سر «فلاشة» المهرجانات الممنوعة بأمر النقابة: «أرباح أكتر وخدعة اللايف»
جمهور المهرجانات يتفاعل مع أحد المؤدين
كانت السنوات الأخيرة فاتحة لعهد جديد من الموسيقى في مصر وأصبحت أغاني المهرجانات هي المسيطر على هذه الموجة لتشق طريقها في المناسبات والأفراح، وبات الغناء والرقص على آلاتها وكلماتها غير المتراتبة يملآن الساحات، وبسبب عدم تصحيح مطربيها أوضاعهم مع نقابة المهن الموسيقية اتخذت شكلًا جديدًا خلال الفترة الأخيرة وأصبح التغيير يلوح في الأفق.
نقابة المهن الموسيقية خلال الأيام الماضية، منعت عددا من المؤدين البارزين لهذا النوع من الغناء من العمل وسحب تصاريحهم السنوية للغناء لأسباب من ضمنها الألفاظ النابية وعدم الالتزام بأخلاقيات مهنة الغناء واستخدام الفلاشة وغيرها، الأمر الذي أثار جدلا واسعا.
الدرامز يعلو على المغني نفسه
تعتمد أغاني المهرجانات الشعبية منذ ظهورها على الساحة الغنائية على الرتم الموسيقي الصاخب والكلمات السريعة، حسبما يراها شريف إبراهيم، أحد منظمي هذا النوع من الحفلات في مصر، لافتًا إلى أنها لا تحمل مدلولًا لفظيًا على قدر استهدافها الحركات السريعة والرقص حتى في حالة استخدام كُتابها كلمات حزينة: «مش بتناقش أي موضوع» فقط يواصلون ترديدها دون إيصال فكرة محددة وبرهان حتى مؤديها لا يستطيعون غناءها سوى بهذه الطريقة التي يعلو فيها صوت آلة الدرامز على صوت المطرب نفسه.
موسيقى رديئة بدأت عام 2007
هذا النوع من الموسيقى بدأ في الظهور عام 2007 بشكل رديء ومختلف تمامًا في تفاصيله عن الوقت الحالي من حيث إدخال أنواع مختلفة من التوزيعات ونوع المزيكا وأصبح المهرجان وفق حديث شريف الذي أكد خلال حديثه لـ«الوطن» أنه تحوَّل إلى «أكل عيش» وبات هو المسيطر على الشارع بعدما كان نجوم المهرجانات يشعرون بالحرج من صناعته: «المهرجان أول ما ظهر اللي بيغنوا كان عددهم محدود وكانوا بيسمعوا كلام زي إيه اللي انتوا بتقولوه ده».
لماذا الفلاشة؟
«هي ساعة إلا ربع بتتسجل على فلاشاية» جاءت هذه الجملة في بداية حديث «مصطفى دولسيكا» وهو مدير أعمال مؤدي المهرجانات الشاب حمو بيكا، ليكشف بها سر الفلاشة التي ذاع صيتها في الحفلات وأثارت الجدل في الوسط الغنائي، مؤكدًا أنها مجرد ذاكرة صغيرة تحفظ في الجيب ممتلئة بالأغاني الأصلية لمدة 45 دقيقة وهي «تراكات» صنعت مسبقًا في ستوديوهات بصوت مؤدي المهرجان وتستخدم بطريق «playback» مع الـ «دي جي» ويكرر معها المغني بصوته في المايك وبانتهاء مدة التسجيل تنتهي الحفلة.
مدير أعمال حمو بيكا: الأداء التقليدي لا يعجب الجمهور
يؤكد مدير أعمال «حمو بيكا» الذي اشتهر بغناء المهرجانات خلال السنوات الأخيرة، لـ «الوطن»، أن الجمهور أصبح ينتقد فكرة الغناء على طريقة الفرق الموسيقية التقليدية لأنها لا تناسب المهرجانات فالآلات لا جدوى لها مع الجمهور ولا تعطي الأداء الذي يتراقصون عليه.
الأداء التقليدي العادي لـ المطربين في عدم وجود هذه الفلاشة يشعرهم بالملل، خاصة أن الجمهور الذي يفضل هذا النوع الغنائي الخاص جدًا يحتاج إلى توزيع موسيقي بتقنيات تناسب الصخب الذي يرافق أغاني المهرجان والنغمة ذات السرعة المتواصلة وإمكانات مختلفة يجدونها في هذه «الذاكرة» ليس الأمر في الجاهزية والاستسهال لكن ببساطة هي رغبة المستمعين «عمرها ما هتديك الباور اللي عايزاه الناس مش هينفع تجيب المهرجان وتسمعه على طريقة مغني زي تامر عاشور» وفقًا لـ دولسيكا.
ألفاظ نابية في قلب ستاد القاهرة
أول حديث عن «الفلاشة» تزامن واقعة لفظتي «خمور وحشيش» ضمن أغنية «بنت الجيران» الشهيرة التي قدمها حسن شاكوش وعمر كمال مطربي المهرجانات في حفل عيد الحب في ستاد القاهرة في فبراير من العام الماضي 2020 وهو بداية إثارة الجدل مع النقابة في هذا الأمر.
وتاليًا عبَّرت النقابة عن غضبها من التعديل على كلمات الأغاني، وخرج أحمد رمضان، سكرتير عام نقابة المهن الموسيقية، ليؤكد في بيان أن تصريحات عمر كمال مغني المهرجانات، بشأن أزمة حفل ستاد القاهرة والتي قال فيها إنَّ الخطأ يعود لمهندس الصوت الذي كان بحوزته الفلاشة والذي اعتمد النسخة القديمة من مهرجان «بنت الجيران» لا تحمل حسن النوايا.
الربح المادي سر الفلاشة
في هذا الشأن يواصل شريف إبراهيم منظم المهرجانات، حديثه قائلا إن استعانة المغنين بـ«الفلاش ميموري» تسهل عليهم مهمة التعديل على كلمات الأغاني بأخرى تحمل ألفاظًا نابية لكسب عدد من الجمهور ما يعني تحقيق أرباح أكبر بما يتناسب مع الأجواء الخاصة بالحفل، بالإضافة إلى تسهيل مهمة الغناء في أكثر من مناسبة وهو غرض مادي وتحقيق الربح لأنهم ببساطة لا يبذلون مجهودا صوتيا فيمكن لهم إحياء الحفلة على هذا المنوال بعد إحياء حفل زفاف: «هو بيحرك شفايفه مع الفلاشة اللي شغالة يعني مبيعملش مجهود».
قبل أشهر نشبت خلافات بين مؤدي المهرجانات حسن شاكوش والمغني الشعبي رضا البحراوي بالتزامن مع حفلهما في الساحل الشمالي السبت في شهر أغسطس الماضي عندما تواجد الأول وفرقة البحراوي على المسرح نفسه الذي شهد الاحتفال وطلب شاكوش من الفرقة النزول من على خشبة المسرح.
وعندما بدأ شاكوش فقرته عادت فرقة رضا البحراوي على المسرح مرة أخرى قبل انتهائه من الغناء، ما أثار غضبه وحدثت مشادة كلامية بينهما ووصف المغني الشعبي مؤدي المهرجانات بأنه «بتاع فلاشة» فتدخل مطرب المهرجانات حمو بيكا لحل الأزمة.
غضب النقابة على الفلاشة
في سبتمبر الماضي أكد بيان صادر عن نقابة المهن الموسيقية، موجها إلى جميع الموسيقيين والمطربين أعضاء الجمعية العمومية بعدم التهاون في تطبيق القرارات التي اتخذت للإصلاح وتحديدا تطبيق قرار منع الغناء على الـ «فلاشة» ابتداءً من يوم الخميس 16 سبتمبر 2021.
أزمة الفلاشة لم تطل مطربي المهرجانات فقط لكن المنع والغرامة وصلا إلى الفنان أحمد سعد بعدما قررت النقابة تغريمه وإيقافه بسبب غنائه على الفلاشة، وقال أحمد رمضان، سكرتير نقابة المهن الموسيقية، في تصريح خاص لـ«الوطن»، إنه تم وقف المطرب أحمد سعد عن الغناء بسبب عدم سداده الغرامة الموقعة عليه بسبب غنائه في إحدى الحفلات على الفلاشة.