احتضان «تمرد».. من مسيرة مايو إلى اجتماع 3 يوليو

مؤتمر حركة «تمرد» داخل جريدة «الوطن» بحضور «الجلاد ومسلم والخطيب»
شهدت مصر أحداثاً صعبة خلال عام من حكم جماعة الإخوان الإرهابية، عام تعددت فيه انتهاكات الجماعة لترسم مرحلة صعبة فى عمر الدولة المصرية خلال 2012 و2013، وفى تلك الأثناء واجهت جريدة «الوطن»، بشجاعة، إرهاب الإخوان فى تلك الفترة العصيبة، فكانت ترصد أوجه القصور فى إدارة البلاد حينها، والفشل على مستوى الحكم، كما سلطت الضوء على انتهاكات الجماعة الإرهابية فى الشوارع والميادين بحق المتظاهرين السلميين، وكانت فى مقدمة تلك الأحداث مذبحة الاتحادية التى سقط فيها مواطنون مصريون بعد هجوم مسلح من أفراد جماعة الإخوان.
وبعد عدة أشهر من حكم الإخوان، تحديداً فى 26 أبريل 2013، تأسست حركة «تمرد»، التى هدفت إلى «جمع 15 مليون توقيع من الشعب المصرى، لسحب الثقة من الرئيس مرسى وإسقاط شرعيته، التى سقطت بالفعل»، وكانت «الوطن» فى مقدمة الداعمين للحركة الشبابية، إذ ساندتها فى توفير مساحات خاصة عبر صفحاتها فى الجريدة وموقعها الإلكترونى منذ اليوم الأول للحركة، لنشر أخبارها وأماكن توزيع استمارات «تمرد»، وخريطة مسيرات الحركة، إضافة إلى تصريحات مؤسسيها.
مؤسسو «تمرد» يشيدون بدور الجريدة: فتحت أبوابها للحركة فى أصعب الظروف رغم مطاردة الإخوان
ورغم أنه لم يكن البعض متفائلاً بنجاح الحملة فى بدايتها، وتوقعات بفشلها، لعدم قدرة شباب مصرى على مواجهة جماعة تنظيمية يقودها تنظيم، قضت عشرات السنوات منذ تأسيسها فى عام 1928 تنتظر فرصة الانقضاض على الحكم، فإن «الوطن» احتضنت شباب حركة تمرد وخطة تحركات الحركة منذ اليوم الأول، وشاركت فى تغطية أول مؤتمر صحفى للحركة، تحت عنوان: «إطلاق حركة تمرد لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة»، وغطت «الوطن» مسيرة فى أول مايو، كانت هى الأولى لحركة تمرد بالتزامن مع عيد العمال، وأعطت الجريدة حينها مساحة تغطية واسعة فى صفحاتها لانطلاق المسيرة، التى تمكنت من جمع 200 ألف توقيع بعد أسبوع واحد فقط من انطلاق الحملة.
خصصت صفحات يومية لتغطية خط سير الحركة فى المحافظات وأماكن توزيع الاستمارات وجمع التوقيعات وتصريحات مؤسسيها
كما خصصت «الوطن» على صفحاتها بشكل دائم، مساحة لنشر خريطة يومية لأماكن توفير استمارات «تمرد» وجمع التوقيعات، ومتابعة للأرقام والبيانات الصحفية التى كانت تصدر عن الحركة، فضلاً عن التغطية المستمرة لمسيرات الحركة، التى امتدت للمحافظات، واستمرت التغطية حتى اندلاع ثورة 30 يونيو، ونشرت «الوطن» آنذاك خريطة المسيرات الحاشدة وأماكن خروجها.
ودون أن تهاب «الوطن» تهديدات الإخوان المتزايدة، أو تخشى إرهابهم، عقد قيادات حركة «تمرد» مؤتمرهم الصحفى المهم، صباح يوم 3 يوليو، فى مقر الجريدة، وسط حضور ودعم قيادات الجريدة، ومشاركة مختلف الصحفيين والمراسلين من الصحف والقنوات ووكالات الأنباء.
«عبدالعزيز»: تواصلت مع «مسلّم» هاتفياً مساء 2 يوليو وقال لى: «الوطن» مكانكم وده دورنا.. ولن نتدخل فى رسالتكم الإعلامية
ويوضح النائب محمد عبدالعزيز، عضو مجلس النواب، أحد مؤسسى «تمرد»، أن السبب فى عقد هذا المؤتمر، بعد 3 أيام من اندلاع ثورة يونيو، ووجود الملايين فى الشوارع أنه كان لدى الحركة شعور بالخطر وقلق من شعور الناس بفقدان الأمل وعدم النزول، وأضاف لـ«الوطن»: «فى مساء 2 يوليو كنت أنا وزملائى من مؤسسى تمرد فى اجتماع تشاورى لدراسة الموقف وكانت رؤيتنا أنه لا بد من عقد مؤتمر صحفى عاجل نقول فيه خطتنا لتحركاتنا المقبلة، وتشجيع المواطنين على استمرار الحشد حتى لا يفقدوا حماسهم فى لحظات الحراك، خصوصاً أن الجماعة الإرهابية فى هذا التوقيت كانت تحشد أنصارها بشكل مكثف من كل المحافظات، فى ميدان رابعة العدوية (الشهيد هشام بركات حالياً) وميدان النهضة (ميدان ساطع النعمانى حالياً)».
وأضاف: «جريدة الوطن كانت داعمة لحركة تمرد، ومن أوائل الصحف التى نشرت عن الحركة منذ تأسيسها، وكانت تحجز مساحات فى صفحتها الأولى لمؤتمراتنا، فتحدثت مع الكاتب الصحفى محمود مسلم، وكان مدير تحرير الوطن آنذاك، فى اتصال هاتفى، وأبلغته بوجود مشكلة فى إيجاد مكان لعقد مؤتمر صحفى للحركة، وشرحت له رؤيتنا كاملة، وطلبت منه توفير قاعة فى نقابة الصحفيين لعقد مؤتمرنا، إلا أنه قال لى مباشرة: ليه كل الكلام ده، جريدة الوطن مكانكم وتقدروا تعملوا المؤتمر عندنا وكمان لا تشغلوا بالكم بدعوة وسائل الإعلام، عارف إنكم مشغولين بأمور أخرى، وهخلى الزملاء الصحفيين فى الجريدة يتواصلوا مع زملائهم، وبكرة تكونوا موجودين لعقد المؤتمر، وهنفضى القاعة اللى عايزينها، ونحن لا نتدخل فى الرسالة الإعلامية التى ستعلنوها، ده مكانكم وده الدور الذى تقوم به جريدة الوطن لخدمة هذه الثورة الشعبية العظيمة، وبالفعل ذهبنا إلى الجريدة صباح 3 يوليو 2013».
من جانبه، قال النائب محمود بدر، أحد مؤسسى حركة «تمرد»، إنّه أثناء المؤتمر جاء اتصال هاتفى من المتحدث الرسمى للقوات المسلحة آنذاك، يدعونا للقاء القائد العام للقوات المسلحة مع مجموعة من القوى الوطنية، ودارت مناقشات عديدة أسفرت عن خارطة الطريق، وتعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيساً مؤقتاً لإدارة شئون البلاد لحين إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
وبالتوازى، لم يتوقف قلم كتاب وصحفيى «الوطن» عن فضح جماعة الإخوان الإرهابية وقياداتها، وما يحدث فى مكتب الإرشاد، وكانت تولى اهتماماً بالغاً بتغطية ما يحدث من كواليس القرارات الإخوانية التى من خلالها تتم السيطرة على مفاصل الدولة وأركانها، وهنا كانت معركة التوعية التى تخوضها جريدة «الوطن» فى مواجهة إرهاب الإخوان، ليس فقط المسلح ولكن على المستوى الفكرى، فقد عقدت المؤسسة الندوات وكذلك تقديم التحليلات الشاملة لكل القرارات الصادرة سواء عن الرئيس الإخوانى محمد مرسى وحكومته أو حتى جماعته ومكتب الإرشاد الذى كان يدير البلاد من المقطم.
ونجحت «تمرد» فى حشد المواطنين الذين ملأوا الشوارع وميادين مصر فى كل المحافظات، ينادون بسقوط حكم المرشد، وبالفعل انتهت الثورة بمؤتمر 3 يوليو وإعلان خارطة الطريق.