رئيس «الكوارث البيئية»: نفتعل حوادث «تلوث وهمى» لقياس قدرتنا على تنفيذ خططنا بشكل عملى
الدكتورة كوثر حفنى
قالت الدكتورة كوثر حفنى، رئيس الإدارة المركزية للأزمات والكوارث البيئية بوزارة البيئة، إن الوزارة لديها خطط مسبقة لمواجهة الأزمات البيئية حال حدوثها، موضحةً أن مفهوم «إدارة الأزمة» يعنى عدم انتظار حدوثها، ولكنه استباق الحادثة نفسها، وتحديد خطط التحرك الواجب تنفيذها سواء قبل أو أثناء أو بعد الأزمة.
وأضافت «حفنى» فى حوار لـ«الوطن»، أن نطاق اختصاص وزارة البيئة فى مواجهة الأزمات هو الحوادث التى تسبب ضرراً شديداً بالبيئة، مشيرة إلى أنه تتم إدارة الأزمة بالتنسيق مع الجهات المختصة حتى الانتهاء منها، وأنها تستخرج تصاريح دخول سنوية للموانئ، لأنه «لو حدثت كارثة فى ميناء، أقف على الباب ومايرضوش يدخلونى».
كوثر حفنى: كل جهة مسئولة عن خطط مواجهة أزمات قطاعها
■ تتولين رئاسة إدارة الأزمات والكوارث البيئية بوزارة البيئة.. ماذا تعنى «الكارثة» أو «الأزمة البيئية»؟
- الكارثة هى الحادث الناجم عن عوامل الطبيعة أو بفعل الإنسان، الذى يترتب عليه ضرر شديد بالبيئة، وتحتاج مواجهته إلى إمكانيات تفوق القدرات المحلية المتوفرة، أما الأزمة فتكون عبر مجموعة من الأحداث المتتالية، قد تؤدى لاتخاذ إجراءات إذا لم تتخذ ستؤدى لكارثة مستقبلاً، ومن ثم فإننا نستبقها قبل حدوثها، ويتم التعامل معها.
■ ولماذا أنشئت إدارة مستقلة داخل وزارتكم لإدارة الأزمات والكوارث البيئية؟
- لأن قانون البيئة منذ صدوره عام 1994 يُلزم الوزارة بوجود خطة وطنية لمواجهة الأزمات، والكوارث البيئية، ونحن نعمل تحت مظلة اللجنة العليا للأزمات والكوارث، والخطة الوطنية لإدارتها، والمسئول عنها هو مجلس الوزراء، ومن ثم فإن كل وزارة مسئولة عن ملف معين تتولى وضع خطط مواجهة أزماته، وكوارثه، وبالفعل لدينا خططنا، وأنشئت غرفة عمليات بالوزارة نتولى إدارتها منذ عام 1998 لتلقى البلاغات الخاصة بالحوادث البيئية على مدار الـ24 ساعة، ونتعامل معها سواء فى البحر أو النيل أو الهواء.
■ وما أبرز تهديدات الكوارث البيئية؟
- أبرزها بالنسبة لنا هى حوادث التلوث بالزيت من السفن سواء فى نهر النيل أو البحر الأحمر وغيرهما من المناطق، لأن لها أثراً على تدهور البيئة البحرية حال حدوثها، ووزارتنا هى المسئولة عنها بشكل كامل، بحيث تكون المنسق الوطنى لحوادث التلوث بالزيت، مع الجهات المختلفة، ومن ثم لدينا خطط مسبقة لكل حادث؛ فنحن لا ننتظر الأزمة أو الكارثة حتى وقوعها، ولكننا نعمل منذ وقت ما قبل الأزمة، وأثناءها، أو ما بعدها، وكذلك تلوث الهواء، وغيرها من الأحداث، ونحن نعمل على تحقيق التوافق مع المنظومة القومية لإدارة الكوارث، والأزمات، والأحداث الطارئة برئاسة مجلس الوزراء، والحد من مخاطرها.
نجدد تصاريحنا سنوياً لأنه «لو وقعت كارثة فى ميناء مابيرضوش يدخلونى»
■ وهل تصنف الكوارث الطبيعية على أنها «كوارث بيئية»؟
- تُصنف كذلك لو تحررت مواد ملوثة للبيئة، ومن ثم نتحرك لمواجهتها بشكل فورى.
■ قلت إنكم تتعاملون مع الكوارث والأزمات البيئية قبل وقوعها.. كيف ذلك؟!
- لأننا نتوقع الكارثة قبل حدوثها حتى نستعد لها، لأننى لو لم أستعد فإنها ستكون مفاجئة لى، و«هاقف أتفرج ومعرفش أعمل حاجة»، ولكن بعد توقع الأزمة نبدأ فى إعداد خطة لمواجهتها بمعايير عالمية، ومن ثم توفير متخصصين، ومعدات، وخبراء، ومستشارين، واستعدادات كاملة مع كافة الجهات الحكومية التى قد تكون معنية بالأزمة، وسيناريوهاتها، ثم بعد ذلك نتدرب عبر حادثة «تلوث وهمى»، وذلك لنقيس مدى قدرتنا على تطبيق الخطة بشكل عملى من عدمه، وتعديل أوجه القصور فيها، وكل ذلك يحدث قبل الحادث نفسه.
■ وما أبرز التطبيقات العملية التى قد تشكل «كارثة بيئية»؟
- كما قلت من قبل، فإن التلوث البحرى سواء من سفينة، أو من منصات بترولية فى البحر، أو خطوط نقل المواد البترولية، إضافة لتلوث الهواء؛ فحين يقول أحد إنه شاهد «مدخنة مبهدلة الدنيا»، لا بد أن أحدد ذلك بناءً على رصد كامل ومن خلال قراءات معينة، إضافة إلى استعداداتنا لمواجهة «السحابة السوداء» بشكل سنوى، وكل يوم نتقدم بشكل أفضل من السابق له، وذلك يجرى عبر استباق الأزمة، ووضع حلول لها، والتنسيق مع الجهات الشريكة فى مواجهة الأزمة؛ فمثلاً حرائق قش الأرز كنا نرصدها لتتحرك معنا إدارة الحماية المدنية بوزارة الداخلية بشكل مباشر، ولكن مثلاً لو حدثت كارثة فى ميناء، وممنوع دخول الموانئ بشكل طبيعى؛ فلو وقعت حادثة هناك أقف على الباب ومايرضوش يدخلونى، ولهذا أجدد تصاريح دخولى بشكل سنوى عشان لو حصل حاجة نقدر نتعامل معاها لا قدر الله.
■ وكيف تديرون أزماتكم؟
- يرد إلينا بلاغ سواء من شركة بترولية بوجود تلوث بترولى، أو من المحافظة فى منطقة الحادث أو من أفراد عاديين، وهناك نموذج جاهز للإبلاغ عن مثل تلك الحوادث، ولو كان الفرد المبلغ لا يمتلك وسيلة تواصل معنا نذهب إلى مكان الحادث، ونوجه أقرب فرع جهاز شئون بيئة أو محمية فى تلك المنطقة للتأكد من صحة المعلومة من عدمها، وقياس حجم التلوث؛ فلو كان بسيطاً وسيتشتت بفعل التيارات المائية، والهوائية لا نحرك المعدات، ولو كان التلوث كبيراً نبحث عن الجهات الشريكة معنا فى إدارة هذه الأزمة، وهى الهيئة العامة للبترول، وأجهزة المحافظة، ليتم تحريك معدات مكافحة التلوث، ونحن لدينا مركز مكافحة تلوث فى «شرم الشيخ» تابع لنا، وهناك 5 مراكز تابعة لـ«الشركة العامة للبترول» موزعة على عدة محافظات، ومن نحتاج له يتحرك.
ندرس كل حادث لنقف على الإيجابيات والسلبيات معاً.. ونعمل على تعديل الخطط لرفع أدائنا ومهاراتنا
■ وفى أزمة مثل اصفرار نهر النيل التى حدثت بعد السيول مؤخراً.. ما دوركم؟
- دور وزارتنا هو التأكد من عدم وجود تلوث فى المياه، وما كان بها كانت مكونات طبيعية، ومن ثم ليس هناك أزمة.
■ وهل تتوقعون كل الأزمات والكوارث البيئية؟
- نتوقع الكثير، ولكن يمكن أن تكون هناك أزمات غير متوقعة، وكل حادث يقع نخرج منه بدروس مستفادة، لكى ندعم الإيجابيات، ونواجه السلبيات، وهو ما ينتج عنه تعديل خطط عملنا ليكون أداؤنا بفاعلية أكبر، ونصقل مهاراتنا.
■ وهل هناك أزمات بيئية ما «تحضرّون» أنفسكم لها؟
- نحن نعمل حالياً على وضع خطط للتعامل مع المواد الخطرة، التى يمكن نقلها عن طريق البحر؛ فالزيت، والبترول كثافتهما أقل من الماء، ولا بد أن يطفو هذه أو ذاك أعلى الماء حتى نستطيع أن نراه، ونكافحه، ولكن لو كانت مادة كيميائية، من الممكن أن تذوب فى المياه أو تترسب، ويكون من الصعب مواجهتها، ومن ثم نعمل على خططها منذ الآن قبل وقوع مثل تلك الحوادث، وكيفية معالجة أى أزمة حال حدوثها.