من الصعب أن يعود الشرق الأوسط كما كان قبل أحداث (٧ أكتوبر)، فالشرق الأوسط الآن تغيّر وتَبَدَّل وأصبح عبارة عن كُرة لهب ستحرق الجميع لو لم يعد الاستقرار ولو لم تقف جميع الدول موقف أكثر صرامة فى سبيل الحفاظ على أمنها وحدودها وثرواتها، وإذا أردت الحُكم على الأحداث باستخدام الميزان القديم الذى يتم فيه حساب «المكسب والخسارة» فأرجوك انتظر.
نعم انتظر، انتظر حتى تكتمل الصورة لديك وحتى نشاهد باقى الأحداث التى -بطبيعة الحال- تحمل الكثير من المفاجآت لأنها مفاجآت مُرعبة ستجعلنا نتعجب ونقول فى نهاية المطاف (ما كل هذه المخططات التى تستهدف الشرق الأوسط؟).فى (عام ١٩٩٦) أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق شيمون بيريز كتاباً بعنوان (الشرق الأوسط الجديد).
وفى (عام ٢٠٠٦) روَّجت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس لما أطلقت عليه «الفوضى الخلاقة» التى ستأتى بـ(شرق أوسط جديد) كان قد رسم بعض خيوطه من قبل الجنرال الأمريكى السابق (رالف بيترز) لإعادة تشكيل الجغرافيا فى منطقة الشرق الأوسط على أُسس طائفية وعرقية ودينية عُرفت فيما بعد باسم «خريطة حدود الدم»، بعد ذلك آتى الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب وعرض فكرة (صفقة القرن).
وسار على نفس الدرب الرئيس الأمريكى الحالى جو بايدن الذى حاول أن يفرض هيمنة أمريكية على دول المنطقة لكى يُنفذ الفكرة بسهولة.
وفى (سبتمبر ٢٠٢٣) عرض رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو خريطة جديدة للشرق الأوسط أثناء إلقائه خطابه فى الأمم المتحدة لا وجود فيها لـ(فلسطين).
إذن الخطر يحيط بنا، ولم نعُد نقول إن الخطر قادم، لأن الخطر آتٍ وعلينا مواجهته بكل السُبل، لا بد من مواجهات سياسية قوية من كافة الدول العربية لهذا المخطط ومواجهات دبلوماسية على جميع الأصعدة ومواجهات فى كافة المنظمات الدولية.
«مصر» تعرف دورها جيداً وتقوم به على الوجه الأكمل وتواجه إسرائيل علناً حفاظاً على أمنها القومى، وجميع وسائل الإعلام العالمية ومنها -تحديداً- الإسرائيلية والأمريكية تؤكد أن هناك تصعيداً مصرياً تجاه إسرائيل، ترفض «مصر» التهجير وترفض تصفية القضية الفلسطينية ومنذ أحداث (٧ أكتوبر).
ونحن نعرف أن الهدف من المواجهات فى قطاع غزة هو إتمام تهجير الفلسطينيين وهو الهدف الأسمى الذى تحاول إسرائيل تحقيقه على حساب «مصر» لكن هذا مرفوض رفضاً قاطعاً.
«لعبة المصالح» تتم على قدم وساق بين إسرائيل وأمريكا، و«لعبة الانتخابات» تتم بينهما على المكشوف، والتنسيق بينهما واضح، والتعاون بينهما يتم عينى عينك، والخطط بينهما يتم حبكها وتنفيذها حرفياً مثلما خُطط لها، تحمى «أمريكا» إسرائيل فى الأمم المتحدة وتستخدم حق الفيتو دائماً ضد أى قرار من شأنه إدانة إسرائيل أو حتى توجيه اللوم لها، تحمى «أمريكا» إسرائيل فى المحكمة الجنائية الدولية، سلاح وتعطيها بلا عدد، مليارات وتعطيها بلا حساب، الكونجرس الأمريكى مؤيد لها على طول الخط، الخارجية الأمريكية تقول وتكرر أن أمريكا مسئولة عن أمن إسرائيل وهذا ما أكده وكرره الرئيس الأمريكى جو بايدن منذ ٤٨ ساعة بالضبط.. إذن نحن أمام مخطط (شرق أوسط جديد.. لانج وشديد)، من وجهة نظرى هو الخطوة قبل الأخيرة من حدوث مواجهات أكثر فى المنطقة التى تشتعل اليوم أكثر عن أمس، وستشتعل أكثر غداً عن اليوم، وستزداد اشتعالاً بعد غد عن الغد.