م الآخر| قيود الحياة ما بين الفقر والغنى
تمر أيام حياتنا بمراحل عديدة، لا ندري كيف يمكننا الله بقدرته على التكيف معها ولا نعلم كيف وضعنا القدر فيها، أحوال تتغير وأمور تتأتى كل يوم بثوب مختلف، حياتنا تتحول بين اللحظة والأخرى وأشياء احتسبناها ستبقى على شاكلتها ولكننا نتفاجأ باختلال نظامها.
عندما كنا صغارًا تحررت أروحانا من أعباء الدنيا ومن هذا التقسيم والتصنيف ما بين غني وفقير وطغت براءتنا على قدرتنا في معرفة أساسيات الحياة.
نلعب نضحك نمرح دون وعي أو إدراك بما نفعله غير أنها أمور جديدة نمارسها ربما تفيدنا بعد ذلك وربما لا نأخذ منها سوى الذكرى والفرحة الجميلة.
ومرّت السنين تلو السنين وها نحن في دنيا التلاهي! وأحاطت بنا القيود والظروف حتى أصبحنا عاجزين عن القيام بأشياء كثيرة.. فرحمة الله على الإنسان!
أصبحنا في زمن أُقيمت فيه الأسوار والسدود والأشواك وأُلغي فيه مفهوم الموازنة الحقيقية بين العمل والوجدان.
أصبحت الحياة مثل السفينة، تتلاعب بها الأمواج أو كقشة رماها الريح بالأدراج أو كمريض يريد الشفاء ولا يجد العلاج.
كادت الطبقات الفقيرة من كثرة الأعباء والضغوط أن تنفجر أرواحهم، فمن عمل لآخر من أجل الحصول على عائد قليل لا يستحق هذا العناء والجهد فأعمالهم كأنها دون مقابل إن صح التعبير !
وعلى النقيض تمامًا، نرى معظم الطبقات الثرية تقضي أكثر أوقاتها في الاستمتاع بأموالها على حساب العمل.
ومن هنا نجد انعدام الموازنة الحقيقة بكل ما تحمل من معنى، فهذا فصيل يقضي أوقاته في العمل على حساب حياته وفصيل يقضي أوقاته في إرضاء شهوات النفس على حساب العمل.
ومن هذه النظرة نجد أن الخاسر الوحيد هي بلدنا.
ولكن كيف..؟
فإننا نفقد كل يوم أناسًا من كثرة ما تتحمل من العناء وتتحامل على ما وهبها الله من الصحة فتتبدد على المدى البعيد ومن ثم منهم من يفارق الحياة ومنهم من تفنى صحته فيصبح غير قادر عن العمل.
وعلى الجانب الآخر أناس تهمل عملها وتضعه خيارها الثاني في معظم أوقاتها وبالتالي فتقل العمالة والإنتاجية في بلدنا ويتسبب كل هذا في التأخر وحالات الركود التي نعاني منها في كل المستويات والمجالات.
فعلى غلفة منا !
فقدنا الكثير من الأشياء وتنازلنا عن كثير من الأشياء ووجدنا أنفسنا فوق بقعة من واقع لا تمت لأحلامنا بصلة وأجسادنا أدوار لا تناسبنا ولا تحمل ملامحنا.
فتمر سنوات العمر ونكبر وتتغير ملامحنا في المرآة وجفت أشجار أيامنا وبدون أن نشعر نفقد صحتنا كالماء وتصبح طقوسنا وتفاصيلنا تاريخًا وارتفع صفير القطار الأخير !!
أما عن الحل فهو يكمن في كلمة وطن وعدالة اجتماعية واضحة المعالم تحسم في قضية التفاوت وتمحي معالمها.
دمتي يا حياة غريبة عجيبة ودامت قيودك !!