فاطمة عيد من جولات أمريكا وأوروبا إلى " أريكة" فى الشيخ زايد: نفسى أيمن بهجت قمر يكتب لى أغنية
«زامر الحى لا يطرب». قالتها المطربة الشعبية فاطمة عيد وهى تحاول أن ترسم ابتسامة على وجهها، رغم ذلك بدا وجهها غير مستريح على الإطلاق، ربما لأنها تشعر بالتجاهل المتعمد من قبل من أطلقت عليهم «بتوع الشللية والطرق الملتوية»، وربما لأنها تشعر أن طاقتها أكبر من أن يحجمها العمر «أم كلثوم فضلت تغنى لغاية آخر يوم فى عمرها»، وربما وهو السبب الأهم أنها تشعر بالظلم والإجحاف «فيه عندنا عمالقة كتير بس مش واخدين حقهم فى البلد».
فى منزلها بمدينة الشيخ زايد تقضى فاطمة عيد معظم وقتها، تجلس على أريكة مريحة داخل إحدى حجرات المنزل، وإلى جوارها رفيق عمرها اللواء شفيق الشايب، هو أيضاً فنان ممثل، لعب أدواراً عديدة فى السينما والتليفزيون، إلى جانب كونه مشرفاً على أعمال زوجته. تجمعهما عشرة العمر، كما تجمعهما بناتهما الثلاث نيفين وداليا وشيماء. تقول فاطمة عيد إنها لم تعد تحيى حفلات داخل مصر على الإطلاق، وإن كانت تعمل بكل طاقتها خارج مصر، فى الخارج يطلبونها بالاسم، يرسلون إليها الدعوات، ويتهافتون على أغانيها، أما فى مصر فالوضع مختلف للغاية.
«السنة اللى فاتت سجلت أغنية عن رمضان على حسابى، وبعثتها للتليفزيون عشان يذيعها، ولغاية دلوقت التليفزيون لم يذعها ولا مرة واحدة»، يفتح اللواء الشايب جهاز الفيديو ليعرض الأغنية المصورة التى تغنيها فاطمة بمناسبة رمضان. لم يكن هذا هو الموقف الأول، تتذكر فاطمة أغنيتها الشهيرة «طمع النفوس» التى غنتها قبل بضع سنوات وذهبت بها للتليفزيون، سمعها أحد المسئولين هناك، وقال لها «بس الأغنية دى دراما قوى يا مدام فاطمة، والناس مش عايزة أحزان»، رغم ذلك فقد حققت الأغنية نجاحاً كبيراً كما تقول فاطمة عند عرضها على القنوات الفضائية.
موقف آخر تعرضت أغانيها فيه للمنع وقت أن كان صفوت الشريف لا يزال يشغل منصب وزير الإعلام، عندما قامت بتسجيل أغنيتى «الشيكولاتة»، و«خالى البيه» اللتين قدمتهما سعاد حسنى فى مسلسل هو وهى، وهما الأغنيتان اللتان تقول عنهما فاطمة إن صلاح جاهين كتبهما من أجلها، غير أنه احتاج إليهما وقت إعداد المسلسل فأعطاهما لسعاد حسنى حتى تغنيهما «سعاد حسنى غنتهم فى المسلسل وخلاص، وما كانتش هتغنيهم زيى لا فى حفلات ولا فى أفراح»، سجلت فاطمة الأغنيتين فى استديو عمار الشريعى الذى سجل الأغنيتين بنفسه، وبعد أن تم التسجيل أرسلت للتليفزيون المصرى بالإعلان الذى سيذاع عن شريط الكاسيت، تقول فاطمة إن الإعلان أذيع مرتين فقط، ثم رفع من التليفزيون، وعندما سألت عرفت أن صفوت الشريف هو الذى قام برفعه إرضاء لخاطر سعاد حسنى.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، وإنما تعداه إلى منعها من الاشتراك فى الاحتفالات التى كان التليفزيون المصرى ينظمها فى أعياد أكتوبر، فلم تشترك فيها ولا مرة واحدة، كما لم تشارك فى ليالى التليفزيون ولا أضواء المدينة. «أنا لون لوحدى»، هكذا تصف فاطمة عيد نفسها، ليس فقط لأنها تحرص على ارتداء الجلابية الشهيرة المزينة بالكرانيش، والمنديل أبو«أوية»، ولكن لأنها تغنى أغانى فلكلورية تناسب كل القطاعات والأذواق، ولذلك تعتب على المسئولين الاستعانة بمطربات مثل نيكول سابا وباسكال مشعلانى فى إحدى الحفلات التى أقيمت فى سوهاج، ويتجاهلونها هى، رغم تاريخها الطويل فى الغناء.[Image_2]
«أنا المفروض أدخل موسوعة جينيس، عملت أكثر من 800 أغنية، وحوالى 50 شريط كاسيت، وغنيت فى أفلام ومسلسلات»، تتحدث فاطمة عن تاريخها الذى تقول إنها بدأته منذ أن كانت طفلة تغنى فى الأفراح بمدينة القنايات شرقية مجاملة لأفراح جيرانها، وبسبب استحسان الجيران لصوتها، وطلبهم لها فى كل مرة يقيمون فيها مناسبة سعيدة، قررت أن تواصل الغناء فى قصر الثقافة بالمحافظة، ومنه إلى معهد الموسيقى العربية فى القاهرة الذى التحقت بقسم الأصوات فيه، وعندما استمع إليها الموسيقار محمد عبدالوهاب أعجب بصوتها جداً، كما أعجب بليغ حمدى، وسيد مكاوى، وشجعها أن كتب لها عبدالرحمن الأبنودى كلمات أغان جديدة من أجلها، وكذلك عبدالسلام أمين، وعبد الوهاب محمد، وعزت الجندى، وعبد الرحمن سيد الأهل، وأحمد أبوحمدون، وبخيت بيومى، ونبيل الفاكهانى. ولحن لها أحمد عبدالقادر، وفؤاد حلمى، وكمال الطويل، وإبراهيم رأفت، وإبراهيم رجب، كما ساعدها الشاعر الغنائى الراحل مصطفى الطائر فى تنقية الأغنيات الشعبية التى تحفظها من الكلمات الإباحية، ثم سجلت أول أسطوانة بصوتها تحمل أغانيها التى عرفت بها فيما بعد.
«المرحوم مصطفى الطائر قاللى إن فيه واحد صاحب شركة أسطوانات اسمه موريس إسكندر طلب منه صوت مالوش منافس، أخدنى مصطفى عشان أقابل موريس، سمعنى واتهوس بيّا، وعمل لى أول أسطوانة». حملت الأسطوانة الأولى أغنيات «يا رب أبلغ مرادى وأفرح وأكيد الأعادى»، و«خللى بالك يا ولا خللى بالك»، و«جوز الحمام والحمام بنى مين يشتريك يا حمام منى»، و«وبرمش عينه ورمانى»، و«يا صغيرة يا أحلى بنات الحارة»، و«عذالى جايين يلومونى»، و«لاعبينى يا عروسة لاعبينى»، وفى أول ظهور لها على المسرح حصدت تصفيقاً وإعجاباً شديدين، وعندما همس لها أحد الموسيقيين قائلاً «إنتى خدتى سوكسيه كبير قوى»، ردت عليه قائلة «والنبى ما خدت ولا مليم».
تضحك فاطمة وهى تتذكر البدايات «افتكرت السوكسيه ده فلوس»، فيما بعد سوف يصبح التصفيق والسوكسيه عادة تلازمها فى أى مكان تذهب إليه، فسوف تعرف طريق أفراح الناس اللى فوق، وتغنى مرة فى منزل عثمان أحمد عثمان، حيث تلتقى هناك بالرئيس السادات للمرة الأولى، تصفه بقولها «كان الله يرحمه بيسمع كويس، ويعز الفن»، ثم تشارك فى عدد كبير من الأفلام السينمائية، والمسلسلات التليفزيونية، بل وتسافر إلى أنحاء العالم الأربع، لتغنى فى أمريكا وأوروبا وجميع دول الوطن العربى بدعوات من منظمى حفلات وجدوا فيها لوناً فريداً يقبل عليه الصغار والكبار، قبل أن يتوارى كل ذلك فتجلس على أريكة مريحة بمنزلها فى الشيخ زايد.
«أنا قادرة أغنى، بس مشكلتى إنى ماليش فى اللون الرمادى»، هكذا تفسر فاطمة سبب جلوسها فى منزلها بدون عمل، على الرغم من ذلك فهى متابعة جيدة لكل الأصوات التى تظهر على الساحة، يعجبها صوت المطربة الشعبية أمينة، وكذلك هدى، أما شيرين عبدالوهاب فتصفها بقولها «كويسة وجميلة ودمها خفيف وبحبوحة»، وأنغام «بسكوتة»، ونادية مصطفى «باعشقها»، ومن المطربين الرجال سعد الصغير، وشعبان عبدالرحيم، وعبد الباسط حمودة، ومدحت صالح، ومحمد ثروت، وهانى شاكر، ووائل جسار، وماجد المهندس، والجاسمى. كما تتابع كل ما يكتبه أيمن بهجت قمر، وتتمنى أن يكتب لها أغنية تغنيها بصوتها.