«الداخلية» تعيد الهدوء إلى «العياط» بـ«25 مدرعة و12 مجموعة قتالية و4 تشكيلات أمن مركزى»
سادت حالة من الارتياح والطمأنينة أجواء مدينة العياط جنوب الجيزة، بعد حالة الذعر التى سيطرت عليها لفترة طويلة، وردّد سكانها هتافات: «الجيش والشرطة والشعب إيد واحدة»، وذلك بعد أن وجّهت وزارة الداخلية أمس الأول 12 مجموعة قتالية و25 مدرعة و4 تشكيلات أمن مركزى إلى شوارعها للسيطرة على الأحداث بين البلطجية والأهالى، والتى أسفرت عن سقوط قتيلين واحتراق بعض البيوت والمحلات بالمنطقة بسبب مقتل أحد البلطجية على يد شاب من سكانها.
وقامت المجموعات القتالية والقوات بفتح الطرق وطاردت البلطجية الذين استطاعوا الهرب إلى منطقة «جزيرة» وهى معقل لتجار السلاح والمخدرات والخارجين على القانون، وتمركزت القوات على النيل لمتابعة خط سير المتهمين للقبض عليهم، وحتى الأطفال تركوا مدارسهم وجلسوا فى منازلهم خوفاً من البلطجية، وظلوا موجودين مع القوات ويردّدون الهتافات لهم، وحتى الساعة الواحدة ظهراً كانت القوات قد نفّذت عملية وسط مياه النيل وألقت القبض على اثنين من المطلوبين.
وقاد اللواء كمال الدالى مدير أمن الجيزة، تلك الحملات المدعمة من البحث الجنائى والأمن العام، وذلك بعد أن قام أكثر 600 بلطجى وأنصارهم بالعياط ظهر أمس الأول (الاثنين)، بقطع طريق أسيوط الزراعى أمام مدينة العياط، وقاموا بإغلاق جميع الطرق المؤدية إليها ومنعوا الشرطة من الدخول. وقام المتهمون بإجبار أصحاب المحال على إغلاقها بالقوة تحت تهديد السلاح، مهددين بالانتقام من أهالى المدينة، خصوصاً بعد سقوط أحد زملائهم من البلطجية فى تلك الأحداث، كما اعتلوا مساء الأحد المساجد وهدّدوا أهالى العياط بعدم الخروج من منازلهم يوم الاثنين، معللين ذلك بالانتقام من قتلة أحدهم. وعاش سكان مدينة العياط حالة من الرعب نتيجة كثافة النيران التى يطلقها البلطجية، خصوصاً فى ظل غياب الشرطة التام ورفض مأمور القسم ورئيس المباحث والضباط والأفراد والخفراء الذهاب إلى قسم الشرطة منذ احتراقه خلال أحداث فض اعتصام رابعة. وفرضت قوات الشرطة والجيش سيطرتها على العياط بعد ورود أنباء عن قيام مجموعة من البلطجية بقطع طريق العياط انتقاماً لما حدث من اشتباكات يوم الأحد الماضى، وعلى الفور تحرّكت التشكيلات والمدرعات إلى العياط.[SecondImage]
«الوطن» توجهت إلى منزل الشاب الذى قتله البلطجى «عبده حشيشة» الذى كان الشرارة الأولى لاندلاع الاشتباكات التى أدخلت العياط فى حرب شوارع لمدة 3 أيام، فى بداية الطريق هناك منزل من 3 طوابق محطم تماماً والنيران أتت على كل محتوياته، وهناك تقابلنا مع طفل يُدعى «محمود» فى الصف الخامس الابتدائى، والذى رفض تصويره وقال: «بلاش تصورنى يا باشا، عشان أنا خايف من (درش)».
وقال «محمود. س»، 24 سنة عامل، إن البلطجية قاموا بحرق منزله بعد هروبه وعائلته من العياط، تاركين منزلهم ومتعلقاتهم والمحل ملكهم لبيع الفول والطعمية بمنطقة محطة العياط، وأضاف أنه يوم الأحد وأثناء خروج طلبة المدارس وبالتحديد فى الساعة الواحدة ظهراً اتصل إسلام محمد إبراهيم، 14 سنة، طالب بالصف الثالث الإعدادى، بشقيقه «محمود»، 24 سنة، بائع فى محل والده، وأبلغه بأنه حدثت مشادة بينه وبين أحد زملائه بالمدرسة، فأخذ «محمود» فرد خرطوش وذهب إلى شقيقه وبعد نصف ساعة وجدناه عائداً هو وشقيقه «إسلام» مهرولين إلى منزلهما وأخذا والدهما ووالدتهما وأغلقوا باب منزلهم وتركوا المنطقة، وبعد ساعة علمنا أن «محمود» قتل أحدهم ويُدعى عبده نادى ناصر والشهير بـ«حشيشة»، 24 سنة، بائع متجول، وبعد ذلك وجدنا عشرات البلطجية حاملين الأسلحة النارية يذهبون إلى منزل «محمود» ويطرقون الباب، وعندما علموا بهروبهم كسروا باب المنزل وسرقوا محتوياته وأشعلوا النيران فيه، ثم ذهبوا إلى المحل الخاص بهم بمنطقة المحطة وأشعلوا فيه النيران، وعندما حاول بعض أصحاب المحال التجارية بمنطقة المحطة التصدى لهم أطلقوا النيران فى الهواء وأصابوا محمود أحمد إبراهيم، 25 سنة، بائع، وتوفى على الفور، وهو من عائلة «أبوغويل» وهم صعايدة، وأصابوا اثنين آخرين.
يضيف «علاء. ح»، 28 سنة، موظف، أن البلطجية قتلوا محمود أحمد غويل وهو شاب لا ينتمى إلى أى من أطراف المشاجرة، بل كان فى طريقه إلى المحل ملكهم بمنطقة المحطة وأصابته طلقة عن طريق الخطأ، وأصابوا أيضاً كلاً من أسامة جمال، 24 سنة، بائع فاكهة، بطلق نارى بالساق وعامر عبدالمنعم، 52 سنة، بائع متجول، وأصيب بطلق خرطوش فى الساق أيضاً، والاثنان تم نقلهما إلى مستشفى قصر العينى الفرنساوى ونقلت جثث المتوفين إلى المشرحة والمصابين إلى المستشفى. وتابع: «العياط شهدت ليلة لم تشهدها من وقت ثورة 25 يناير واحتراق مركز الشرطة، حيث قام البلطجية برئاسة زعيمهم مصطفى نادى مأمون الصقر والشهير بـ(درش)، 24 سنة، وهو تاجر مخدرات وسلاح ومقيم بمنطقة الجزيرة بإطلاق النيران على المنازل وعلى الأسطح طوال الليل، ومن خوف الأهالى على أنفسهم وأبنائهم رفضوا الخروج من المنازل، وظلوا فى انتظار الحرب التى توعدهم بها البلطجية».[FirstQuote]
وأضاف: «يوم الاثنين وجدنا البلطجية يقطعون الطريق الزراعى بين العياط وأسيوط وقاموا بإطلاق الرصاص فى الهواء، وفى الساعة الثانية عصراً، وبعد دفن محمود أحمد إبراهيم الذى قتله البلطجية، قامت عائلته وعائلات الصعايدة وبعض عائلات من العياط بحمل الأسلحة النارية واتجهوا إلى الجزيرة، حيث منزل البلطجية الذين قتلوا ابنهم، ولكنهم لم يجدوا أحداً منهم، وقاموا بإشعال النيران فى منزلين وعادوا إلى منطقة العياط فى انتظار ظهور البلطجية، الذين عندما علموا بما فعله الصعايدة، تركوا الطريق الزراعى متجهين إلى منطقة المحطة، ووقتها كانت قوات الجيش والشرطة قد توجّهت إلى العياط بالمدرعات وقوات الأمن المركزى، وتقابل العقيد خالد عميش مع كبار عائلات الصعايدة والعياط، للوصول إلى حل لكى يتم السيطرة على الوضع الأمنى المتدهور بالمنطقة، وبالفعل حدث هدوء نسبى ونزلت قوات الجيش إلى الجزيرة فى حملة لتطهيرها من البلطجية والخارجين على القانون وتجار السلاح والمخدرات.
أما «حسن. أ»، 31 سنة، عامل، فقال: «أمتلك ورشة لرش السيارات وقد قام (درش) بسرقة سيارتين من أمام الورشة وطلب منى دفع مبلغ 20 ألف جنيه لإعادتهما، وبالفعل دفعت المبلغ واستعدت السيارتين، وذلك على الرغم أن أصحاب السيارتين يعرفون جيداً أنه سرقهما، ولكن السيارتين كانتا فى حيازتى». وأثناء خروجنا من العياط استوقفنا رجل عجوز فى العقد التاسع من العمر يجلس على الأرض، وطلب أن يتحدث إلينا. وقال: «المال والنفس شىء لا يُذكر أمام الشرف، وكل الناس اتكلمت عن قتل الأبرياء وعن الفلوس اللى دفعوها للبلطجية، بس ما قالوش إن البلطجية لما كانوا يلاقوا بنت أو امرأة تعجبهم ياخدوها من زوجها أو والدها بالإكراه، وكل واحدة تم اغتصابها معروفة بالاسم وماحدش قدر يعترض».