رغم إصدار الحكومة قرارها باعتبار جماعة الإخوان المسلمين «منظمة إرهابية» -متأخراً كالعادة- فإن جماعة الإرهاب لم تتوقف عن تصعيد عملياتها، فقد راحت جماعات الطلاب الإرهابيين من أعضاء «الجماعة» تمارس الحرق والتدمير فى جامعة الأزهر محاولة تعطيل الدراسة فى كلياتها، بالإضافة إلى حرق بعض المبانى الجامعية التى قدّر المهندس إبراهيم محلب وزير الإسكان تكلفة إعادتها إلى ما كانت عليه بأكثر من مائة مليون جنيه.
وقد تزامن الإرهاب الإخوانى ضد جامعة الأزهر مع تصاعد أحداث زرع قنابل فى وسائل النقل العام وفى محيط بعض الأجهزة الأمنية، متسبباً فى استشهاد وإصابة مواطنين أبرياء لا ذنب لهم إلا أنهم تصادف وجودهم فى وقت الانفجار.
ورغم أن مواد الإرهاب فى قانون العقوبات التى استندت إليها الحكومة فى إصدار قرارها تفرض عقوبات رادعة على الإرهابيين، فإن التطبيق حتى الآن لم يختلف كثيراً عن أسلوب المواجهة الذى كان سائداً من جانب أجهزة الشرطة طوال الوقت الماضى وقبل اعتبار «الجماعة» منظمة إرهابية! وقد يفسر هذا الأسلوب فى المواجهة بما كشفت عنه تقارير صحفية بأن أعضاء فى الحكومة كانوا معارضين لإصدار قرار اعتبار جماعة الإخوان كمنظمة إرهابية، متصادمين بذلك مع أغلبية المصريين الذين بُحت أصواتهم مطالبين الحكومة بالتحرك واتخاذ قرار بحل جماعة الإخوان المسلمين بعد أن اتضحت لهم حقيقتها الإرهابية، وبعد أن عاثت ميليشياتها الفساد لتدمير الوطن، وبعد إعلان تنظيمها الدولى أن هدفها «إسقاط الدولة» وهدم مؤسساتها.
ورغم جريمة تفجير مديرية الأمن فى الدقهلية، فقد أظهرت الحكومة تردداً وتقاعساً عن اتخاذ القرار الضرورى بإعلان جماعة الإخوان منظمة إرهابية، وصُدم المصريون بتصريحات غير مسئولة للدكتور حسام عيسى، نائب رئيس الوزراء، الذى كان مُصراً -حتى بعد جريمة المنصورة- على تبرير تأخر وصف الحكومة للإخوان بأنها جماعة إرهابية، موضحاً أن «الإخوان جماعة إرهابية، ولكن نحتاج إلى تعريف واضح وصريح لمفهوم الإرهاب، وهو ما يحتاج إلى صدور قانون الإرهاب»، وكأن د.حسام عيسى وهو أستاذ القانون لم يكن يعلم بوجود قانون برقم 97 لسنة 1992 أضيفت بموجبه مواد الإرهاب إلى قانون العقوبات والإجراءات الجنائية التى عرفت المادة 86 منه الإرهاب وأوضحت الأوصاف الدقيقة للأفعال التى يجرمها القانون باعتبارها إرهاباً!
والغريب أن الحكومة ما زالت على ترددها وارتعاش قراراتها، فقد أوردت وسائل الإعلام أن وزير العدالة الانتقالية صرح بأن الحكومة قد اعتمدت على الحكم الذى أصدرته محكمة جنح مستأنف الإسماعيلية بشأن هروب «مرسى» وأعضاء «الجماعة» من سجن وادى النطرون والذى كان قد صدر فى 23 يونيو الماضى قبل أسبوع من وقفة الشعب المصرى وثورته على الحكم الإرهابى للإخوان فى «30 يونيو». وكانت المحكمة قد تكشف لها من خلال الشهود والأسطوانات المدمجة المقدمة من هيئة الدفاع والمستندات «أن الحقيقة الواقعة المنظورة أمامها وهى هروب السجناء، كانت مصحوبة بالقوة والاقتحام من قِبل عناصر أجنبية وتنظيمات متطرفة من الجماعات الجهادية والتكفيرية والتنظيم الإخوانى وبعض أصحاب الأنشطة الإجرامية من بدو سيناء ومطروح». والسؤال للسيد الوزير؛ ألم يكن هذا الحكم معلوماً منذ اليوم الأول لتشكيل الحكومة؟
ومن جانب آخر، ذكرت جريدة «المصرى اليوم» بتاريخ 29 ديسمبر أن الرئاسة والحكومة تتفقان على عدم إصدار قانون للإرهاب، وللعجب كان ذلك الاتفاق بناء على طلب رئيس الوزراء! وكأننا لم تُبحّ أصواتنا فى مطالبة الحكومة بإصدار قرار اعتبار «الجماعة» منظمة إرهابية بينما رئيس الوزراء ونائبه يصران على ضرورة صدور قانون للإرهاب!!!
وكان تردد الحكومة فى إصدار قرار اعتبار جماعة الإخوان «منظمة إرهابية» يفسَّر من جانب ممثليها والمتحدثين باسمها على أنه «رغبة فى تجنب ردود الفعل المناهضة لمثل ذلك القرار من جانب الدول الأجنبية»، ويهمنا تذكير هؤلاء المرتعشين كيف أن الولايات المتحدة الأمريكية أطلقت على الإرهاب وصف الحرب بوجه خاص عقب الأحداث المأساوية الجسيمة التى ارتكبت فى 11 سبتمبر سنة 2001 مما حدا بالرئيس الأمريكى إلى أن اعتبر الإرهاب بمثابة حرب على الشعب الأمريكى، ورغم ذلك لا يزال المصريون يواجهون حكومة يخشى رئيسها وبعض أعضائها إثارة غضب أمريكا الداعمة الأولى لإرهاب جماعة الإخوان المسلمين!!!.
ولتفادى مخاطر احتمالات تباطؤ الحكومة وعدم حسمها فى تطبيق مواد الإرهاب فى قانون العقوبات، فإننا نطالب السيد رئيس الجمهورية بأن يقرر فوراً تشكيل «مجموعة أزمة» برئاسته تنبثق عن «مجلس الدفاع الوطنى» تضم أعضاء من المجلس وعدداً من الخبراء الاستراتيجيين تتولى «إدارة الحرب ضد الإرهاب الإخوانى» حتى يتم استئصاله وإنقاذ الوطن من شروره، ويكون لمجموعة الأزمة كافة الصلاحيات اللازمة لتحقيق النصر على الإرهاب. كما لا بد أن تباشر «مجموعة الأزمة» العمل لإنتاج ونشر بناء فكرى لمناهضة الفكر الإرهابى ولتخليص الوطن وأبنائه من منظومة الفكر الإخوانية من خلال تكوين مجموعات عمل وطنية تضم ممثلين للأزهر الشريف والكنيسة المصرية والأحزاب والقوى السياسية الوطنية والجامعات ومنظمات المجتمع المدنى، بالإضافة إلى ممثلى الوزارات والهيئات الرسمية المعنية والنقابات المهنية، وذلك لإعداد ذلك البناء الفكرى البديل لفكر «الجماعة الإرهابية» الذى يركز على مدنية الدولة ويحض على المواطنة والمساواة وعدم التمييز بين المواطنين، ويؤكد مفهوم «الوطن» الذى يتجاوزه فكر «الجماعة» ويستبدل به مفهوم «الأمة»، على أن تتولى الأجهزة والمؤسسات التعليمية والثقافية والإعلامية العامة والخاصة التكاتف فى توضيح والدعوة إلى الفكر الجديد.
حمى الله مصر.