عمر العامين، وهذه الأدوية تعطى في العامين الأولين هي بمثابة طوق النجاة لهؤلاء الأطفال لإنقاذ حياتهم، وخاصة لو تم إعطاء هذه الأدوية قبل اضطراب التنفس وقبل وضع هؤلاء الأطفال على أجهزة التنفس الصناعي ومن الممكن إعطاء هذه الأدوية للأطفال الأكبر سنا، والتي تؤدي إلى تقليل التدهور والحد من الإعاقة الحركية لديهم، ولكن المشكلة أن هذه الأدوية سعرها كان مرتفعا ومبالغا فيه عندما طرحت في أسواق العالم، ما اضطر الحكومات إلى التفاوض على أسعار هذه العلاجات، والأن ظهرت أكثر من شركة، كما ظهر علاج نقل الجين السليم والذي يقسط ثمنه على سنوات عدة، وهو ما يتيح التفاوض على أسعار هذه الأدوية.
» وما هو ضمور العضلات دوشن؟
هو مرض يصيب العضلات نتيجة لطفرة وراثية على جين الديستروفين المحمول على الكروموسوم إكس، لذلك يصيب الذكور ولا يصيب الإناث، وهو أكثر أمراض العضلات شيوعا، حيث يصيب الأطفال الذكور بنسبة طفل لكل 3300 مولود ذكر سنويا، ووفق نسبة المواليد السنوية في مصر لعام 2019 فإنه يولد حوالي 330 طفل دوشن سنويا، وهذا المرض يؤدي إلى الإعاقة الحركية المستمرة، ويفقد الطفل قدرته على المشي في عمر الثامنة حتى عمر الثانية عشر، ويحتاج كل أطفال الدوشن إلى الكراسي المتحركة في هذا العمر، ويستمر التدهور ليصيب عضلة القلب وعضلات التنفس لتكون الوفاة الحتمية بفشل عضلات القلب والتنفس عند بلوغ عمر الخامسة عشر، ومتوسط عمر طفل «الدوشن» في مصر أقل من باقي الدول الأوروبية، لأن عدد المتخصصين في علاج المرض قليل.
» وهل تم إيجاد علاج ناجع لـ«لدوشين»؟
اعتمدت عالميا 4 عقاقير حتى الآن لتعديل جين الديستروفين، وتقليل التدهور الحركي وإصابة القلب وعضلات التنفس، وتتنافس الشركات الأن على هذه الأدوية ما يتيح فرص التفاوض معها.
» في تقديرك، كيف يتم مواجهة هذا المرض في مصر؟
في البداية لابد من إعلان مبادرة لأطفال مصر، لسرعة تشخيص وعلاج أمراض العضلات والأعصاب، ولتكن البداية بمرضي ضمور العضلات الشوكي ومرض ضمور العضلات دوشن، وكذلك يجب التفاوض بسرعة مع شركات الأدوية لإنقاذ الأطفال من الوفاة والإعاقة الحركية، وكذلك عمل إحصاء قومي لتلك الأمراض عن طريق وزارة الصحة، ومن الممكن استخدام البيانات ببطاقة الإعاقة المتكاملة، والأفضل إنشاء مركز قومي لأمراض العضلات والأعصاب في مصر يكون مسؤولا عن تشخيص وعلاج وأبحاث لتلك الأمراض، وخصوصا أبحاث العلاجات الحديثة مع إنشاء وحدات متخصصة بمستشفيات التأمين الصحي والمستشفيات الجامعية تكون مسؤولة عن رعاية هؤلاء المرضى.