هذه مبادرة لحملة طرحها الرئيس محمد مرسى رئيس الجمهورية، لكى تكون عنواناً لوطننا فى المرحلة القادمة وحدد بدايتها يومى الجمعة والسبت القادمين، فهل نحن فعلا فى حاجة لمثل هذه الحملات فى مثل هذه القضايا؟ أقول نعم، إنها مبادرة طيبة أن تصدر من رئيس الجمهورية، لأننا نعانى معاناة شديدة من انتشار المخلفات والقمامة فى معظم مدننا وقرانا؛ لأننا فى حاجة ماسّة أن نقتصر فى مطالبنا على ما نحتاجه فقط، فنجد كل منّا يطلب فى طعامه أكثر مما يحتاج، وتجد هذه الظاهرة منتشرة فى الفنادق وأماكن العزومات وموائد الإفطار، وهذا يذكرنى ببعض سلوك الأفراد فى الدول الغربية حينما يذهبون لشراء احتياجاتهم من الطعام، فتجد أنهم عندما يذهبون لشراء الفاكهة يشترون بالواحدة مثل الموز والتفاح، أما فاكهة مثل العنب فتباع بالـ100 جرام، انظروا معى كيف أن هؤلاء يقتصدون فى مطالبهم بالرغم من سعة العيش والدخل عندهم بالمقارنة لأحوالنا، نحن فى الحقيقة نحتاج إلى تغيير ثقافتنا فى طريقة الطعام والشراب، فبدلا من أن نلقى ببقايا الطعام فى القمامة يمكننا أن نقتصد فى البداية والاكتفاء بما نحتاجه فعلا، وعدم إلقاء بقايا الطعام فى القمامة، فيمكن الاستفادة منها مرة أخرى إذا أحسنا الاستخدام أو بإعطائه لذوى الحاجات من الفقراء وهم كثير.
أما فيما يتعلق بنظافة شوارعنا وأماكن وجودنا، فنحن فى أشد ما نكون إلى الاعتناء بها على الوجه اللائق، من خلال التعاون فيما بيننا فى تنظيف شوارعنا وأمام بيوتنا، فيمكن مثلا أن نحدد يوماً فى كل شهر للنظافة يتعاون فيه كل سكان المنطقة الواحدة ويُقسّمون الأعمال فيما بينهم، فلو أن هذه الثقافة انتشرت بيننا، أظن أننا بعد فترة سنشعر أننا نعيش فى أماكن نظيفة، ناهيكم عن التوقف عن السلوكيات الخاطئة من إلقاء المخلفات فى الشوارع أو من السيارات بطريقة غير حضارية.
لقد حض الإسلام على المحافظة على البيئة ونظافتها، فنهى عن كل ما فيه ضرر، حيث قال صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار» وجعل من شُعَبِ الإيمان إماطة الأذى عن الطريق، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان».
ودعا للنظافة، وتنظيف الطرقات والأفنية والمنازل فقال صلوات الله وسلامه عليه: «إن الله طيب يحب الطيب، نظيف يحب النظافة، كريم يحب الكرم، جواد يحب الجود، فنظفوا أفنيتكم ولا تشبهوا باليهود» رواه الترمذى.
بل إن الله تعالى يكافئ من رفع الأذى من طريق الناس بالجنة، فعن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «لقد رأيت رجلاً يتقلب فى الجنة فى شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذى المسلمين» رواه مسلم.
وأهم طريق للعلاج هو غرس الضمير الدينى قبل القانون، الذى يجعل من الإنسان رقيباً على نفسه وعلى عمله وذلك بتوضيح جرائم التلوث وما يترتب عليه من أضرار، فإن مراعاة الإنسان لمثل ذلك دينياً له أكبر الأثر وأهم كثيراً من القوانين التى يتحايل عليها ويمكن الإفلات منها، أما الوازع الدينى النابع من قلبه الخائف من ربه فسيكون له أكبر الأثر، وهذا دور الإعلام والتعليم ورجال الدين.
ومن ثم أتمنى على كل المسئولين بداية من السيد الرئيس إلى أصغر مسئول فى الجهاز الإدارى للدولة أن يكونوا قدوة فى المحافظة على البيئة والنظافة، وأن يكونوا نموذجاً فعّالا وينزلوا إلى الشوارع مع الناس للمساهمة فى نظافتها، وكل عام وأنتم بخير.