فلكلور شعبي وطقس ديني احتفالا بالرحلة المقدسة: «مُبَارَكٌ شَعْبِي مِصْر»
«القمص جورج»: «شجرة مريم» ضمن مسار حج المسيحيين الأفارقة
شجرة مريم في «المطرية»
«جالك يا مصر زمان هربان.. طفل صغير هو وعيلته، بارك أرضك بارك شعبك.. عاش قلبك شبعان ببركته»، على وقع أنغام الترتيلة الشهيرة تحتفل الكنيسة الأرثوذكسية بعيد دخول السيد المسيح رفقة العائلة المقدسة إلى أرض مصر يوم 1 يونيو من كل عام، تسبق ليلة العيد احتفالات فلكورية وطقس العشية، فى أجواء مميزة بكل الكنائس بشكل عام وبكنيسة السيدة العذراء بمنطقة المعادى، بشكل خاص كونها واحدة من أهم محطات مسار العائلة المقدسة.
احتفالات «الأرثوذكسية» تبدأ من نهر النيل بالمعادي
يبدأ الاحتفال بدخول الآباء الأساقفة والكهنة والشمامسة الكنيسة عن طريق مركب يجرى جولة فى نهر النيل، حاملاً الصندوق الذى يحوى نسخة الكتاب المقدس الذى وجد مفتوحاً على المياه على سفر إشعياء الأصحاح 19 الذى ترد فيها الآية «مُبَارَكٌ شَعْبِى مِصْر»، إضافة إلى مركب شراعى آخر على شراعه صورة كبرى تحمل أيقونة العائلة المقدسة أثناء دخولها أرض مصر، بينما المركب يحمل مجموعة تمثل العائلة المقدسة، حيث يمثل مجموعة من الممثلين توافد العذراء مريم تحمل السيد المسيح، برفقة يوسف النجار إلى مصر فى مشهد تمثيلى لإحياء العيد.
كما تقام العشية فوق السلم الأثرى المؤدى لنهر النيل من داخل تلك الكنيسة، وسط توافد مئات بل آلاف الأقباط من كافة محافظات مصر، بل ومن دول أخرى لحضور طقس العشية والتبرك بذلك المكان فى توقيت العيد. وبحسب الأنبا دانيال، أسقف المعادى وتوابعها، فإن كنيسة العذراء مريم بالمعادى، اعتادت كل عام على القيام بزفة داخل نهر النيل احتفالاً بعيد دخول السيد المسيح أرض مصر، حاملين صورة قيامة المسيح نظراً لتزامن العيد مع الخمسين يوماً المقدسة، إضافة إلى صورة العائلة المقدسة والكتاب المقدس، الذى وجد فى نهر النيل سابقاً.
وأكد أسقف المعادى وتوابعها، أن الاحتفال الفلكلورى تتبعه طقوس دينية من خلال إتمام الدورة داخل الكنيسة وصلاة العشية التى يتبعها قداس العيد فى صباح اليوم التالى، مؤكداً توافد الكثيرين على الكنيسة تزامناً مع هذا الاحتفال كونه عيداً دينياً وقومياً. وتمتد الاحتفالات من المعادى إلى كنيسة أبوسرجة الأثرية أو كنيسة الشهيدين «سرجيوس وواخس» هى الكنيسة الأثرية المشيدة فوق المكان الذى أقامت فيه العائلة المقدسة أثناء رحلة الهروب وبها مغارة الهروب عند الهيكل، بل وتتجاوز الاحتفالات نطاق القاهرة وتقام فى سائر المناطق الأخرى الممتدة إلى صعيد مصر.
وتحتفل الكنائس الأرثوذكسية بهذا العيد بالشكل الطقسى عبر القداسات الإلهية، وهى الكنائس التى شيدتها «القديسة هيلانة» أم الملك قسطنطين بكل موضع مرت به العائلة، وهو ما أطلق عليه مسار العائلة المقدسة، ليكون مسار خير وبركة لكل بلادنا مصر، بحسب ما قال البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، فى عظة العيد من قبل.
لم تقتصر الاحتفالات على الكنائس الأرثوذكسية فحسب، بل كان للكنائس الكاثوليكية نصيب أيضاً، عبر كنيسة العائلة المقدسة وشجرة مريم بالمطرية، التى تشهد توافد كبير فى تلك الفترة للتبرك بتلك الشجرة التى تعد مزاراً دينياً وثقافياً وأثرياً مهماً.
«الكاثوليكية» عبر شجرة مريم بالمطرية
القمص جورج سليمان، راعى كنيسة العائلة المقدسة وشجرة مريم بالمطرية، قال إن الكنائس الكاثوليكية المدرجة فى المسار تحتفل بعيد دخول السيد المسيح إلى أرض مصر على رأسها كنيستا العائلة المقدسة فى المطرية والعذراء مريم بدرنكة، اللتان تشهدان إقامة قداس إلهى وهو احتفال طقسى ودورة بصورة العائلة المقدسة، إضافة إلى كورال، موضحاً أن باقى الكنائس التى تحمل اسم العائلة المقدسة تشهد احتفالات لكنها كنائس غير أثرية.
أضاف «سليمان» لـ«الوطن» أن هناك احتفالات مميزة بهذا العيد تتمثل فى فلكلور شعبى وآخر طقسى، لافتاً إلى أنه من الفلكلور الشعبى توافد الزوار يوم 1 يونيو لزيارة شجرة مريم ثم الوجود لترتيل التراتيل فى الكنيسة، على رأسها ترتيلة شعبية تسمى «فى المطرية حموه» وهى أنشودة تقال عن أن العذراء حمت المسيح وبسبب تلك المياه خرجت شجرة البلسم. وأشار «سليم» إلى وجود مصطلح يسمى «مولد العائلة المقدسة»، وهو مصطلح فلكلورى لا كنسى، ويأتى ذلك بسبب زيارة السياح وأفواج من كافة دول العالم بالتحديد من أمريكا اللاتينية وأفريقيا نظراً لارتفاع نسبة الكاثوليك بها خلال تلك الأيام وفى حال وجود آباء كهنة كاثوليك معهم يصلون القداسات بهم.
وأكد أن الأفارقة يبدأ حجهم من المطرية حيث يصلون بها ثم يتجهون إلى سانت كاترين فى سيناء ثم إلى القدس ليعودوا إلى بلادهم بعد ذلك، وأضاف: «لذا فتلك الكنيسة واحدة من محطات الحج المسيحى لهم، كما أنها كنيسة فريدة لما تضمه من أثر على زيارة السيد المسيح، إضافة إلى لوحات جدارية وتمثال العائلة المقدسة».
وأوضح أن الاحتفالات تستمر حتى شهر أغسطس حتى تتوافر فرصة للشباب المرتبطين بامتحانات وقت احتفالات يونيو، حيث يجرى عرض مسرحية واسكتشات وعروض مختلفة وكورال، فيكون احتفالاً ممتداً.