حقوق مكفولة بقوة الدستور.. مكاسب «الأقباط»: إصدار أول قانون لبناء وترميم الكنائس
ثورة 30 يونيو كرست مفهوم المواطنة وأعادت قيم التسامح بين نسيج الشعب المصرى الواحد
جاءت ثورة 30 يونيو، لتؤسس لمصر الجديدة التى هدم الإخوان دعائمها من خلال سلب حقوق المصريين عامة، والأقباط على وجه الخصوص، هادمين الانسجام المجتمعى للشعب، لتأتى دولة ثلاثين يونيو وترسخ مفهوم دولة المواطنة.
فجاء دستور 2014 ليُذكر فيه الأقباط من أول الديباجة ولنهايته، وكانت أبرز مواده المادة الثالثة التى منحتهم حق الاحتكام إلى شرائعهم فى وضع قوانينهم الشخصية، فضلاً عن المادة 244 التى نصت على أن: «تعمل الدولة على تمثيل الشباب والمسيحيين والأشخاص ذوى الإعاقة والمصريين المقيمين فى الخارج، تمثيلاً ملائماً فى مجلس النواب، على النحو الذى يحدّده القانون».
وكان من نتائج ذلك أن خرج الأقباط من انتخابات 2015 بعدد 38 مقعداً، بل إن مع التعديلات الدستورية التى أجريت فى 2019، نص الدستور على إنشاء مجلس ثانٍ للبرلمان باسم مجلس الشيوخ، وأن يكون تمثيل الأقباط فى البرلمان بصفة دائمة وليس مؤقتاً، كما فى دستور 2014. وكان من نتائج تلك التعديلات أن حصل الأقباط فى 2020 على 24 مقعداً لأول مرة فى تاريخ الغرفة الثانية «مجلس الشيوخ»، الذى شهد فى سابقة برلمانية انتخاب سيدة مسيحية فى منصب وكيل المجلس هى «فيبى جرجس».
وفى انتخابات مجلس النواب التى أجريت فى 2020، حصد الأقباط 31 مقعداً، منها 28 بالقائمة و3 فردى، قبل أن يزيد الرقم عبر تعيين الرئيس عبدالفتاح السيسى فى 8 يناير 2021 عدد 6 أقباط من 28 نائباً معيناً، ليصبح عددهم فى المجلس 37 قبطياً.
ليس هذا فحسب، بل تزايد نصيب الأقباط من المناصب العليا عقب ثورة 30 يونيو 2013، فبخلاف وجودهم فى التشكيل الوزارى للحكومات المتعاقبة، أفسح المجال لأول مرة للأقباط ليتولوا مناصب المحافظين، وشهدت حركة المحافظين الرابعة فى عهد السيسى التى أجريت فى 27 نوفمبر 2019 تعيين 2 محافظين ونائب محافظ، إذ خرج فى تلك الحركة الدكتور كمال شاروبيم محافظاً للدقهلية، وظلت الدكتورة منال ميخائيل فى دمياط.
إلى جانب ذلك، تزايد وضع الأقباط فى دوائر مؤسسة الرئاسة، إذ انضم إلى اللجنة الاستشارية للرئيس الكثير من العلماء والخبراء الأقباط، أمثال: «الدكتور فيكتور رزق الله، والدكتور نبيل فؤاد فانوس، والمهندس هانى عازر، والدكتور مجدى يعقوب». وفى 2022، شهدت مصر لأول مرة فى تاريخها تولى مسيحى مصرى منصب رئيس المحكمة الدستورية العليا، وهى أعلى محكمة مصرية، وهو المستشار بولس فهمى إسكندر. كما تم تعيين المهندس إميل حلمى إلياس، رئيس شركة أبوزعبل للصناعات الهندسية، مصنع 100 الحربى، نائباً لرئيس الهيئة القومية للإنتاج الحربى، وعضواً منتدباً لها، ليكون بذلك أول مسيحى مصرى يتولى هذا المنصب الرفيع.
وعلى مدى 160 عاماً، ظل تشريع قانون بناء وترميم الكنائس حلماً يراود الأقباط، حتى تحول إلى حق دستورى بنص المادة 235 من دستور 2014، ليطوى الأقباط فى 2016 صفحة «الخط الهمايونى»، بتصديق الرئيس السيسى على قانون «بناء وترميم الكنائس» الذى حمل رقم 80 لسنة 2016، وبناء على هذا القانون تنظر لجنة حكومية، برئاسة رئيس الوزراء، فى تقنين 5404 طلبات لتقنين أوضاع الكنائس من الطوائف المسيحية المختلفة بـ23 محافظة على مستوى الجمهورية، كما تم بناء أكبر كاتدرائية فى مصر والشرق الأوسط هى كاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية.
«شفيق»: الملف القبطى أصبح وطنياً بامتياز
قال سليمان شفيق، الكاتب والباحث القبطى، لـ«الوطن» إن للكنيسة والأقباط دوراً عظيماً فى قيام ثورة 30 يونيو، مشيراً إلى أن أول مكسب ناله الأقباط من الثورة هو ابتعاد الإخوان، إضافة لصدور قانون بناء الكنائس وترميمها والذى يعتبر طفرة فى بناء الكنائس، إلى جانب إقرار الكوتة القبطية فى البرلمان، وزيارة الرئيس السيسى للأقباط فى عيد الميلاد التى تحولت لعادة سنوية ترسخ للمواطنة، وتحول الملف القبطى من ملف طائفى إلى ملف وطنى عقب ثورة 30 يونيو.
«سليمان»: الرئيس السيسى تبنى فكرة المواطنة
فيما قال كمال سليمان، المفكر القبطى، إن «30 يونيو» أحدثت تغييراً كبيراً لإنقاذ الوطن، وحصد الجميع مكاسبها، وعلى المستوى القبطى فإن الرئيس السيسى تبنى منذ بداية حكمه فكرة المواطنة لكل المصريين، حيث قال «لا يهمنى دين من أتعامل معه»، وهذا لم يكن معهوداً فى مصر من قبل، ويعد الرئيس الوحيد الذى وجّه ببناء كنيسة وجامع فى المدن الجديدة.
«عطا»: الشعب اتحد فى مكون واحد لإشعال ثورة شعبية
وقال الكاتب والباحث رامى عطا، إن أهم مكسب للأقباط بعد الثورة، تمثل فى الرغبة فى بناء مصر الحديثة القائمة على مبدأ المواطنة، والتخلص من جماعة تمارس السياسة بناء على خلفية دينية، موضحاً أن الخلط بين الاثنين لا يعد فى الصالح العام، فمن المفترض أن يمارس المواطنون السياسة على خلفية سياسية، على أن يبقى الدين بالقلب. وأوضح أن مسار المصريين فى مواجهة التحديات متحدين كشعب واحد عاد مرة أخرى بقيام تلك الثورة الشعبية، ما يؤكد أننا نعيش فى وطن واحد ويجمعنا مصير مشترك، لافتاً إلى أن المواطنة بعد الثورة أفضل حالاً مما سبق.