خالد شحاتة.. مبدع مغارة الفنون: المهنة بتنقرض.. أنقذونا
«الفن ما يتُهش سحره ودلاله.. اهتز فوق خان الخليلى هلاله.. عاوزك لوحده تكتفى وتخلى له.. لكن ما تكرهش البشر والناس» حفر المعادن فن انتهى ولم يبق منه إلا تلك الورش القديمة التى تحاكى أماكنها فى القدم، شاب أربعينى يمتلك إحداها تأخذك قدماك لشارع المعز فى ليلة رمضانية فتجده جالسا أمام ورشته لم يكن وحده بل جالسه أخاه كل منهما وضع أمامه قالبا شمعيا ضخما ثبت فيه قطعة نحاسية وأخذ يحفر عليها تلك الأشكال التى سبق وحفرت فى عقله ووجدانه على مدار سنوات عمره.
«يا ألف ليلة شفت من أنشاك.. نور عيدان الشمعدان والمشاكى.. دقدق على سن الحديد الشاكى.. قسم تقاسيم النسيم فى النحاس» كلمات فؤاد حداد، تروى قصة الشاب خالد شحاتة الذى ولد فى بيت فنى وارثا المهنة أبا عن جد، الجميع يطلقون عليه لقب «الفنان» يمسك بسن النقش الصلب وكأنما يمسك ريشة بغير ألوان فى لوحة تبدل لون أرضيتها من الأبيض إلى الأصفر الذهبى، ذلك اللون المتلألئ فى عينيه يتذكره دوما فقد أصبحت تلك القطعة البيضاوية المصنوعة من النحاس هى معشوقته ورفيقته اليومية لمدة عشر ساعات متواصلة يجلس أمامها ليصيغها وينحتها من جديد يضيف عليها أحيانا ورودوا أو دوائر وفى أغلبها لفظ الجلالة يزينها وآيات القرآن الكريم تطعمها «إحنا شغلنا معظمه إسلامى وده أصعب بكتير من الفرعونى».
كوب الشاى وفنجان القهوة لا يفارقان يده بعد إفطار المغرب فى رمضان ويده الأخرى لا يفارقها هذا الشاكوش الصغير المخصص للدق على السن الصلب المخصص للحفر على المعادن «حفر النحاس اتحفر جوايا بيتهيألى ممكن أشتغل وأنا نايم».
يتذكر وقت أن بدأ والده يعلمه تلك المهنة التى بدأها وعمره أربعة عشر عاما وانتهى منها وقد أتم عامه الخامس والعشرين «عشر سنين باتعلم فى المهنة دى لحد ما شربتها» إتقانه للمهنة لا يعنى أنه قد ترك التعليم فقد أصر والده أن يكمل تعليمه ولكن الغريب أن تخصص خالد فى الدبلوم الصناعى كان «ميكانيكا السيارات» التى كانت من الممكن أن تكون أكثر ربحا ولكن «العشق غية».
«مغارة الفنون» هى حلمه الذى يخطو فيه خطوة بعد أخرى بصعوبة شديدة «فيه أربع فنون شبه انقرضوا وإحنا آخر جيل فيهم» يخشى أن تمر الأيام كلما توفى أحد مشايخ المهنة يفكر فيما سيأتى فى قابل الأيام «المهنة هتروح لو احنا روحنا» من هنا فكر فى تلك المغارة التى تجمع الفنون الأربعة «نقش على المعادن، الآركيت وحفر الألوان على النحاس والربساية».
خمسة آلاف جنيه هى كل ما تحتاجه رابطة فنانى النحاس لتستكمل مشروعهم فى إعداد مغارة الفنون «أخدنا المقر أمام قصر بشتك لكن لسه التجهيزات والأدوات التعليمية»، حلمه لا يحتاج رئيسا يضعه ضمن أولويات مهامه ولا وزارة تجعله ملفا خاصا ولكنه يحتاج رؤية وبصيرة «عايزين ناس بتحب مصر».