"يهود مصر" الوثائقي.. بين ذكريات زمن فات وتغير تركيبة المجتمع
يتناول الفيلم الوثائقي "يهود مصر" أمجاد يهود مصر في الماضي، ثم هجرتهم منها اعتبارا من العام 1948 بعد إنشاء دولة إسرائيل.
وعقب حرب 1948، واجه اليهود المصريون ضغوطا لمغادرة البلاد أو طردوا منها، وأصبح يعيش في مصر اليوم قرابة 200 يهودي، وباتت المعابد اليهودية شبه خالية، وفقدت هذه الطائفة الصغيرة السبت الماضي رئيستها كارمن وينشتاين التي توفيت عن عمر ناهز 84 عاما.
وتم تسجيل فيلم "يهود مصر"، الذي أخرجة المخرج المصري أمير رمسيس، والذي عرض في دار سينما راقية في القاهرة، في مصر وفرنسا حيث تعيش مجموعة صغيرة من اليهود المصريين.
يبدأ الفيلم باستطلاع آراء مواطنين في شوارع القاهرة، ويقول أحد هؤلاء إن "اليهود أعداء للإسلام" بينما يؤكد آخر "لقد لعنهم الله".
وتأتي بعد ذلك مشاهد تذكر بزمن مضى، كانت فيه المغنية والممثلة ليلى مراد، وهو اسم مشتق من لقبها الحقيقي موردخاي، تملأ الشاشة الكبيرة، كما كان اليهود ضمن كبار قادة الأحزاب السياسية.
في فيلمه، يجرى أمير رمسيس مقابلات مع يهود ولدوا في مصر واضطروا إلى مغادرتها اعتبارا من 1948. ويقول هؤلاء إنهم هاجروا لأنهم طردوا أو لتزايد العداء لليهود بسبب النزاع العربي - الإسرائيلي.
وإخراج فيلم عن اليهود المصريين، اليوم في مصر التي يحكمها رئيس إسلامي، ليس أمرا هينا. وقد دفع أمير رمسيس الفاتورة إذ تأخر عرض الفيلم في انتظار موافقة جهاز الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية، والذي حل محل جهاز أمن الدولة القوي في عهد حسني مبارك.
وعنما تمت الموافقة على عرض الفيلم أخيرا، طلب من مخرجة أن يقدمه باعتباره عملا "خياليا".
ويقول أمير رمسيس إن "اليهود ربطوا سواء عن قصد أو غير قصد بالنزاع العربي - الإسرائيلي"، وبتأثير هذا النزاع فإن ميراث الطائفة اليهودية في مصر لم يرد له ذكر تقريبا.
وكان ما يعرف بـ "عملية لافون" في 1954 بداية المشكلات التي واجهها اليهود المصريون. ففي ذلك العام اتهم وزير خارجية إسرائيل آنذاك بنحاس لافون بتجنيد يهود مصريين للقيام باعتداءات على منشآت غربية في مصر بغرض إحراج الرئيس جمال عبد الناصر، وتم الإعلان عن اكتشاف الخطة.
وبعد عدوان 1956 الذي شاركت فيه إسرائيل وفرنسا وبريطانيا ضد مصر، عقب تأميم قناة السويس، اضطر معظم اليهود إلى الرحيل.
وتروي ماجدة هارون وهي واحدة من اليهوديات القليلات اللاتي بقين في مصر "في خمسينات القرن الماضي كان هناك مسرحية اسمها حسن ومرقص وكوهين" في إشارة إلى التعايش الذي كان قائما بين الطوائف الدينية الثلاث في ذلك الوقت، وفي العام 2008، أطلق اسم "حسن ومرقص" فقط على اسم يتناول المشكلة الطائفية في مصر بينما غاب اسم كوهين في دلالة على اختفاء الطائفة اليهودية.
وتعتقد ماجدة هارون، التي ولدت في الاسكندرية في 1952، أنه يتعين على الناس أن "يرفعوا صوتهم حتى لا يصبح الفيلم المقبل اسمه حسن فقط".
وتتذكر ماجدة أن والدها المحامي المعروف شحاتة هارون قدم طلبا للتطوع في الجيس المصري، ولكن عندما جاء الأمن إلى بيتهم كان بغرض اعتقاله، وتضيف ماجدة "لكننا لن نغادر فهذا هو بلدنا".