أحمد الدريني يكتب: مولد السيدة فاطمة الزهراء بنت الرسول
قال الكاتب الصحفي أحمد الدريني، رئيس قطاع الإنتاج الوثائقي بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، إن اليوم تحل ذكرى مولد السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام، بنت رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وكتب عن هذه الذكرى عدد من النقاط عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.
ومما كتبه الدريني، عن ذكرى مولد السيدة فاطمة الزهراء ما يلي:
- وفاطمة لغز مكنون، على ظهورها الجليّ.
- فهي الزهراء والنبي الأزهر.. أي شديد البياض المشرب بالحُمرة.. كان كأنه صلوات الله عليه من لُجين.. أي من فضة.. ومنه كانت فاطمة.. «الزهراء».
- لم يخبر النبي أحدا بدنو أجله غير فاطمة بمفردها، ففي الواقعة الشهيرة أنه أدنى فمه الشريف من أُذنها وهو في مرضه الأخير ثم ساررها سرا.. فبكت، ثم ناداها فاقتربت منه فساررها سرا.. فضحكت.
وتابع الدريني: فسألتها عائشة رضي الله عنها عن هذا الحال الغريب فلم تفصح فاطمة إلا بعد انتقال النبي للرفيق الأعلى، فقالت في الأولى أخبرني أنه لاحق بربه.. فبكيت.. وفي الثانية أخبرني أنني أول أهل بيته لحوقا به.. فضحكتُ.
- ولم تلبث إلا شهورا قلائل حتى لحقت بأبيها صلى الله عليه وسلم.. بعدما انفرى كبدُها بكاءً عليه.. ولتتحقق بشارته لها بلحوقها به.
- جاء موت فاطمة كفاجعة قاصمة لتترك الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم أطفالا.. وعليا مفطورا.. والبيت الهاشمي كله متصدعا.
وقال الدريني: ففي الِسيْر ووقائعها توصف مشية فاطمة بأنها مِشية النبي صلى الله عليه وسلم.. «لا تُخطيء فاطمة مشية أبيها».
- فقد حدبت عليه صلى الله عليه وسلم عند الكعبة لما تكاثر عليه جُهّال قريش وكفارها وخنقوه في سجوده.. بينما يروي الراوي المشهد وبينما هم على هذا الحال: جاءت كأنها نمرة شرسة!.
- لم تخش أحدا وهي تدفع عن أبيها الأذى وهو يواسيها صلوات الله عليه: لاكرب على أبيك بعد اليوم يافاطمة.. لا كرب على أبيك.
- وللمتصوفة أقوال في فاطمة منها أن إشارته صلى الله عليه وسلم في حديثه «فاطمة بضعة مني» مغزاها أن البضعة جزء من الكل دون نقص من الكل.. فكأنها هي المصطفى بصورة أخرى..
- ولعل هذا المعنى المجازي متسق من تعلق مولانا صلوات الله عليه بها تعلقا شديدا يدركه الجميع.. حتى إذا رآها قادمة عليه.. قام لها.. فقبّل بين عينيها وأجلسها على عباءته..
- وفي حبه لابنيها الحسن والحسين جانب من حبه لها هي.. حتى أنه نزل من على المنبر ذات جمعة لما رأى الحسنين يتعثران في مشيتهما أطفالا يرتديان ثوبا أحمر..
- ولما أجلسهما صعد المنبر وقال إنما أموالكم وأولادكم فتنة!
- فهو وهو رابط الجأش في كل حال، حاضرا في حضرة الحق في كل لمحة، مالكا لزمام كل شيء في محيطه.. ولايدهمه شيء ولا يطرأ على حاله الشريف ما يعتري البشر من الأخذة أو الارتباكة..
- نزل من على منبره في الجمعة ليُجلس ابني فاطمة.. حبيبته التي اختارها وبشرها أن تكون أول أهل بيته لحوقا به.. فكأنه طلب من ربه ألا يتركه في البرزخ إلا وقد جمعه بفاطمة! وهذه مكانة وحال لم تحدث لأحد في الأمة كلها..
- وحتى في مشيته صلى الله عليه وسلم التي تمشيها فاطمة.. فالأمر يتخطى التشابه البنياني بين الأب وأبناءه..- فقد كانت مشيته صلى الله عليه وسلم تلفت الصحابة حتى أن أكثر من واحد منهم رضي الله عنهم تفنن في وصفها.. وعلى رأسهم عليّ الإمام كرم الله وجهه حين وصفها الوصف القاطع: كأنه يتحدر من صبب! ومن رآه بديهة هابه!
- أي كأنه صلوات الله عليه حين تراه تهابه وحين يمشي على الأرض المنبسطة كأنه مُقبل إليك من علٍ كأنه نازل من جبل.
- وهذا أفخم الحال وأعجبه ولم يوصف به أحد قط.. إلا فاطمة!- حتى لقد قالوا في حديثه الشريف صلوات الله عليه: لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها.. قالوا ضرب المثل بفاطمة دون بناته لأنه الأقرب لباله وخاطره والماثلة أمام عينيه.. ولاستحالة النقص فيها.
- ولم يُكنى بواحدة من بناته إلا فاطمة رضى الله عنها.. ومنه قول أمير الشعراء شوقي:
- أبا الزهراء قد جاوزت قدري بمدحك.. بيد أن لي انتسابا
ففاطمة هي محبوبته الكبرى وريحانته.. حتى لقد اختُلف في موضع دفنها فقيل أمام قبره الشريف في البقيع.. وقيل بل جواره صلى الله عليه وسلم مباشرة ولصيقة به!
وقيل بل بين القبر والمنبر.. لذا كان إخباره صلوات الله عليه، أن بين قبره ومنبره روضة من رياض الجنة.. أي.. قبر فاطمة!
رضي الله عنها البضعة المكنونة.. وجعل من ذريتها الأصفياء والأولياء والمجاهدين والعابدين.. فكأن الزهراء وعبيرها إلى اليوم بيننا.