الإعلان الدستوري المكمل بين خطابات مبارك وهيمنة العسكري
تخرج الحشود ثائرة في الخامس والعشرين من يناير، يوافق يوم الثورة عيد الشرطة، فتكون ثورة ضد نظام أمني، كان على رأسه مبارك، الذي صنع برجاله عبر ثلاثين عاما دولة أمنية، ذات صيت نافذ، وهاجس دخل إلى كل منزل، سواء خشية الفوضى، أو حباً في الاستقرار من ناحية، أو رغبة في تكسير عظام القمع الأمني من ناحية أخرى.
وبالرجوع إلى الأحداث على طريقة الـ"فلاش باك" إلى يوم 28 يناير، حين طل مبارك على الشاشات في خطابه الأول لجموع المصريين، مغازلًا إياهم قائلا إن السلطات الأمنية "بادرت إلى حمايتهم في بداياتها احتراما لحقهم في التظاهر السلمي طالما تم في إطار القانون، وقبل أن تتحول هذه التظاهرات لأعمال شغب تهدد النظام العام وتعيق الحياة اليومية للمواطنين". ناسيا ما حدث من أعمال قتل ودهس للمواطنين وقعت في تلك الأيام، وأن القانون، وعلى رأسه الطوارئ كان يدحض تلك التظاهرات، وأكد أن القانون يكفل له ما يشاء؛ إذ قال: "إنني كوني رئيسا للجمهورية وبمقتضى الصلاحيات التي خولها لي الدستور كحكم بين السلطات أكدت مرارا وسوف أظل أن السيادة للشعب، وسوف أتمسك دائما بحقي في ممارسة حرية التعبير، طالما تم في إطار الشرعية واحترام القانون، وإن خيطا رفيعا يفصل بين الحرية والفوضى. لنشر الفوضى ونهب الممتلكات العامة والخاصة وإشعال الحرائق".
ويعود الرئيس الذي تسببت تلك "التظاهرات" في خلعه، في إحدى خطاباته أثناء أيام الثورة ليعبر عن ذلك بشكل صريح عن الظروف التي "تفرض علينا جميعاً شعباً وقيادة.. الاختيار ما بين الفوضى والاستقرار. وتطرح أمامنا ظروفاً جديدة، وواقعاً مصرياً مغايراً، يتعين أن يتعامل معه الشعب وقواته المسلحة، بأقصى قدر من الحكمة والحرص على مصالح مصر وأبنائها".
لتصبح ثلاثية "القانون، والاستقرار، والأمن الداخلي" هي التي تشكل أهمية قصوى لدى أي نظام، يكفل بقاءه، في ظل قلق دائم لدى الشعب المصري، من ذيوع الفوضى، لا سيما ما حدث في الفترة التي هرب فيها المساجين من سجونهم، وازدياد لمعدلات الجريمة. ويجيء الإعلان الدستوري المكمل من قبل المجلس العسكري في الأمس، وبه مادة تنص على: "يجوز لرئيس الجمهورية فى حالة حدوث اضطرابات داخل البلاد تستوجب تدخل القوات المسلحة، وبعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، إصدار قرار باشتراك القوات المسلحة في مهام حفظ الأمن وحماية المنشآت الحيوية بالدولة، ويبين القانون سلطات القوات المسلحة ومهامها وحالات استخدام القوة والقبض والاحتجاز والاختصاص القضائي وحالات انتفاء المسؤولية".
ليحدث الربط رغمًا عن الأنف، بين نص خطابات مبارك، وطريقته الملامسة لأوتار المواطنين، وبين إحدى مواد الإعلان الدستوري التي عادت بالأذهان من جديد لثلاثية القانون والاستقرار والأمن الداخلي.