خطيب «الأقصى» لـ«الوطن»: سنرفع دعاوى قضائية ضد «زابور السبت اليهودى» لأنه يزعجنا مثلما يزعجهم الأذان
الشيخ عكرمة صبرى
قال خطيب المسجد الأقصى، ورئيس «الهيئة الإسلامية العليا فى القدس»، الشيخ عكرمة صبرى، إن الصراعات العربية والخلاف بين حركتَى «فتح» و«حماس» تخدم الاحتلال لمواصلة إجراءاته التصعيدية، وآخرها التشريع الخاص بمنع الأذان.
وأضاف «صبرى»، فى حواره لـ«الوطن»، أن «السكان يواجهون منع الأذان بالصعود إلى المنازل ورفعه، فى وقت يتجرأ علينا فيه الاحتلال دون رادع لأنه لم يعد لنا ظهر يحمينا». وانتقد «صبرى» حركتَى «فتح» و«حماس»، معتبراً أنهما تريدان مصالحة «على مزاجهما»، مؤكداً أن «الحوار الناعم» بينهما لن تكون له نتيجة.
أتصور أنه سيتم تجميد قانون «منع الأذان».. وسلطات الاحتلال لجأت لتفعيل قانون الإزعاج بدلاً منه.. والهدف من «القانون» إرضاء الجماعات اليهودية المتدينة
■ ما أهم تفاصيل مشروع قانون منع الأذان الذى تريد سلطات الاحتلال الإسرائيلى تمريره؟
- مشروع قانون منع الأذان أعدته اللجنة الوزارية أو اللجنة التشريعية بالحكومة قبل عرضه على الكنيست الإسرائيلى، وكان يشمل الأذان وما يؤدى إلى الضجيج والإزعاج حسب زعمهم، فاعترضت جماعة يهودية متدينة على مشروع القانون خوفاً من أن يشملهم هذا القرار، لأنهم هم أيضاً يستعملون الصافرة، ويستعملون البوق فى يوم سبتهم، فحتى تُرضى الحكومة هؤلاء المتدينين اليهود عدلت من القانون وحصرته بالأذان فقط.
■ وما دلالات ذلك فى رأيك؟
- هذا يعنى أن مشروع القانون يستهدف المسلمين فقط، لأن الاحتلال يسعى إلى تهويد المدينة بمختلف صورها وأشكالها ومعالمها، فاستمرت الضجة ضد الاحتلال من قبَلنا ومن قبَل بعض الشعوب العربية والإسلامية، فرأوا أن يتراجعوا، كان من المقرر الأربعاء الماضى عرضه على الكنيست للنقاش والتصويت، فتراجعوا وعدلوا عن الموضوع وأوجدوا البديل.
■ وما هو ذلك البديل؟
- البديل هو تفعيل قانون الإزعاج، هم لديهم قانون سابق غير مفعّل فيريدون أن يفعلوه ضد المسلمين، ووفق القانون هذا، إذا شخص أذّن وانزعج الجيران أو اليهود منهم يقولون انزعجنا نريد أن نعاقبه لأننا انزعجنا منه، ليس لأنه رفع الأذان، ولكن لأنه أدى إلى إزعاج، بهذه الطريقة الالتوائية يريدون منع الأذان، أى إن المخطط هو منع الأذان.
■ هل السلطات تتحرك من تلقاء نفسها فى هذه الحالة؟ أم فى حال تقدم أحد بشكوى ضد رافع الأذان؟
- حسب ما رأوا مؤخراً لا بد من شكوى تقدم ضد المسجد الفلانى أو المؤذن الفلانى، وهكذا.
الشيخ عكرمة صبرى: الاحتلال يتجرأ علينا لأن العرب نائمون
■ وعلى المستوى الشعبى ماذا كان ردكم يا فضيلة الشيخ؟
- نحن بدورنا كمسلمين لنا طريقتنا، إذا عوقب أى مؤذن أو من يسمونه ارتكب مخالفة أى مؤذن فإن سكان الحى يصعدون على أسطح منازلهم ويرفعون الأذان، لتثبيت الأذان من جهة ولرد التحدى لليهود من جهة أخرى، هذه طريقة.
■ وما الطريقة الثانية؟
- الطريقة الثانية تتمثل فى اللجوء إلى المحاكم أيضاً ضد اليهود، المسلمون يقدمون دعاوى ضد اليهود يقولون مثلاً نحن اشتكينا أو نحن انزعجنا من الصافرة ومن البوق، فنريد تطبيق القانون على اليهود، كنوع من الإحراج سواء ردوا أو لم يردوا، المهم إذا كانوا هم يريدون استعمال ذلك القانون، فنحن ليدنا محامون يستعملون القانون أيضاً، سيأتى مسلم يقول: أنا انزعجت من هذا البوق أو من هذا الزابور يوم السبت، وأريد محاكمة الذين يقومون بذلك. سنستمر فى رفع الأذان ولن يمنعنا من ذلك أحد، ونضع فى اعتبارنا أن الأذان أول ما رُفع رُفع فى فلسطين، رفعه الصحابى الجليل بلال بن رباح فى عام 15 هجرية، وهو شعيرة إسلامية لن يتركها المسلون وسنتصدى لتلك الإجراءات، ومن يشعر أنه منزعج من الأذان فعليه أن يغادر أرضنا، ونحن نحمّل الحكومة الإسرائيلية اليمينية المسئولية تجاه أى إجراء من هذا النوع.
■ وما رأيك فى المواقف الدولية من ذلك القرار؟
- بالنسبة لقضية المواقف الدولية نحن لا نعول عليها كثيراً، والسبب أن الدول العربية نائمة، إذا الدول العربية لم تقف إلى جانبنا، فهل نتوقع أن الولايات المتحدة الأمريكية أو بريطانيا أو فرنسا تقف إلى جانبنا، ليس معقولاً.
■ وما تقييمك لمواقف الدول العربية فيما يتعلق بقرار من الأذان؟
- بالنسبة للدول العربية نحن لمسنا احتجاجات من الشعوب ولكن حتى الآن لم نلمس من حكومات الدول العربية وكذلك الإسلامية تحركاً جدياً، كأنهم إما أنهم مشغولون أو أن الأمر لا يعنيهم.
■ هناك دعوات مستمرة للمصالحة بين حركتَى «فتح» و«حماس» فما رسالتك للحركتين فى هذه الظروف الصعبة التى يمر بها الفلسطينيون؟
- أحكى لك بكل وضوح وصراحة، حركة «فتح» تعلن أنها تريد المصالحة، وحركة «حماس» تعلن أنها تريد المصالحة، ولكن أين المشكلة؟ المشكلة أن كلاً يريد المصالحة على مزاجه أو على أفكاره أو على مقاييسه، فلا يلتقيان. وحتى الآن لا أتوقع أن يكون هناك نجاح فيما يتعلق بالمصالحة الفلسطينية الفلسطينية إلا بضغط على الطرفين ليرضخا. أما من خلال الحوار الناعم فلن نصل إلى نتيجة، حاولت مصر فى هذا الإطار، وحاولت قطر، والمملكة العربية السعودية حاولت، عدة قرارات وعدة اتفاقات تم توقيعها، ولكن لا تنفيذ، لا تنفيذ.
■ وما الدول التى ترى أن بإمكانها تنفيذ الضغط الذى تدعو إليه؟
- أتوقع مصر، مصر يمكنها ذلك، مصر يمكنها الضغط على «فتح» و«حماس»، مصر لديها أوراق يمكن أن تضغط على السلطة الفلسطينية عند أبومازن، ويمكن أن تضغط على «حماس» فى قطاع غزة.
■ وما دوركم كرجال دين فى هذا الإطار؟ أليس لديكم مبادرات لمحاولة إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الداخلية؟
- لا، يعنى أنا أتوقع أنه لن يكون هناك وفاق أو تلاق بين الطرفين، إلا إذا كل من الطرفين وقع على تحكيم لجهة معينة، وأن يكون التحكيم ملزماً دون استئناف، ونحن كهيئة إسلامية عليا فى القدس لم يطلب منا أحد من الطرفين أن نتدخل.
■ إذا كان الأمر كذلك، هل أنتم لا تريدون التدخل؟
- لن نتدخل إلا إذا اتفق الطرفان على تحكيمنا.
■ وهذا يعنى أن الهيئة الإسلامية مستعدة لأن تكون حكماً بين حركتَى «فتح» و«حماس» فيما يتعلق بملف المصالحة؟
- نعم، شرط أساسى، الاثنان معاً للموافقة على التحكيم، التحكيم لجهة معينة وأن يكون التحكيم ملزماً للطرفين دون استئناف، وإذا اتفق الطرفان على تحكيمنا بينهما. وبالتالى أعتقد أن مصر قادرة على هذا الموضوع.
■ ما آخر ملامح التصعيد الإسرائيلى فى القدس التى تؤشر على أن الاحتلال يسير قدماً فى خطوات تهويد القدس ومحاولة طمس هويتها؟
- نعم، آخر إجراءين، الإجراء الأول: تغيير أسماء الشوارع والأزقة والميادين من خلال شطب الأسماء التاريخية الحضارية العريقة ووضع أسماء يهودية مكانها، وهذا نوع من التهويد واضح. الإجراء الثانى: طمس المعالم الأثرية المقدسية والآثار المحيطة فى المسجد الأقصى، أى التى تقع خارج المسجد الأقصى عند القصور الأموية وفى منطقة سلوان، طمسها يعنى أن أى أثر يجدونه وهم يحفرون نتيجة الحفريات والتنقيب أى حجر أى شىء له علاقة بالتاريخ الإسلامى يدمرونه ويطمسونه، هذه آخر الإجراءات فيما يتعلق بسياسة التهويد. بالإضافة إلى الاعتقالات والإبعادات فى صفوف الشباب الفلسطينى، والتضييق على التجار حتى يغلقوا محلاتهم من خلال فرض الضرائب عليهم، هناك أساليب كثيرة، التهويد ليس جانباً واحداً، التهويد فى عدة مجالات وعدة مناح.
■ فيما يتعلق بمشروع قانون الأذان، فى رأيك هل سيتم إلغاؤه أو تعديله؟ أم سيبقى كما هو ويتم تمريره؟
- أتصور أن الإجراء المتعلق بالأذان أو مشروع قانون منع الأذان سيتم تجميده، ويفعّل كما قالوا قانون الإزعاج، وهم عندهم ذلك القانون السابق وما كانوا يطبقونه، الآن يريدون تفعيله وتطبيقه على المسلمين فقط. ولكن بكل حال لا مجال مطلقاً للحلول الوسط فى مثل هذا القرار، ولن نقبل بأى قانون يسنه الاحتلال يتعلق بالأذان، لأنه تدخل فى شئوننا الدينية، وهو بكل تأكيد تدخل مرفوض، وحتى قانونياً لا يجوز لسلطة احتلال أن تفرض قوانين تخالف القوانين التى تسير عليها البلاد الواقعة تحت الاحتلال.
■ ما رسالة فضيلتك الأخيرة إلى الدول العربية والإسلامية بهذا الخصوص؟
- نقول لهم إن «القدس» أمانة فى أعناقهم شأنها شأن مكة المكرمة والمدينة المنورة، «القدس» ليست لأهل فلسطين وحدهم، بل هى لجميع العرب والمسلمين فى كل أرجاء المعمورة، ولا بد أن يتحملوا المسئولية بالحراك السياسى والحراك الدبلوماسى والاقتصادى والتجارى، وأن يعلموا أن الله سيحاسب كل من يقصر بحق القدس والأقصى، هذا هو.