خبير مفرقعات: "ابني قال لي يا ترى هترجع ولا هيحصل لك زي عمو ضياء"
استشهاد زميله النقيب ضياء فتحي، خلف داخله مشاعرًا متداخله ومتصارعة، ما بين حزنه على رفيقه وخوفه على أبناء وطنه من عواقب القنابل والمفرقعات، وحبه لحياته وعائلته الذي يتركهم خلفه كل يوم ولا يدري ما إذا كان سيعود أم سيلقي ربه بدلًا منهم، فالأخطاء ليست محتملة أو واردة، وإذا فشل سيتحمل نتيجتها بنفسه، إلا أنه لم يستسلم لتلك الهواجس السلبية النفسية بل زادت من قوى التحدي لديه عقب تلقيه أول بلاغ بوجود قنبلة أمام مستشفى الشرطة بالعجوزة، بعد حادث زميله.
يروي الرائد حسام الهلالي الضابط بالمفرقعات، الأحداث التي مرّ بها عقب التعامل مع العبوة: "تلقينا بلاغًا بوجود قنبلة، وعلى الفور استقللنا السيارة أنا والمقدم تامر تيمور والأمين إيهاب حسن وهاني الخضري، ومعنا كلب مدرب وكافة الأجهزة، ونحن في الطريق قررنا جميعًا عدم التعامل مع البلاغ، لكنه كان مجرد كلام، لأنه بمجرد أن وصلنا إلى هناك كانت عندنا عزيمة وإصرار لم نرهما من قبل، وأول مرة يكون عندنا رغبة في التحدي بهذه الطريقة، وشعرنا بالمسؤولية تجاه الوطن لأننا نحمي الأبرياء، خاصة أن بلاغ يوم الأربعاء كان مجرد اختبار من الإرهابيين لنا بعد حادث يوم الثلاثاء، الذي راح ضحيته ضياء، فهم يريدون أن يكتشفوا مدى قدرتنا على التعامل مع المتفجرات والبلاغات، هم يريدون أن يكتشفوا ما إذا كان لدينا معدات أخرى من عدمه، الأمر الذي جعلنا نزداد حماسًا لأننا نعمل لوجه الله، ونحمي أرواح المواطنين بأجسادنا ودمائنا".
وأضاف "الهلالي" في حواره لـ"الوطن"، "لدىّ زوجة وثلاثة أبناء أكبرهم (مصطفى)، 7 سنوات، وأنا متوجه للبلاغ كان معايا على الموبايل قال لي: بابا يا ترى هترجع تاني تنام في حضني ولاّ هيحصل معاك زي ما حصل مع عمو ضياء؟، وأنا تماسكت وشجعته وقلت له أدعيلي يا مصطفى أرجع لحضنكم بالسلامة، وأنا كل يوم بسمع نفس العبارات من (مصطفى) لأنه أكبر اخواته ودائمًا أتحدث معه عن طبيعة شغلي ومدى خطورته، وعن التضحيات التي نقدمها من أجل المصريين لكي أجعل منه بطلًا، وأزرع بداخله حب الوطن وروح التضحية، لكن زوجتي يوميًا تبكي قبل ذهابي للعمل وتطلب مني أن أستقيل، أنا عايش بين نارين: الواجب وعذاب ولادي ومراتي، أنا بخرج كل يوم بودّع ولادي ومراتي وكأني آخر مرة هشوفهم".