خبراء نفس واجتماع: التعامل النفسى شريك فى «المواجهة».. والحذر مطلوب عند «الاحتواء»
بحرى
قال خبراء علم اجتماع سياسى وعلم نفس إن التعامل النفسى شريك رئيسى فى خطة مواجهة الإرهابيين العائدين إلى بلدانهم، وأوضحوا أن الدولة يجب أن تتعامل مع هذا الملف بحذر، وأشار الخبراء إلى ضرورة الفصل بين الأسر المصرية والمستثمرين المصريين الذين كانوا فى سوريا للمعيشة والعمل، وبين العائدين الذين كانوا فى صفوف الجماعات الإرهابية وانخرطوا فى أعمال عنف وإرهاب.
«ثريا»: الدولة قادرة على التعامل الصارم مع «العائدين».. ولا مجال لإدماجهم بالمجتمع لأنهم دأبوا على العنف ويجب إلغاء «المصالحة» معهم
وقال الدكتور إبراهيم حسين، أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس إن «التعامل مع العائدين لا يمكن اختزاله فى إطار الحرب على الإرهاب فقط، فالتعامل الأمنى لا يكفى وحده للتصدى لتلك الظاهرة، بل يجب وضع التعامل النفسى على رأس الأولويات، فهناك أزمات نفسية لدى هؤلاء الشباب الذى رحلوا إلى سوريا دفعتهم لذلك وعودتهم إما أن تكون للهروب من الجماعات أو العودة لتنفيذ مخططات ما فى مصر، ويجب التعامل بحذر معهم لإعادتهم للفكر الصحيح، أو مواجهتهم وإحباط مخططاتهم حال الإصرار عليها.
وقال الدكتور هاشم بحرى، رئيس قسم الطب النفسى بجامعة الأزهر، إن سفر الشباب لسوريا والعراق كان لأسباب نفسية، إما للشعور بالعزلة أو السعى لبناء مجتمع جديد برؤية أو روح الجماعة أو الشللية بخلاف الأسباب الدينية الأخرى التى يتصورونها، ويجب التعامل مع هؤلاء الشباب بمنظور مختلف حال عودتهم وليس وضعهم فى سلة واحدة، حتى يمكن التعرف على أسباب المشاركة فى القتال خارج مصر، وهل هناك إمكانية لإعادتهم لأحضان الوطن من جديد.
وقال الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسى بالجامعة الأمريكية، إن هناك مجموعات من العائدين يمكن النظر فى أمرها ومعاملتها وفقاً للرؤية الأمنية، لأنهم ليسوا عائدين من بعثات تعليمية ولا يستطيع أحد أن يقول إنهم أبرياء أو نأخذهم بالأحضان.
وأكد «صادق» أن تلك المجموعات ستكون إضافة للذراع المسلحة للإخوان مثل «العائدين من أفغانستان والبوسنة» الذين نفذوا عمليات إرهابية ضد السياح وقوات الأمن فى التسعينات، فهؤلاء أصبحوا متوحشين، ولا يصح تركهم أو التعامل معهم على أنهم أبرياء أو ضحايا، أو التسامح معهم فهم محترفو قتل وذهبوا إلى سوريا وغيرها من أجل القتل. وأشار «صادق» إلى أن التعامل الأمثل مع ممارسى العنف يكون كالتعامل مع المجرمين، وإيداعهم فى السجون لأنهم تدربوا على القتل ودخلوا سوريا بطريقة غير شرعية، وبعد انتصار سوريا وعودتهم لمصر سينضمون، إذا تمكنوا، للإرهاب فى سيناء أو يؤسسون تنظيمات إرهابية جديدة.
«صادق»: مجموعات من العائدين يجب معاملتها وفقاً للرؤية الأمنية لأنهم ليسوا عائدين من بعثات تعليمية ولا يستطيع أحد تبرئتهم
وأضاف أستاذ علم الاجتماع السياسى أن الحرب فى سوريا هى مؤامرة أمريكية و«الغنوشى» أقام مؤتمراً سماه «أصدقاء سوريا» لإرسال المقاتلين إلى هناك بعد تلقيهم تدريبات من أجهزة الاستخبارات الأمريكية، ودول الخليج مولت الحرب، والدول التى حكمها الإسلام السياسى رحبت بذلك، وهو ما دعا إليه «محمد مرسى» إبان حكمه، والنظام الإخوانى أخرج هؤلاء من مصر لخدمة الأجندة الأمريكية.
وقالت الدكتورة ثريا عبدالجواد، أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس، إن طريقة التعامل مع العائدين من منطقة الحرب فى سوريا لا بد أن تكون قائمة على «فلترتهم» وتقسيمهم إلى فئات، فلا يعقل أن يتم التعامل مع الأسر التى كانت تقيم فى سوريا ولها نشاطات تجارية واستثمار نفس معاملة الذين ثبت انتماؤهم لجماعات الإرهاب وانخرطوا فى عمليات العنف.
وأضافت: «الدولة قادرة على التعامل مع النوع الإرهابى من العائدين لأن لديها تقارير أمنية وبيانات بعدد هؤلاء وتحركاتهم، وهؤلاء لا بد من التعامل معهم بشكل أمنى صارم، ولا سبيل لإدماجهم فى المجتمع لأنهم دأبوا على العنف وخرجوا من جماعات دموية ترفض الآخر». وأوضحت أن فكرة المصالحة المطروحة لا بد أن تُلغى نهائياً لأن الدمج فى المجتمع يكون مع من لم تتلوث يده بالدماء ولم ينخرط فى أعمال دموية، والتصالح يكون مع فصيل أو مجموعة مختلفة فى الرؤية والفكر من باب تقبل الآخر فقط، أما القتلة فلا يمكن التصالح معهم، فمن غير المعقول أن يأتى شخص ويشعل النيران فى كنيسة مثلاً أو يذبح شخصاً لمجرد الاختلاف معه فى الدين ويأتى أحد ليتحدث عن المصالحة.
وعن دعوات إعادة تأهيل الإرهابيين العائدين ودمجهم فى المجتمع بدعوى أنهم «مغرر بهم» ترى أستاذ علم النفس أن كل إنسان مسئول عن تصرفاته، حتى لو كان نظام الإخوان الذى دعا للحرب فى سوريا، وسهّل خروجهم، فهم كانوا يحاربون من أجل منفعة شخصية، إن لم تكن فى الدنيا فهى بزعمهم مكافأة سيحصلون عليها فى الآخرة بدعوى الشهادة، وأضافت: «وقت أن تتعرض بلادى للخطر لا تسألنى عن حقوق الإنسان».