ضحايا «ريان الإسكندرية الجديد» لـ«الوطن»: كان يقدم الموعظة.. واشتهر بالسيرة الحسنة
شيخ سلفى ملتحٍ، صعد المنبر بالإسكندرية، فقدم للأهالى الموعظة والآية، فأحبه أهل المنطقة ووثقوا فيه، ثم اكتشفوا أنه يمتلك شركات لتوظيف الأموال بنسبة ربح تفوق أضعاف نسبة البنوك، يتاجر تجارة حلالا على المكسب والخسارة، ما جعل شبهة الربا غير موجودة لديهم، فهرع الأهالى من كل حدب وصوب يجمعون كل ما تحصلوا عليه طيلة حياتهم ليضعوه بين يديه، بل ونصحوا أقاربهم وجيرانهم بذلك، وتمر الأيام فيفاجأ الجميع باختفاء الشيخ الواعظ، واختفاء أموالهم معه، لتبقى الحسرة هى الحقيقة الوحيدة أمامهم.[FirstQuote]
إنها قصة ورواية أناس فقدوا كل ما يمتلكون تحت قدمَى الداعية الشيخ عبدالله رجب، خلال الأيام القليلة الماضية، الذى ارتدى ثوب الدين والإيمان والشرف، وتمسَّح كذباً فى الخصال الطيبة والأمانة، وكان ضحاياه آلافاً من أهالى الإسكندرية والمدن المجاورة لها.
يقول أحمد عبدالله، 43 سنة، أحد الضحايا: أعمل موظفاً فى إحدى الشركات وتزوجت منذ 9 سنوات بمنطقة العوايد، وكنت أصلى بمسجد الصفا والمروة هناك؛ حيث كان يؤمنا فى الكثير من الأحيان شيخ سلفى يدعى عبده محمد على، الشهير بالشيخ عبدالله رجب، وقد كان يشهد له الجميع بالسمعة الطيبة والسيرة الحسنة.
وأضاف، منذ عدة أشهر سمعت أن هذا الشيخ لديه شركة توظيف أموال تعمل فى المقاولات وتجارة الحبوب تدعى شركة آل رجب، يشترك معه عدد كبير من أهالى المنطقة الذين يحصلون على ربح شهرى منتظم يقدر بـ500 جنيه عن كل 10 آلاف جنيه، وعندما تقصيت عن هذه الأنباء علمت أن هناك من يعمل معه منذ 5 سنوات، ولم يتأخر الربح عنه شهراً واحداً، بل وعلمت أن هناك من حصل على أرباح تقدر بأكثر من رأس المال الذى دفعه.
وتابع: نظراً لأن راتبى لا يكفى لتغطية نفقات أسرتى بالكامل، فقد قررت أن أجمع جزءا من أموالى وأضعها فى هذه الشركة، وبالفعل منحت الشيخ عبدالله 10 آلاف جنيه منذ 7 أشهر، وكنت أحصل على 500 جنيه شهرياً، ما جعلنى أجمع كل ما معى من أموال، 20 ألف جنيه، وأضعها أيضاً داخل هذه الشركة، حصلت بعدها على الأرباح لمدة شهرين، لأفاجأ بعد ذلك باختفاء الشيخ والأموال معه. [SecondQuote]
وقالت رشا السيد خليفة، إحدى الضحايا: تعاقدت مع شركة آل رجب منذ مارس الماضى، ودفعت مبلغ 10 آلاف جنيه، وبالفعل حصلت على أرباح منتظمة لمدة شهرين، وفى الموعد المحدد لتقاضى الأرباح فى العشرين من كل شهر توجهت فى يونيو الماضى إلى مقر الشركة ففوجئت بأن الأرباح ستتأخر، بدعوى الظروف السياسية والدعوات إلى مظاهرات 30 يونيو ضد الرئيس محمد مرسى. وأضافت: أخذنا نتردد على الشركة حتى تقاضينا أرباحنا فى الثانى من يوليو، لكنهم أخبرونا أن الأرباح ستتوقف فى شهر رمضان؛ لأن الشيخ عبدالله يقضى هذا الشهر فى العمرة والاعتكاف فوافقنا على ذلك، لكننا بعد انتهاء رمضان فوجئنا باختفاء الشيخ عبدالله نهائياً ولم نتقاضَ الأرباح منذ ذلك اليوم، وبدأنا نسمع أحاديث حول هروبه خارج البلاد أو اعتقاله لتورطه مع جماعة الإخوان.
وقصّ مصطفى عبدالله، أحد الضحايا، قائلاً: «كنت أعمل بالسعودية، واشتريت بشقا عمرى كله تاكسى واشتغلت عليه، لكنه ما كانش بيدخل لى ربح كويس، ولما عرفت من أهل المنطقة واخواتى إن الشيخ عبدالله بيدى أرباح كبيرة بتوصل لـ500 جنيه شهرياً لكل 10 آلاف جنيه، وكلها بالحلال من غير ربا ولا غيره، بعت التاكسى ودفعت كل اللى معايا فى الشركة بتاعته، حوالى 70 ألف جنيه، فى البداية حصلت على أرباح بشكل منتظم بس بعد كده اختفى وما نعرفش عنه حاجة». وأضاف: مش أنا لوحدى اللى اتخرب بيتى، فيه أرامل كتير بيربوا أيتام حطوا شقا عمرهم فى الشركة دى ودلوقتى بقوا على الحديدة مش لاقيين العيش الحاف ولا لاقيين يجوزوا بناتهم، حسبى الله ونعم الوكيل.
وقال عماد عيد: منذ 3 أسابيع سمعنا أن الشيخ عبدالله ظهر فى مقر الشركة والتقى عددا من العملاء ممن يشتركون بمبالغ كبيرة بلغت ملايين الجنيهات، وأخبرهم أنه تعرض لخسارة كبيرة، وأن العقد الذى بينهم يقضى بتحملهم المكسب والخسارة معاً، مطالباً إياهم بمساعدته والوقوف معه حتى يتخطى هذه الخسارة، مشيراً إلى أن الأهالى والعملاء رحبوا بذلك واتفقوا معه على موعد يلتقون فيه لتحديد قيمة الخسائر، لكنه لم يحضر فى هذا الموعد ومن يومها وهو مختفٍ. [ThirdQuote]
وأشار إلى أن عدداً من الأهالى بدأ يحصر ممتلكات الشيخ عبدالله ويضع يده على الشقق والأراضى المملوكة له، لتعويض خسارته، فى حين أن الكثيرين يرفضون تحرير المحاضر ضده على أمل أنه سيظهر ذات يوم فلا يعاقبهم على موقفهم ويحرمهم من أموالهم والأرباح، لافتاً إلى أنه وكثيرين تأكدوا من أن الشيخ لن يعود وأن أموالهم صارت فى حكم الفناء، فبدأوا فى اتخاذ الإجراءات القانونية ضد الشيخ الهارب. وأوضح الأهالى أن الحديث عن أن الشيخ عبدالله استولى على مبلغ 200 مليون جنيه منهم هو حديث أقل بكثير من الحقيقة، مؤكدين أن عملاء شركة الشيخ عبدالله تجاوزوا الـ5 آلاف عميل من الإسكندرية والبحيرة وكفر الدوار، منهم من دفع بمفرده أموالا تقدر بالملايين، وبالتالى فإن المبالغ التى جمعها منهم تفوق هذا المبلغ بكثير، مشيرين إلى أن قصة الشيخ عبدالله ستتكرر كل يوم مع ضعف الأجور وارتفاع الأسعار.
وقال اللواء ناصر العبد، مدير مباحث الإسكندرية، لـ«الوطن»: إن المتهم هرب خارج البلاد، وهو الآن فى دولة المغرب، وتوجد جهود أمنية لضبطه.
العقود المحررة بين الضحايا والشيخ