بالصور"سيدة القطط" اللبنانية تعتزل البشر: "لا أستطيع العيش دونها"
بجسمها البدين وملابسها البسيطة صعدت أدارج المكان، متخذة من الحائط معينا لها للوصول إلى مقعد، لتسند ظهرها الذي أحناه الزمن.
التفت حولها قطط كثيرة كانت شاردة في درج سان نيقولا في حي الجميزة بالعاصمة اللبنانية بيروت، وكأنها تبحث عن شيء، وما أن ظهرت السيدة البدينة حتى أقدمت عليها بالتودد، لتخرج لها طعامها اليومي من حقيبتها اليدوية ذات العجلات، التي تسهل عليها حمل الطعام.
سيدة القطط
جاءت السيدة السبعينية ذات الملامح الأوروبية لتطعم قططها، التي تنتظرها طوال اليوم، لترى ماذا أحضرت لها هذه المرة.
"القطط حياتي ولا أستطيع العيش دونها"، قالت "أنجيلا" بابتسامة خفيفة على استحياء وملامح تبدو صارمة، تعبيرا عن عقل يحمل أفكارا رزينة شكلتها سنوات عمرها التي غاب عنها الأشخاص بسفر أبنائها الاثنين للخارج ورحيل رفيق عمرها منذ خمس سنوات، لتملأ القطط كل حياتها.
لم تكن سيدة القطط ترضى عن سلوكيات البعض بتعذيب القطط وقتلها، حتى قررت مساعدتها وتخفيف آلامها، عندما يغزو المرض جسد الصغار منها تذهب للطبيب الذي يوصي بفترة راحة، فيتحول منزلها إلى مستشفى تأوى إليه القطط المريضة أو من في احتياج لمرحلة نقاهة.
لكن قلبها الضعيف عند سماع صوت قطة لا يترك أيا منها إلا بعد مثولها للشفاء، لتطمئن عليها في منزل آخر يعشق القطط مثلها.
"العمر مر بي كثيرا، وأخشى أن أتركها فلا تجد من يرعاها"، أنجيلا التي بدت ممسكة بعصاها وكأنها تترقب لحظة لتنقض على من يثير غضبها أو حتى إزعاجها، شخصية طيبة القلب تخشى على قططها، التي بلغت 400 أو أكثر، من أي شر يمسها.
سيدة القطط
وبحكمة حملتها السنين على ملامح وجهها قالت أنجيلا: "عندما أستمع لصوت قط ليلا أهرع إليه لمعرفة ماذا يريد، بينما لا يؤثر في صوت طفل صغير يصرخ".
كلمات بدت وكأنها صارمة قاسية لكن لها سر عند سيدة القطط "القطط لا تؤذي أحدا بينما البشر يؤذون، "داعش" لا تعرف الرحمة، فتقتل البشر وتتلذذ بالدماء".
تحكي أنجيلا عن رغبتها في عمل جمعية حقوقية ترعى قطط لبنان لحمايتها من يد بعض البشر اللذين يؤذونها، لكنها لم تجد ما يسهل لها تنفيذ الفكرة بسب الإجراءات الروتينية والطلبات التي لا تقوى عليها بسبب جسدها الثقيل وقدراتها الضعيفة.
رغبة الذهاب لمنزلها، الذي أصبح دار رعايا لقطط لبنان، تقابل دوما بالرفض، خوفا على مشاعر قططها التي تخشى رؤية أي غريب "أشخاص كثيرون أرادوا تصويرها لكنها هربت بمجرد قدومهم للمنزل، فلا أريد ازعاجها ثانية".