بعد تصريحات الشحات أنور.. هل يمكن أن يرى الإنسان ربه في المنام؟
الشيخ محمود الشحات أنور
أثار الشيخ محمود الشحات أنور، قارئ القرآن الكريم في مصر والعالم العربي والاسلامي، كثيرًا من الجدل، بعد تصريحاته بشأن رؤيته منامًا فيه «صعوده للسماوات السبع، وحضور رسول من رب العالمين ليحضر إلى الملكوت الأعلى، لرؤية رب العالمين».
وأحالت نقابة القراء ومحفظي القرآن الكريم «الشحات» إلى لجنة القيم في النقابة، واستدعته للتحقيق معه فيما صرح به من رؤيته للذات الإلهية، بحضور لجنة من أساتذة العقيدة بجامعة الأزهر الشريف.
وانتشرت تساؤلات على مواقع التواصل الاجتماعي وحول مدى إمكانية رؤية الله في المنام، ما دفع دار الإفتاء المصرية لإعادة نشر فتوى على موقعها الرسمي تتضمن إجابة عن سؤال حول «هل من الممكن أن يرى الإنسان ربه فى المنام؟».
جواز رؤية الله تعالى في المنام
وقالت الدار، في جوابها، إن رؤية الله عز وجل في المنام ممكنة على جهة التأويل وليست على جهة الحقيقة؛ فقال الإمام النووي في «شرحه على صحيح مسلم»: قال القاضي: واتفق العلماء على جواز رؤية الله تعالى في المنام وصحتها، وإن رآه الإنسان على صفة لا تليق بحالة من صفات الأجسام؛ لأن ذلك المرئي غير ذات الله تعالى؛ إذ لا يجوز عليه سبحانه وتعالى التجسم ولا اختلاف الأحوال بخلاف رؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
قال ابن الباقلاني: رؤية الله تعالى في المنام خواطر في القلب، وهي دلالات للرائي على أمور مما كان أو يكون كسائر المرئيات.
جواز رؤية النبي في المنام
وأضافت الدار أن رؤيته سبحانه وتعالى في المنام ليست حقيقية كرؤية الأجسام؛ فهو سبحانه منزه عن أن يحيط به نظر أحد؛ قال تعالى «ولا يحيطون به علمًا»، وقد أوّل العلماء ما ثبت عن بعض السلف من رؤية الله عز وجل في المنام بأنها تدل على حال الرائي.
وقال العلامة القرافي في «الذخيرة»: وقال الأستاذ أبو إسحاق: فإذا رأى الله تعالى أو النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فهي أمثلة تضرب له بقدر حاله؛ فإن كان موحدًا رآه حسنًا، أو ملحدًا رآه قبيحًا، وهو أحد التأويلين في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «رأيت ربي في أحسن صورة»، قال -أي: أبوإسحاق-: وقال لي بعض الأمراء: رأيت البارحة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المنام أشد ما يكون من السواد، فقلت: ظلمت الخلق وغيرت الدين؛ قال صلى الله عليه وآله وسلم: «الظلم ظلمات يوم القيامة»، فالتغيير فيك -أي في الرائي- لا فيه، أي المرئي صلى الله عليه وآله وسلم».
وقال الإمام البغوي في «شرح السنة»: «وتكون رؤيته جلت قدرته ظهور العدل، والفرج، والخصب، والخير لأهل ذلك الموضع، فإن رآه فوعد له جنة، أو مغفرة، أو نجاة من النار، فقوله حق، ووعده صدق، وإن رآه ينظر إليه، فهو رحمته، وإن رآه معرضًا عنه، فهو تحذير من الذنوب؛ لقوله سبحانه وتعالى ﴿أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم﴾».
وإن أعطاه شيئًا من متاع الدنيا فأخذه فهو بلاء ومحن وأسقام تصيب بدنه، يعظم بها أجره، لا يزال يضطرب فيها حتى يؤديه إلى الرحمة وحسن العاقبة، وعليه فرؤية الله سبحانه وتعالى ممكنة في المنام على جهة التأويل كما سبق بيانه.