عضو أول مجموعة واجهت إسرائيل بعد 67: قتلت وزميلي 30 فرداً في ساعتين.. وقضينا على أسطورة الجيش الذي لا يُقهر
الرائد بحري سمير نوح..أحد أبطال حرب أكتوبر
يعتبر الرائد بحرى سمير نوح، أحد رجال الشهيد البطل العميد إبراهيم الرفاعى، أحد أوائل الأبطال المصريين الذين واجهوا الجيش الإسرائيلى عقب هزيمة 1967، ونجح فى تلك العملية برفقة أحد زملائه فى قتل 30 إسرائيلياً دفعة واحدة.
الرائد بحري سمير نوح: حرب الاستنزاف كسرت الخوف من الهزيمة.. وشاركت في 35 عملية ضد «المُحتل»
وقال، فى حوار لـ«الوطن»، إن حرب الاستنزاف، وعملياتهم برفقة الشهيد إبراهيم الرفاعى، عملت على تحطيم أسطورة الجيش الذى لا يُقهر، وكسر الخوف من الهزيمة، مشيراً إلى أنهم قاموا بـ35 عملية كُللت بالنجاح ضد المحتل، وإلى نص الحوار:
الشهيد إبراهيم الرفاعي أذاق العدو الويل وزرع في قلوب جنوده الرعب
كنت أحد أوائل الجنود المصريين فى مواجهة الجيش الإسرائيلى بعد النكسة.. كيف تتذكر ذلك؟
- بالفعل كنت أحد أفراد أول مجموعة مصرية واجهت الجيش الإسرائيلى عقب حرب 1967، وقمنا فى المجموعة «39 قتال»، بقيادة أمير الشهداء العميد إبراهيم الرفاعى، بتنفيذ عشرات العمليات خلف خطوط العدو، خلال فترة حرب الاستنزاف، وحتى نصر أكتوبر المجيد، مما أدى إلى وصف وزير الدفاع الإسرائيلى موشيه ديان لنا بـ«الأشباح»، نظراً لعدم تمكنهم من إلقاء القبض علينا، ونجاحنا فى التسلل وتنفيذ المهام المكلفين بها فى سيناء.
وما عدد العمليات التى قمتم بها ضد «الاحتلال» فى ذاك التوقيت؟
- أكثر من 35 عملية ناجحة، جعلت الرعب والفزع يتسلل إلى قلب الاحتلال.
وما أكثر العمليات التى لا تنساها؟
- هى عملية الثأر للشهيد عبدالمنعم رياض، التى عُرفت بـ«لسان التمساح»، وهذا بالإضافة إلى أغلب عملياتنا؛ فالبعض يتصور أن النصر وتحرير الأرض من الاحتلال قد تحقق فقط فى ذكرى نصر أكتوبر العظيم، ولكن الحقيقة أن حرب الاستنزاف مهدت كثيراً للحرب، ورفعت معنويات جنودنا، وكسرت الرهبة أو الخوف من الهزيمة، وواجهت الدعاية والحرب النفسية التى كان يشنها العدو ضدنا.
وكيف انتقمتم للفريق عبدالمنعم رياض؟
- بالإغارة على الموقع الذى أطلق النيران عليه؛ ففى 19 مارس عام 1969، كان الشهيد عبدالمنعم رياض، رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق، يمر على الخطوط الأمامية للجبهة، ودخل نادى الشاطئ، المواجه لموقع «لسان التمساح»، وشعر العدو بوجود شخصية بارزة؛ فأطلق قذائف الهاون والصواريخ، ليُصاب الفريق عبدالمنعم رياض، ويُستشهد بين ضباطه وجنوده، لكن القيادة كلفتنا بتنفيذ عملية انتقامية له، بقيادة البطل إبراهيم الرفاعى.
وما الذى قمتم به للانتقام للشهيد؟
- انطلق «الرفاعى» بصحبة عدد من الضباط ومقاتليه، أفخر بأننى كنت من بينهم، واستطلع موقع «لسان التمساح» من مبنى الإرشاد فى هيئة قناة السويس، ورُسم رسم تخطيطى للموقع، وكانت به 4 «دشم»، وأرض لتجميع الأفراد، وخلفها مخازن الذخيرة، والوقود والتعيينات، ليعود للقاهرة، وبدأ تدريب الأفراد الذين سيكلفهم بـ«العملية».
وما الذى حدث بعدها؟
- اخترنا «ليلة أربعين» استشهاد «رياض»، وذهبنا برفقة ضابط استطلاع، و4 ضباط، و40 فرداً، فى المبنى المواجه لـ«لسان التمساح»، ثم ذهبنا لتناول الغداء، وأعطانا «التلقين النهائى»، وأثناء الليل، قصفت المدفعية الموقع، وهنا اختبأ العدو داخل المخابئ، ودخلوا الدشم ولم يخرجوا منها طوال فترة القصف المدفعى، وعبرنا، ليقف ضرب المدفعية، لتتجه كل مجموعة تجاه الدشمة المكلفة بالإغارة عليها، وكنت بمجموعة الاقتحام الأولى بقيادة المرحوم الرائد فى هذا التوقيت أحمد رجائى عطية، لنتقدّم إلى أعلى الموقع، ثم ألقينا قنابل يدوية من فتحات التهوية.
وما نتيجة ذلك؟
- كانت القنبلة ذات صوت شديد، وقنابل مسيلة للدموع، وقمنا بقطع أسلاك التليفونات، وحرق عربات الموقع، وإسقاط العلم الإسرائيلى، وتدمير مدافع العدو، ومخازن الذخيرة الخاصة به، وهرب أفراد العدو من الخنادق كالفئران لنصطادهم برصاصاتنا، لنقتل 44 فرداً كانوا فى الموقع، وكنت و«المقاتل هنيدى»، أحد أفراد المجموعة، أكثر من قتلنا من العدو، إذ أفخر بقتلنا 30 فرداً من المتورطين فى استشهاد الفريق عبدالمنعم رياض، ونجحنا فى الاستيلاء على الموقع.
كما زرعنا ألغاماً حول الموقع، ليفاجأ العدو بذلك، ويتم تدمير مدرعتين دفعهما لملاحقتنا، وظللنا مسيطرين على الموقع لمدة ساعتين بعد تدميره، ولم يستطع أحد أن يوقفنا، وكان البطل إبراهيم الرفاعى يتأكد من نجاح العملية، وكان آخر المنسحبين من الموقع بعد إتمام المهمة المكلفين بها بنجاح منقطع النظير.
وما كان تقدير القيادة السياسية لهذه العملية؟
- زار الرئيس الراحل جمال عبدالناصر مصابى العملية فى المستشفى، واطمأن لكفاءة رجال الصاعقة المصرية، وحرص على سماع تفاصيل العملية من رجال الكتيبة، وكان مسروراً للغاية بقواتنا، وهروب العدو أمامنا كالفئران، وهو ما تكرّر فى العمليات التالية خلال حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر المجيدة، إلى أن استُشهد البطل إبراهيم الرفاعى بعدما أذاق العدو ورجاله الويل خلال سنوات طوال مما زرع فى قلوب الأعداء الرعب.
أخذ الثأر
أعتبر معركة لسان التمساح الأقرب لقلبى لأنها كانت المعركة الأولى التى يتواجه فيها الجيشان المصرى والإسرائيلى وجهاً لوجه منذ حرب 1948، وقضينا خلالها على أسطورة «الجيش الذى لا يُقهر»، ونجحنا فى أخذ الثأر للفريق عبدالمنعم رياض.