سؤال من عسكرى أمن مركزى: «هوّ انا سبت ضربة الفاس فى الأرض عشان أضرب فى المصريين؟»
قنابل الدخان ترتفع لعنان السماء، أمام بوابة القصر الرئيسية يختفى البشر، ويبقى المطلب على الأسفلت «ارحل خلى عندك دم»، أسلاك شائكة تحيط بكل البوابات، معلق عليها دعاء بالرحمة للفريق الشاذلى، بعض مجندى الداخلية قرروا «شم نفسهم» والابتعاد عن «غازات القنابل»، تركوا الصفوف وعادوا ليستريحوا أمام بوابة القصر.
عساكر الأمن المركزى أصابهم التعب والضجر، على أعمدة المترو وقفوا يسندون ظهورهم المتعبة من كثرة الوقوف، أشعلوا السجائر ودارت بينهم أحاديث الحنين إلى قراهم، قاهرة المعز أصبحت كابوساً يجثم على صدورهم، شهران قضاهما أحمد على، المجند بالأمن المركزى، دون إجازة واحدة، اشتباكات كل يوم كادت تصيبه بالجنون «مايشوفوهم عايزين إيه ويعملوه، إحنا خلاص زهقنا»، يقول الجندى المتعب لصديقه المبتسم من خلف القناع الذى فشل فى حجب بريق عينيه، مجند آخر يرتدى دروعاً يصفها بـ«تقيلة على قلبى»، يبدأ فى السباب.. «أنا متجوز اتنين وبقالى 26 يوم فى الهم ده»، يقول محسن الذى قضى أكثر من عام ونصف من فترة تجنيده «بس ماشفتش أيام سودا زى الكام شهر اللى فاتوا»، يرد حمادة جمال فتحى القادم من «سوهاج مركز طما» ليعكس الثورة الكامنة داخل نفوس المجندين.. «إزاى أخدم بلدى فى المرار ده، هوّ انا سبت الأرض عشان أضرب العيال دول؟» يسأل متعجباً. كانت نقطة التحول فى حياة حمادة العسكرية وجوده فى بورسعيد، الزى المدنى الذى كان يرتديه وقتها لم يشفع له عند الأهالى الذين رفضوا بيع الطعام له وزملائه.. «قالولنا مش بنبيع لعساكر، الناس بتكرهنا واحنا مالناش ذنب».