إنه القدر الذى لا مفر منه.. وما زال درع الوطن يفديه ويتلقى عنه الضربات الواحدة تلو الأخرى، وما زال رجال القوات المسلحة البواسل يؤدون واجبهم دون رهبة أو تردد رغم شراسة العدو.. عدو لا يرى أمامه إلا الخراب ولا ينتشى إلا برائحة الدم.
عندما تمارس حياتك بكل هدوء وأمان وأريحية، وتستمتع بالسهر حتى الصباح الباكر، وترتب أوراق الغد فتنام فى سلام لتستيقظ على خبر استشهاد وإصابة مجموعة من رجال القوات المسلحة الأبطال، الذين اختاروا بمحض إرادتهم مكانهم فى الصفوف الأول كـ "درع" واقٍ لحماية الوطن، منتظرين الاستشهاد فى أى لحظة، واضعين حياتهم وملذاتها خلف ظهورهم، يرددون "الله – الوطن" فى مواجهة عدو لا يراعى الله ولا يعترف بالوطن.. إنها الرسالة التى أوصلها الرئيس الراحل "السادات" للشعب المصرى أولا، ثم للعالم أجمع بعد نصر أكتوبر، لتعيش معه عبر العصور.. "لقد أصبح لهذا الوطن الآن درع وسيف يحميه".
نخوض حرب شرسة أكبر من الحروب التقليدية.. اختفت فيها المواجهة وأصبح عدوك جبان خسيس ينتظر فى الظلام ليداهمك فجأة، ثم يواجهه الأبطال ويحبطون مخططه ويسقطون من الجبناء ما يسقطون، ثم يفر أذنابهم كالفئران المذعورة يجرون أذيال الخيبة كما اعتادوا فى مواجهة رجال لا يعرفون إلا النصر، ينازعون الموت متمسكون بالأرض، يدمرون العدو بصمودهم وثباتهم وإيمانهم الحقيقى.
ننعى بشدة أبطالنا حماة الوطن.. نحزن.. تعتصر قلوبنا "القهرة".. يحرق الدمع جبيننا وأعيننا، ولكن.. لا نيأس.. لا نُحبط.. لا نفقد عزيمتنا وقوتنا وإيماننا أمام عدو يمارس معنا سياسة "النفس الطويل".. نثبت ونثق فى الله أولا ثم النصر أو عُرس الشهادة طالما تدور رحى الحرب دون هوادة.. هكذا تعلمنا منهم.. هكذا عودونا.
من يستطيع أن يجسد بطولات هؤلاء؟
من يستطيع أن يؤرخ بطولات هؤلاء؟ من يستطيع أن يعطى الحق لهؤلاء؟
رحم الله هؤلاء وهؤلاء وهؤلاء.
ورد الله كيد الأعداء.
وحسبنا الله ونعم الوكيل.
"الله – الوطن – النصر ".