هل أصبح المجلس القومى لحقوق الإنسان الذى انتهت مدته منذ عامين بتشكيله الحالى شوكة فى ظهر الدولة؟.. هذا السؤال تبادر إلى ذهنى بمجرد قراءة «تويتة» ناصر أمين عضو المجلس، تعليقاً على إعدام الإرهابيين التسعة الذين خططوا ونفذوا جريمة اغتيال النائب العام هشام بركات، قائلاً: «الإعدام عقوبة قاسية ولا إنسانية يجب أن يتم العمل على إلغائها ووقف العمل بها فى مصر فوراً».. كان يمكن لى تفهم وجهة نظر السيد «أمين» باعتباره حقوقياً نشطاً، أو أن هذه قناعته، لولا أننى تذكرت رأيه الذى قاله فى أحد المؤتمرات قبل أكثر من عشر سنوات -عام 2008- رداً على المطالبين بوقف عقوبة الإعدام فى التشريعات الوطنية فى مصر، وقال «توجد جرائم لا يجوز فيها إلغاء عقوبة الإعدام لأن ذلك ضد مبدأ الردع، وحقوق الضحايا، كما أن ذلك يتعارض مع نصوص الدستور المصرى، الذى يعتمد الشريعة الإسلامية كمصدر رئيسى للتشريع، وهى -أى الشريعة الإسلامية- تعتمد مبدأ القصاص».. أيهما نصدق هنا، ناصر أمين 2008، أم ناصر أمين موديل 2019؟!!!.
ما يثير الحيرة -والريبة أيضاً- أن هذا التعاطف من عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، يتماهى فى الوقت الراهن تحديداً مع موقف جماعة الإخوان الإرهابية تجاه تنفيذ حكم الإعدام فى قتلة النائب العام، وتحاول التشكيك فى الحكم، وترفع لواء المظلومية كذباً كما اعتادت.. أطرح سؤالى، هل أصبح المجلس القومى لحقوق الإنسان بتشكيله الحالى شوكة فى ظهر الدولة؟ فى سياق رصدى لأداء وسلوكيات عدد لا يمكن إغفاله من أعضاء المجلس، لا يمكن افتراض حسن نواياهم.. القانون حدد مهام المجلس القومى لحقوق الإنسان بأن يبدى الرأى فى مشروعات القوانين واللوائح المتعلقة به وبمجال عمله، ودراسة الادعاءات بوجود انتهاكات لحقوق الإنسان، وتقديم ما يلزم من توصيات فى شأنها للجهات المختصة بالدولة، ووضع خطة عمل قومية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان فى مصر، واقتراح وسائل تحقيق هذه الخطة، وأشار القانون إلى أن يضع المجلس تقريراً سنوياً عن حالة حقوق الإنسان، كما يتضمن جهوده ونشاطه، وما يراه من اقتراحات فى نطاق اختصاصاته، ويقدم المجلس تقريره إلى كل من رئيس الجمهورية ومجلس النواب ومجلس الوزراء.. مرت عدة سنوات على تشكيل المجلس، وانتهت مدته، وتم المد له، ولم نشهد أداءه ككيان فى إطار المهام الموكلة إليه بنص القانون، ولم نضبطه مرة -مرة واحدة- يرد على تقارير المنظمات الدولية المشبوهة ضد الدولة المصرية، فقط شهدنا استغلال أعضائه لمواقعهم لتحقيق أهدافهم -الشخصية والسياسية- وتورط آخرين فى دعم التيارات والجماعات الإرهابية، مثل كمال الهلباوى، عضو المجلس حالياً -الإخوانى سابقاً- الذى يقيم الآن فى العاصمة البريطانية لندن، ويسعى لدعم الجماعة الإرهابية، بطرحه مبادرات للتصالح معها، ويهاجم الدولة بشكل معلن لعدم استجابتها لمبادراته!.
من بين أعضاء المجلس من استغل عضويته للتواصل مع سجناء جنائيين من زبائن مكتبه كمحام -أو محامية- وزيارتهم فى السجون، وهو ما أدى لأزمة مع وزارة الداخلية فى وقت ما، وهناك من أصحاب المنظمات الحقوقية ممن يمهدون الطريق لأنفسهم بتملق المنظمات الدولية المشبوهة، على أمل أن تستعين بهم لاحقاً بعد انتهاء عضويتهم بالمجلس القومى.
هل لك عزيزى القارئ أن تعلم أن أحد الأعضاء انتهز فرصة قيامه ضمن وفد رسمى للمجلس بزيارة المجلس الدولى لحقوق الإنسان فى جنيف، وطلب حق اللجوء السياسى هناك مدعياً ملاحقته من النظام المصرى بسبب مواقفه الحقوقية.
فى وجود هذا المجلس، وبتشكيله هذا، ستقوم مصر فى نوفمبر المقبل بعرض تقريرها الدورى عن حالة حقوق الإنسان أمام المجلس الدولى فى جنيف، فهل يقنعنى أحد من المسئولين بمعقولية هذه المعادلة؟
فى أغسطس من العام الماضى قال الدكتور صلاح حسب الله، المتحدث باسم البرلمان: «مجلس النواب يضع على رأس أولوياته التشكيل الجديد للمجلس القومى لحقوق الإنسان».. ومن يومها لا حس ولا خبر.. ويبدو أن البرلمان لن يتحرك إلا بعد أن نلبس فى الحائط.