«شلاتر» وملاجئ ومبادرات شبابية بحثا عن «حيوانات بلا مأوى» ورعايتها
متطوع يداعب عدداً من الكلاب داخل «شلتر»
رغبة البعض فى دعم الحيوانات المشرّدة دفعتهم إلى تأسيس شلاتر وملاجئ خاصة لحماية تلك الكائنات من أذى الشارع، ومع تزايد أعداد تلك الأماكن تحول الأمر إلى ما يشبه الظاهرة، وأصبح الكثيرون يسعون إلى مساعدة الكلاب والقطط الضالة، سواء من خلال الملاجئ التى يتم بداخلها توفير كافة سبل الراحة والحماية والرعاية الطبية للحيوانات، وفى بعض الشلاتر يتم تخصيص طبيب بيطرى يشرف عليها، أو من خلال الجولات الميدانية التى يقوم بها البعض بحثاً عن الكلاب والقطط المنتشرة فى الشوارع لإطعامها.
«باسم» يخصص يوماً فى الأسبوع للبحث عن الكلاب الضالة لإطعامها وعلاجها
فى محاولة للتخفيف عنها مثلما يفعل «باسم هانط»، أحد أشهر مربى كلاب «روت وايلر» الشرسة، الذى كان قد أسس مزرعته الخاصة بنطاق محافظة الجيزة بهدف تربية وتدريب الكلاب الشرسة، حتى تخصص فى «الروت وايلر»، أحد أشهر فصائل الكلاب شراسة وقوة، وبسبب حبه وقربه من الكلاب وجد أنه لا بد أن يقدم الطعام لكلاب الشارع مثلما يفعل مع الكلاب الخاصة به، خاصة أنها تتجمع بشكل يومى أمام باب المزرعة بحثاً عن بقايا الطعام.
لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل قرر «هانط» أن يتجول فى الشوارع، بحثاً عن الكلاب التى لا مأوى لها، يراعيها ويقدم لها الطعام بشكل مستمر، ويأخذ الكلاب المريضة إلى داخل «الشلتر» الخاص به ويضعها فى مكان مخصص لهذا الأمر، ويتولى بنفسه الإشراف على تغذيتها ورعايتها طبياً حتى تعود إلى كامل قوتها: «بدأت أقول لنفسى يا ترى كلاب الشارع بتاكل منين؟ خصوصاً بعد ما كل حاجة سعرها زاد، علشان كده بنزل كل أسبوع ألفّ فى الشوارع ومعايا لحمة مفرومة وبواقى فراخ وباتطمن عليهم لحد ما ياكلوا فى أمان وباخد الكلاب المريضة علشان أعالجها».
ويرى «هانط» أنه لا بد من الاهتمام بالكلاب الموجودة فى الشوارع والاعتناء بها، وأن سلوك «العض» سببه قيام البعض بتعنيفها، وهنا يتحول الكلب من أليف إلى عدائى يهاجم الجميع، لا بسبب طبيعته ولكن بسبب خوفه من البشر: «الكلاب وفية جداً وعندها إحساس عالى بينا، لكن بكل أسف بسبب سلوكيات البعض والعنف تجاههم بتتحول لكائنات عدائية، وده اللى بنسعى لتعديله أنا وكل محبى الكلاب من خلال حملات بنعملها بشكل مستمر علشان ناخد كل الجراوى عندنا فى الشلاتر علشان تتعود على المعاملة الطيبة مننا، ولما تخرج للشارع ماتكونش خطر أو تعض حد، وده بيكون من خلال تعديل سلوك الجراوى».
«مريم»: «فتحت منزلى للكلاب وعملت لهم شلتر فى شقتى وبحلم بمزرعة كبيرة لهم»
يتبع «هانط» أسلوباً معيناً فى البحث عن تلك الحيوانات يختلف عن الأسلوب الذى تتبعه مريم جمال صفوت، من محافظة القاهرة، والتى قررت تحويل شقتها الخاصة إلى «شلتر» لعلاج الكلاب ورعايتها صحياً بعدما لاحظت زيادة أعدادها فى الشوارع بسبب ارتفاع أسعار الأكل المخصص لها: «ناس كتير رمت كلابها فى الشارع بسبب زيادة أسعار الدراى فود، والموضوع تحول لظاهرة مرعبة والكلاب لا حول لها ولا قوة، الموضوع فعلاً كان غريب وماكانش قدامى غير إنى أنقذهم بأى طريقة، علشان كده خصصت شقتى لهم علشان أرحمهم من بهدلة الشارع».
مبادرة «مريم» لاقت ترحيباً شديداً من المقربين منها، وهو ما جعلها تستمر فى تقديم الدعم لتلك الكائنات، حتى قررت أن تزيد من مساحة «الشلتر» ليناسب الأعداد الكبيرة للكلاب: «دلوقتى بقى عندى 4 شقق فى العمارة بتاعتنا مخصصين للكلاب بجميع أنواعها، ولسه عندى أحلام كتيرة الفترة الجاية، يمكن أهمها إنى آخد قطعة أرض واسعة وأعمل عليها شلتر يضم مئات الكلاب المشردة».
تمكنت «مريم»، فى بداية الأمر، من إنقاذ 30 كلباً، وزادت الأعداد لديها حتى بلغ العدد 450: «بنجيبهم من الشارع بنفسنا، وفيه ناس بتكلمنا لما اتعرفنا فى مصر الجديدة وبتجيب لينا الكلاب لحد الشلتر، ودى حاجة مفرّحانى لأنى مابقتش لوحدى اللى بنقذ الكلاب، لأ ده بقى الناس نفسها عندها وعى بخطورة الموضوع وتحولوا لمنقذين برضو».
بمجرد دخول الكلب إلى شلتر «مريم» يتم تعقيمه حتى لا تتزايد الأعداد بالتزاوج، كما يتم عزله فترة حتى التأكد من خلوه من الأمراض، وخلال تلك الفترة يتم إجراء تحاليل وفحوصات دورية عليه: «بقينا دلوقتى بنطلع كلاب للتبنى، وحددنا شروط علشان الموضوع ده، من أهمها إن المتبنى يكون عنده رحمة وإحساس بضعف الكائنات دى، إلى جانب مكان كويس يقدر يستقبل فيه الكلاب، وبعد كل ده بنروح زيارة للمكان نشوفه مناسب وصالح ولا لأ».
ترى «مريم»، التى بدأت فى تأسيس «الشلتر» الخاص بكلاب الشارع منذ 3 سنوات، أنه لا بد من سن قوانين تجرّم الاتجار بالكلاب إلا من خلال الأماكن المخصصة لهذا الأمر، والتى تشرف عليها الدولة وتراقبها بشكل دقيق: «دول العالم كلها قفلت محلات الاتجار بالكلاب فيما عدا المحلات الكبيرة اللى تحت إشراف الدولة واللى فيها بيكون فيه شروط قاسية للتجارة من أهمها تعقيم الكلاب علشان كده الأعداد عندهم قليلة».
وتتابع: «فى مصر لازم الكلاب تتعقم بسعر رمزى مايزيدش عن 100 جنيه، وده هيشجع كل الناس على تعقيم كلابها، ومن هنا الأعداد هتقل بشكل كبير، وأزمة انتشار الكلاب فى الشوارع هتتحل علشان الناس اللى ماشية فى الشارع ممكن تاخد كلاب الشارع تعقمها عادى جداً طالما السعر قليل، منعاً لزيادة أعدادهم فى الشارع».
لم يختلف الحال كثيراً بالنسبة لمها مصطفى، من محافظة البحيرة، التى خصصت غرفة فى منزلها لاستضافة القطط التى تخلى عنها أصحابها منعاً للأذى التى تتعرض له خلال وجودها فى الشارع، معتبرة أن تلك المبادرة لا بد من أن تعمم فى مصر، خاصة فى فصل الشتاء لمعاناة القطط مع البرد والمطر: «لو كل واحد تبنى فى بيته 3 قطط مش هيكون عندنا قطط فى الشارع، أو على الأقل الناس تنزل الشارع تحط لهم أكل لأنهم روح وأمم زينا ومابيقدروش يعبّروا عن وجعهم زينا، علشان كده لازم كلنا نهتم بيهم ونراعيهم».
تريد «مها» أن تحافظ على أرواح القطط، خاصة التى يتم تربيتها فى المنازل ويتخلى عنها أصحابها بسبب التقدم فى العمر أو إصابتها بالأمراض، فهى ترى أن قطط الشارع يمكن أن تتأقلم مع الوضع لكونها وُلدت فى الشارع: «القطط اللى أصحابها بترميها دى بتصعب عليا أوى لأنها مابتلاقيش لها مكان فى الشارع لأنها مش متعودة على كده هى تعودت من صغرها على البيت والأكل النضيف، علشان كده قررت أتبنى القطط دى وأرحمها من البهدلة».
وكانت كاميرا «الوطن» قد رصدت تجمع حزين لعدد من الكلاب الصغيرة واحتضانهم لكلب دهسته سيارة بأحد شوارع السيدة زينب، وقد لاقت هذه الصورة إعجاب رواد مواقع التواصل الاجتماعى وتم تداولها فى وسائل الإعلام المختلفة.