ازدهرت تجارة السلاح العالمية خلال عام 2023، الذى سيطرت عليه التوترات الجيوسياسية فى أكثر من بقعة فى العالم، واستمرار الحرب فى أوكرانيا، والعدوان الإسرائيلى الهمجى على غزة.
وبسبب التطور التكنولوجى والسريع للأسلحة، والظهور المؤثر للطائرات المسيَّرة، وظهور أنظمة الدفاع التى تعمل بالذكاء الاصطناعى، اندفعت العديد من الدول لتعزيز قدراتها العسكرية والدفاعية، وارتفعت معدلات طلب السلاح حول العالم، واستحوذت التكنولوجيا على حصة لا يُستهان بها ضمن صفقات السلاح، خلال العام، وتوقع مركز أبحاث الأسواق «جراند فيو ريسيرش» وصول سوق الذكاء الاصطناعى العسكرى إلى 55 مليار دولار بحلول عام 2025، ووصول سوق الصواريخ الأسرع من الصوت إلى 18.8 مليار دولار بحلول عام 2028.
وبحسب تقديرات معهد «ستوكهولم» لأبحاث السلام الدولى، فإن إجمالى قيمة صفقات السلاح التى تمت خلال عام 2023 تراوح بين 1.15 و1.25 تريليون دولار، وتصدّرت الولايات المتحدة قائمة الدول المصدِّرة، وحافظت على مكانتها باعتبارها الدولة الأولى فى تصدير الأسلحة على مستوى العالم، بفعل ارتفاع الطلب على أسلحتها المتقدمة، وخاصة من حلفائها الآسيويين والأوروبيين.
عالم الاقتصاد الأمريكى «جوزيف ستيجليتز» الفائز بجائزة نوبل (عام 2021)، أشار فى مقال له إلى أن الـ(1%) الأعلى من الأمريكيين يسيطرون على (40%) من ثروة الولايات المتحدة، وأضاف: «تقريبا جميع أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكى، ومعظم أعضاء مجلس النواب، يدخلون ضمن نسبة الـ(1%) هذه».ووفقاً لتقرير صادر عن بنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى، فإن إجمالى ثروة الـ(1%) الأغنى حقق رقماً قياسياً بلغ (45.9) تريليون دولار أمريكى مع نهاية عام (2021).
أستاذ التاريخ «وليام استور»، المقدم المتقاعد فى القوات الجوية الأمريكية، وهو أحد كبار زملاء شبكة «آيزنهاور» الإعلامية (EMN)، التى تضم متخصصين مخضرمين فى الجيش والأمن القومى، أشار من خلال خبرته فى كيفية تعزيز الحروب وإدامتها بواسطة هيئة التصنيع العسكرى الأمريكية (MIC)، إلى أن السبب الأول لإدمان الحروب -حسب وصفه- يرجع إلى الأرباح الهائلة التى تدرها على الحكومة والسياسيين والعسكريين وشركات السلاح.
وفى تقرير مفصَّل كشفت صحيفة «واشنطن بوست» بالأسماء عن مكاسب قادة الجيش، ومن بينهم -على سبيل المثال وليس الحصر- جنرالات تولوا القيادة فى أفغانستان خلال الفترة من عام (2008) إلى عام (2018)، وتقلدوا بعد تقاعدهم مناصب رفيعة فى أكبر شركات السلاح، ومن بينهم الجنرال «جوزيف دون فورد» قائد القوات خلال عامى (2013) و(2014)، الذى انضم لمجلس إدارة شركة «لوكهيد مارتن» أحد أكبر موردى السلاح لوزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون»، والجنرال «ستانلى ماكريستال» الذى أصبح عضواً بمجالس إدارات أكثر من عشر شركات.ولم تخلُ القائمة من وزير الدفاع الأمريكى الحالى «لويد جيمس أوستن»، وكان قائداً للقيادة الوسطى، وعمل قبل توليه منصبه فى شركة «رابيثيون» العملاقة لصناعة السلاح.
ويشير التقرير إلى أن مكاسب شركات السلاح لا تتوقف على صفقاتها مع الحكومة، لكنها تجنى أرباحاً طائلة من صادراتها، وصلت بنهاية عام (2021) إلى نحو (138) مليار دولار.وتقوم تلك الشركات بإنفاق ملايين الدولارات لتمويل الحملات الانتخابية لأعضاء الكونجرس المتفهمين لسياساتها، والحريصين على رعاية مصالحها.
والأخطر هو ما أشارت إليه الـ«واشنطن بوست» عن مشاركة أعضاء الكونجرس الأمريكى كمساهمين باستثمارات مباشرة فى شركات السلاح.وذكر تقرير آخر لموقع صحيفة «بيزنس إنسايدر» الذى تم إطلاقه عام (2007) فى نيويورك، وهى صحيفة رقمية تهتمّ بعالم المال والتجارة، وتُصدر طبعات ورقيّة بعدة لغات فى كل من بريطانيا، وأستراليا، والصين، وألمانيا، وفرنسا، وجنوب أفريقيا، والهند، وإيطاليا، وإندونيسيا، واليابان، وماليزيا، وهولندا، وبولندا، وإسبانيا، وسنغافورة، أن 20 عضواً على الأقل من نواب الكونجرس الأمريكى -أو أزواجهم- يمتلكون أسهماً فى أهم شركات توريد السلاح لأوكرانيا.هذه هى أمريكا التى قضت أكثر من (93%) من عمرها فى الحروب لتأكيد استراتيجيتها فى الهيمنة على العالم، ورغم ذلك لم تحصل على الأمن المثالى، وفقاً لتأكيدات «مركز التقدم الأمريكى»، المعنىّ ببحث ودراسة السياسات العامة الأمريكية.