«أوباما» لا يريد الانحياز لطرف دون آخر حتى لا يزيد العنف فى مصر
قالت وكالة «رويترز» إنه عندما جلس الرئيس الأمريكى باراك أوباما مع كبار مستشاريه للأمن القومى هذا الأسبوع لتحديد موقفه من سيطرة الجيش على السلطة فى مصر، كانت أمامه خيارات صعبة. كان بمقدوره أن يشجب ما حدث بوصفه انقلاباً ضد الرئيس محمد مرسى، وأن يوقف المساعدات الأمريكية لمصر، أو أن يرحب بالخطوة بوصفها استجابة للإرادة الشعبية والاستياء من الحكومة التى يهيمن عليها الإخوان.
أوباما قرر أن يمسك بالعصا من المنتصف، اختار حلاً وسطاً وحثّ على عودة سريعة للحكم المدنى، وأصدر أمراً بمراجعة المعونة الأمريكية لمصر، وهو ما يبرز مخاوف مستشاريه من أن الوقوف بجانب طرف ضد الآخر قد يذكى العنف، لأنه يتيح للمتشددين التذرع بالموقف الأمريكى، وأن هناك حاجة لرد فعل متوازن للحفاظ على نهج دبلوماسى مرن.
وأشارت «رويترز» إلى أن هذا يكشف الكثير عن نهج أوباما إزاء الربيع العربى، حيث يتعامل بحذر دون التلويح بتهديدات. حين تبنى أوباما دبلوماسية إيثار السلامة فى موقفه من حرب العراق، سمح له ذلك بعدم الدفع بمزيد من الجنود الأمريكيين لأتون الحرب، لكنه تعرض أيضاً لانتقادات لأنه ترك النزاعات المتفاقمة فى المنطقة تتأجج، ولأنه يتدخل متأخراً أكثر من اللازم لصياغة الأحداث وتطوراتها، ما أفقد واشنطن نفوذها التقليدى فى الشرق الأوسط.
عدم إدانة واشنطن لإطاحة جيش بحكومة منتخبة ديمقراطياً فى حد ذاته قد يقوض مصداقية المسئولين الأمريكيين عندما يقدمون النصح عن أهمية حقوق الإنسان والإصلاحات الديمقراطية فى أماكن أخرى من العالم.
قدمت الإطاحة بالرئيس المصرى ما يمكن أن يكون فرصة ثانية لأوباما، وحينها حثت واشنطن الأحزاب المصرية على تبنى الديمقراطية. ويمكن لأوباما على سبيل المثال أن يزيد المساعدات غير العسكرية التى لا تزيد حالياً على 250 مليون دولار من إجمالى 1.5 مليار دولار تتلقاها القاهرة سنوياً، وإيفاد مبعوثين للمساعدة فى تقديم المشورة فى مرحلة الانتقال للحكم المدنى، لكن إلى أى مدى يمكن أن ينصت المصريون للجانب الأمريكى؟ سؤال لا يزال ينتظر الإجابة.
وقال جون ألترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط فى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن «فى مصر الآن يصعب على الولايات المتحدة أن تتدخل بقوة؛ لأن المصريين عامة يشعرون أن المخاطر كبيرة للغاية، ولذلك فإن الرغبة فى الاستماع للأصوات الخارجية والقدرة على تجنب عواصف السياسة المصرية صعبة للغاية».
ربما أساءت إدارة أوباما فى الحكم على المزاج الشعبى حينما قالت آن باترسون مؤخراً إن احتجاجات الشوارع ليست الوسيلة لتحقيق التغيير. وفسّر كثيرون فى مصر تصريحاتها على أنها تأييد لمرسى، وسخرت منها لافتات رُفعت فى أنحاء القاهرة.
وقال أرون ديفيد ميلر، خبير شئون الشرق الأوسط، إنه «بدلاً من التصرف مبكراً وبحسم مع انتهاكات الإخوان المسلمين للديمقراطية بعثوا برسالة ملتبسة للغاية، بعثوا برسالة مفادها أنهم يدعمون ويساندون بصورة أساسية حكومة مرسى، الأمر الذى قوّض مصداقيتنا».
وقال مسئولون أمريكيون إن قراءة متعمقة لتصريحات باترسون توضح أنها لم تكن منحازة لأى طرف فى السياسة المصرية. ولا يبدو أن أى خطوات متعثرة فى مصر حتى الآن ستسبب متاعب لأوباما فى الداخل، ويحجم أعضاء الكونجرس، سواء من الجمهوريين أو الديمقراطيين، عن مهاجمة الرئيس الأمريكى ويصبون غضبهم بدلاً من ذلك على الإخوان، ويحمّلونهم مسئولية إضاعة فرصة لترسيخ الديمقراطية فى مصر.
وقالت باربرا بوكسر، عضو مجلس الشيوخ عن كاليفورنيا، إنه «من المحزن للغاية أن الإخوان فشلوا فى تحقيق الآمال التى أثارها الربيع العربى. دعونا نأمل أن تكون الخطوات التالية فى المرحلة الانتقالية فى مصر تجسيداً حقيقياً لآمال وأحلام الغالبية العظمى من الشعب المصرى».